يساهم الهلال الأحمر الجزائري بسعيدة ككل سنة في مد يد المساعدة والتكفل بالأشخاص بدون مأوى ، طيلة فصل الشتاء وهذا من خلال تقديم وجبات ساخنة لهؤلاء ، إلى جانب أغطية وبعض الألبسة التي توزع على الأطفال خاصة، فالعمل الإنساني يبقى متواصلا في هذه الهيئة من أجل تقديم يد العون ككل مرة للمحتاجين، و الأشخاص بدون مأوى هذه الفئة من المجتمع التي هي بحاجة فعلا إلى التفاتة إنسانية خاصة مع الظروف المناخية الصعبة التي تشهدها الولاية ، حيث رافقت الجمهورية ليلة أول أمس فرقة تابعة للهلال الأحمر الجزائري في مهمتها الإنسانية لجمع المتشردين و المختلين عقليا ونقلهم إلى مركز ضيق التنفس ببلدية عين الحجر على بعد 8 كلم من عاصمة الولاية كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة مساء عندما انطلقنا على متن سيارة الهلال الأحمر الجزائري من أمام مقر ذات الهيئة الواقع وسط مدينة سعيدة مرفوقين بأعوان الأمن ليتدخلوا إذا ما حصل أي مكروه،و الحماية المدنية لإسعاف المرضى وممثل عن مديرية النشاط الاجتماعي لحمل المتشردين على متن الحافلة. *عمي جلول وخالتي زهرة .. معاناة طويلة وجهتنا الأولى كانت نحو بلدية أولاد خالد و لدى وصولنا، بدأ أفراد الهلال الأحمر الجزائري يبحثون عن من يبيتون في العراء بلا مأوى في عز البرد الذي تعرفه الولاية هذه الأيام ، أين صادفنا أول حالة لامرأة عجوز في عقدها السادس تدعى خالتي زهرة من نفس المنطقة وبمجرد أن عرضت عليها الفرقة فكرة مرافقتها وافقت بدون تردد، اقتربنا منها لتحكي لنا عما في صدرها كان يبدو على ملامحها التعب الشديد و إرهاق السنين فرحت كثيرا لما جلسنا معها و قالت شاءت الأقدار أن أبقى وحيدة بلا عائلة بعد أن طردني آخي قضيت سنوات عمري في خدمته وأبنائه و لم أتزوج لأجد نفسي في الشارع، سألناها عن الوقت الذي أمضته متشردة في الشوارع سكتت لبرهة لتغمر عيناها الدموع وراحت تردد "أين كنت و أين أصبحت" وطلبت منا تركها لوحدها مفضلة ترك تفاصيل حكايتها داخل أقفاص صدرها، واصلنا مشوارنا متوجهين إلى عاصمة الولاية و بالضبط بحي لامارين الشعبي وجدنا شاب يبلغ من العمر 35سنة يبيت بإحدى المحلات طلب منه أعضاء الفرقة التوجه معهم للمركز لكن رفض وقدمت له وجبة ساخنة حاولنا الحديث معه عن الظروف التي جعلته يبيت في العراء، لكنه رفض الحديث، وفي نفس الحي صادفنا امرأة تدعى تالية البالغة من العمر 40 سنة وبمجرد أن لمحتنا قامت من مكانها ورفضت الحديث إلينا اقتربنا منها وحاولنا إقناعها أننا نريد فقط أن ترافقنا إلى المركز على الأقل لتناول وجبة ساخنة و المبيت في جو آمن إلا أنها ردت "اتركوني بسلام" لفيا يكفيني" وغير بعيد عن هذه المرأة وجدنا عمي جلول البالغ من العمر 56 سنة في حالة يرثى لها بعد أن تمكن منه المرض وراح يكرر "بأنه وحيد مقطوع من شجرة" ، عبارات توحي بحجم الألم الذي بداخله، بدون ان يسرد لنا تفاصيل معاناته وطلب منا إيصال رسالته إلى السلطات المعنية بإرجاعه إلى درا المسنين بعد أن غادرها في وقت مضى وقال انه يبيت في المركز و في الصباح الباكر على الساعة السابعة يغادر المكان و أضاف انه لم يعد قادرا على حياة الشارع وقسوة البرد ، بعد أن أصبح جسده مرهقا نحيفا حتى الرمق الأخير ...كلها حالات وغيرها تحتاج إلى أخصائيين نفسانيين و أطباء و الذين لاحظنا غيابهم في هذه الخرجة *أشخاص بدون مأوى يرفضون التنقل إلى مركز الإيواء لبعد المسافة ورفض البعض مرافقة المجموعة لمركز الإيواء ببلدية عين الحجر بسبب بعد المسافة، والمختلين عقليا خوفا على أنفسهم حسبهم ، كما أشار هؤلاء للرائحة الكريهة التي تملأ المركز وفي طريقنا إلى المركز لمحنا أشخاص نيام في الشارع بجانب محلات الرئيس الواقعة بالقرب من موقف الحافلات ببلدية عين الحجر وبمجرد اقترابنا منهم اكتشفنا أنهم أشخاص من أصول افريقية كان عددهم قرابة 15 شخصا من بينهم أطفال حيث قدمت لهم المجموعة الأكل وطبعت الابتسامة وجوه هؤلاء عند استلام وجبة ساخنة في هذه الليلة الباردة وكانت أجواء مميزة طبعتها مظاهر التضامن .
*الهلال الأحمر يوجه نداء لوالي الولاية لفتح مركز إيواء وفي هذا الإطار وجه رئيس الهلال الأحمر الجزائري بسعيدة السيد حكوم بن إبراهيم نداء إلى السلطات المحلية و على رأسهم والي الولاية لوح سيف الإسلام بفتح مركز استقبال للتكفل الفعلي بهذه الفئة من خلال استقبالهم ودراسة حالتهم وإرجاعهم الى حياتهم الطبيعية ودمجهم في المجتمع، خاصة وأن عددهم في تزايد مستمر حيث في كل خرجة يتم التكفل ب 12 إلى 25 شخص ، بالإضافة إلى العديد من العائلات والمتشردين الذين يقصدون الهلال الأحمر الجزائري بحثا عن مكان للمبيت ويرفضون التنقل إلى المركز ببلدية عين الحجر بسبب بعد المسافة ما يتطلب التدخل العاجل لمساعدة هذه الشريحة من المجتمع ورعايتهم والعناية بهم، و أضاف ذات المتحدث انه لابد من إيجاد حل للأفارقة الذين يبيتون في الشارع وعلى السلطات المحلية أخد الإجراءات اللازمة للتكفل بهم وحمايتهم خاصة وان هؤلاء وجدناهم بمنطقة معروفة بتساقط الثلوج وشدة البرودة. انهينا مهمتنا في حدود الساعة 21.30 مساءا وفي طريق العودة إلى البيت لم تفارق ذاكرتي صورة الذين يبتون في العراء معرضين للبرد والقهر ومختلف المخاطر وتساءلت بألم ترى كم من متشرد يعيش في العراء في هذا الفصل البارد.