إن المتتبع للمسار الأدبي للأستاذ الأديب الباحث محمد مفلاح،يلاحظ أن معظم أعماله الإبداعية بدءا من روايته « الزمن الفلاقي» التي نالت جائزة وطنية خلال السبعينا أن الكاتب أرّخ لمرحلة الثورة التحريرية، مازجا الواقع بالخيال والتجربة الذاتية كأسلوب للكتابة . وبعد عشرية من الزمن مال الأديب مفلاح إلى نوع آخر من الكتابة، وهو البحث الذي وظفه في أعماله الإبداعية ، فأسهب في إثراء وإبراز تاريخ منطقة غليزان...حيث قام بحفريات في الزمكاني للذاكرة الشعبية ..هذا المسار الإبداعي المتميز ، طبع في نفسية مفلاح، لغة إبداعية أخرى تختلف عن أدوات لغته الروائية خلال مرحلة السبعينات... وعرف عن مفلاح الأديب،أنه يستعمل لغة الحكي بأسلوي سردي وبلغة سلسة وبفصول لا تتعب القارئ ، ففي رواية»غفلة مقدام» ، وأنا أقرأها أحسست أني أقرأ رواية «رحلة السالكين» ، هذان العملان،كلاهما قام فيهما الكاتب بحفريات في الذاكرة الشعبية ونبش التراث. فسفر السالكين ومن خلال شخصياتها قام الكاتب باستنطاق مرحلة السبعينات كعملية تقييمية سياسيا، اقتصاديا،ثقافيا...وتشريح للواقع المعيشي السوسيولوجي للفرد و المجتمع.. في رواية «غفلة مقدام» وضع البطل بين فترتين زمنيتين مختلفتين ، ما جعلها ديانوستيك لنفسية المجتمع في فترتي السبعينات والثمانينات، وتأثيرها على السلوكيات ، أما في عمله» أيام شداد»، فقد أخذنا مفلاح إلى قراءات تأريخية لما قبل الثورة التحريرية والمقاومات الشعبية. ففي هذا العمل الروائي لم يغفل المبدع مفلاح جزئيات الأمكنة والأزمنة والأشخاص...والتراث المادة الدسمة في هذه الأعمال.. إن قراء هذه الأعمال الإبداعية يقرؤون بمتعة تاريخ منطقة غليزان...وتظهر جدلية بدء تاريخ الجزائر التي تزخر بتراثها ورجالها، والتي كانت البوصلة التي خلقت وعيا لقراءة التاريخ قراءة موضوعية ... وهو ما أراد الأديب مفلاح إيصاله للقارئ خاصة الطلبة والباحثين .