بين الدكتور محمد هشام النعسان من معهد الثرات العالمي العربي في محاضرته التي تم مناقشة فحواها بمقر قاعة الإجتماعات للمجلس الشعبي الولائي بحضور مختصين في الأثار و مهتمين بالتاريخ القديم الذي يسرد جمالية التراث المعماري أن الكتابة الزخرفية لا تزال تعاصر الأزمان المتعاقبة ويتكئ عليها بناة الحضارات ليستعينوا بها في كتابة تاريخهم على جبهة الريح وبين أحضان التراث و تساءل عن السر الذي جعل البشر في تلمسان وحلب إلى الكتابة يعتمدون على الحجر في الكتابة الأثرية إلى درجة الإتقان بإعطاء لها الأهمية القصوى . و قال رئيس تحرير مجلة موقع أرض الحضارات بسوريا إن للوحات الكتابية الحجرية على واجهات المباني الأثرية (الدينية، المدنية، العسكرية،..) وداخلها أهمية كبيرة في توثيق المرحلة التاريخية للمبنى والزمن الذي أنشأ فيه أثناء مدة ولاية الحكام في الفترات المتعاقبة أين كانت الكتابات هي أحد المعالم الأثرية الرئيسة، والدلالة الحقيقية على كل من قام بالإنشاء أو الإضافة أو التعديل للمبنى وأيضاً على الحقبة الزمنية التي تم فيها إنشاء المباني بتلمسان في المرحلة المرينية وبحلب (المملوكي). مشيرا إلى أنه تم التأمل في أي لوحة خطية من الكتابات الأثرية على الأحجار التلمسانية والحلبية ودرسها الواحد منا نجدها تحمل إلى جانب جمال الخط والأثر سمات أساسية تتمثل في المعنى والتاريخ والتناظر والانسجام والإحكام.. ونجدها تنطق بحضارة الأجداد وبإعلان عقائدهم ثقة، وقوة، وإيماناً. فإذا تمعنا في مدينة حلب كمتحفا كبيرا للحضارات المتعاقبة منذ القدم وصولاً إلى الحضارة العربية الإسلامية، فهي من المدن الفريدة التي تتجمع فيها المعالم الحضارية التي توضح بشكل متصل تاريخها عبر العصور فإنها تحتل مكان الصدارةفي خط النسخ كخط رسمي يظهر على العمائر و ترتب الثلث مكان الخط الكوفي و إن لم يقض عليه بل ظل يستخدم في المرتبة الثانية على العناصر المعمارية، وعمل الخطاطون على التفنن في زخرفته وابتكار أنواع منه تتسم بالطابع الزخرفي مع شيوع امتداد بعض نبرات الحروف بالكلمة حتى تتساوى في طولها مع قامات الألفات في النص تحقيقاً للتماثل الزخرفي طبقاً لما يمليه الفنان. مضيفا أن تعقيد الحروف وتضفيرها أو زخرفتها بفروع مثمرة قل وضوحها وصعبت قراءتها وطغى الطابع الزخرفي عليها،بحيث تنوع كتابة الهاء واللام بفرع يظهر تصاعده للأعلى واحتواء الرنك الكتابي على عدة أسطر كتابية بعد أن كان شائعاً على سطر كتابي واحد هذا فيما يخص الكتابة الزخرفية الحلبية. أما إذا نظرنا إلى تلمسان من ذات الناحية الجمالية التي تزركش المعالم الحضارية و التي قال عنها المختص في التراث العربي و أمين سر الجمعية السورية لتاريخ العلوم ، عديدة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتشهد على عراقة حضارة امتدت قرون وجعلت المنطقة مصدر إشعاع علمي وفكري لأن أغلب الكتابات نسخية مصاحبة للزخارف النباتية والهندسية، وتقوم على مستويين أو ثلاثة، وتتصل الزوائد الزخرفية فيها بنهايات الحروف أو تنمو منها أو تملأ الفراغات بينها كما أن أسلوب الحفر البارز في الزخرفة كتبت و تجسدت على قطع الزليج بلون أسود على أرضية بيضاء و هذا ما أدى لتشابكها الحروف والزوائد الزخرفية فلذلك يصبح الأمر معقداً في قراءتها وتحليل أبجديتها . وركز نفس المحاضر بجامعة حلب أن معظم الحروف إتخذت مظهر الانسجام والتوازن في حركتها من حيث امتدادتها صعوداً ونزولاً، انحناء واستقامة، ميلاً وانحرافاً. وهو ما جعلها تبدو في صور تتسم بكثير من الرقة والرشاقة والجمال الكتابي في بعض المباني الأثرية في تلمسان وحلب ومقارنتها بالكتابات الحجرية و التي وضح أهميتها المتدخل في مختلف نواحي الحياة الدينية والعلمية والأدبية... كما أن توثيق هذه اللوحات الكتابية الحجريةإعتبرها وسيلة للحفاظ على هذه الزخارف الكتابية وإجراء الترميمات الضرورية لها باستخدام مواد عازلة تحميها من العوامل الجوية و هذا مانحتاجه حقا في حماية أصلية الآثار التي بقيت تروي ماضي الماضي للأجيال المتعاقبة و جعلت منا المادة الدسمة في البحوث العلمية و التاريخية بجامعات العالم العربي و الإسلامي في الوقت الراهن كفترة إستنهاضية تسعى لنفض الغبار عن المخلفات الكثيرة التي لا تحصى و لا تعد .