- إجلاء 129 شخصا بدون مأوى بوهران - إدماج 42 حالة وسط عائلاتهم منذ بداية جانفي 2019
مع كل مساء يعود كل منا إلى منزله تاركا الشوارع تدب فيها حياة أخرى لنساء و رجال جلهم شباب ظلمتهم الظروف فحرموا من النوم تحت سقف يأويهم و فراش يحضن أجسادهم المنهكة حيث فاتخذوا من الكرتون بديلا لها ومداخل العمارات و الاقبية و قارعة الطريق مأوى لهم ينتظرون من يمنحهم بعض الدفء لمواجهة قساوة برودة الشتاء و ينتظرون المحسنين والجمعيات الخيرية كل ليلة لمدهم بالعشاء وبعض الحاجيات. تجدهم بلباس بالية ووجوه يائسة يلاحقون المارة بنظرات غريبة تخفي روحا معذبة فالكثير منهم ليسوا بمجانين أو متسولين ببساطة رمت بهم المشاكل العائلية إلى الشوارع في رحلة لم تكن من اختيارهم أجبرتهم الظروف على عيشها و تحمل مصاعبها حيث أضحى العديد منهم معروفين لدى المارة و حتى لدى رجال الشرطة الذين يسهرون على حمايتنا و على تنظيم حركات السير اين تجد هذه الشريحة من المجتمع تفضل الجلوس و النوم بالاماكن التي يقوم الأمن بحراستها للشعور بالأمان مثلما هو الشأن بساحة روكس بالمدينة الجديدة وبالضبط بالقرب من مصلحة الأمراض المعدية التابعة للمستشفى الجامعي بن زرجب طلاق الوالدين سبب تشردهم بالشوارع و في خرجة استطلاعية قادت الجمهورية إلى عدة شوارع بأحياء مدينة وهران لا سيما بالمدينة الجديدة التي يتخذ منها العديد من هؤلاء الأشخاص مأوى لهم. تقربنا من بعضهم أين كانت الساعة تشير إلى السابعة مساء فمنعنا بعضهم من اقتحام عالمهم والسؤال عن أسباب تواجدهم بالشارع بشكل دائم ليلا ونهارا و منهم من اكتفى بان الظروف العائلية قست عليه ك «سيد أحمد « ذو ال 22 ربيعا المنحدر من ولاية عين الدفلى الذي اضطر الى مغادرة منزله و سنه لم يتعد ال 15سنة حيث قضى طفولته بالشوارع و قال بانه يكره التسول و هو يعمل على إعادة بيع بعض الأشياء البسطية لكسب بعض النقود و لكنها لا تكفيه حتى للأكل أو شراء حذاء أو النوم في مكان نظيف حتى و ان كان ذلك بالحمام ، و قال و عيناه تكاد تنهمر منهما الدموع بأنه اجبر على هذا الوضع و هو لا زال يأمل في أن يأتي يوم و يعيش كغيره من الشباب بمنزل يغمره دفء العائلة . أما « الياس « الذي هو في ريعان شبابه «26 سنة « فلأول وهلة تظن انه لا يمكن ان يكون بدون مأوى فهو شاب جميل المظهر ثيابه نظيفة و لكن نبرة صوته و نظرات عيونه لا تؤكد ذلك ، فالمشاكل العائلية كانت سببا في خروجه من المنزل في 2008 فوالداه مطلقان و كل منهما أعاد الزواج و لم يستطع تحمل قساوة زوج امه الذي كان يعيش معهم فاضطر إلى الخروج و ترك منزل والدته بمستغانم و التوجه إلى وهران قال إلياس أنه رغم قساوة الحياة بالشارع إلا انه لا يتسول و لا يمكنه فعل ذلك يوما ، و صرح بانه يعمل حمالا من اجل كسب قوته في انتظار ان يتحسن وضعه يوما وأضاف: كلما اشتاق الى والدتي إتصل بها عبر الهاتف للاطمئنان عليها . و بمحاذة محطة القطار أيضا وجدنا شخصان يفترشان الكرتون تظهر علامات البؤس عليهما و لكنهما رفضا الحديث و فضلا الصمت لعل ذلك يداوي جراحهما بتواجد رجال الأمن لا نخاف حياة الشارع لم تستثن منها حتى نساء و شابات في مقتبل العمر كجميلة ذات ال 44 عاما التي وجدناها ترتعش من البرد و تضع فوقها بطانية منحتها إياها إحدى الجمعيات الخيرية ، حيث أشارت إلى انها ألفت النوم على الأرض، وافتراش الكرطون و هذا بعدما غادرت مدينة الجلفة بسبب قساوة زوجة أبيها التي اضطرت للعيش معها بعد وفاة والديها في حادث سيارة و أكدت بأنها لم تكن تتخيل يوما أن تفقد حنان الأم و أمان الأب و يكون مصيرها الشارع خاصة و انه ليس لديها أي أخ وحتى أقاربها لم يرغبوا يوما أن تذهب إليهم و قالت بأنها تحظى بالحماية من رجال الشرطة بالمدينة الجديدة و لم تتعرض إلى أي اعتداء كان حتى أن الجمعيات الخيرية و المحسنين يقومون يوميا بمدّها وجبة عشاء ساخنة و قهوة الصباح و من اجل تأمين احتياجاتها اليومية لا سيما الأكل لم تجد جميلة سوى التسول لكسب لقمة العيش أمام المطاعم مرات «وجبة « و مرات أخرى نقود و لكن لا تتعدى ال 200 دج حسبها ، و أشارت الى أنه سبق و ان تم تحويلها إلى مركز دار الرحمة من قبل و لكنها عاودت الخروج لأنها لم تشعر بالارتياح بعد وضعها في غرفة مع مريضة عقليا لم تستطع تحمل تصرفاتها . يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه « عبد الله « المنحدر من منطقة الرحوية بولاية تيارت بأنه يعاني من مرض عقلي و بنفاذ أدويته لا يمكنه التحكم في تصرفاته و يترك المنزل دون شعور ليجد نفسه في شوارع وهران يتسول . جمع 1000 دينار يوميا من التسول و بالنسبة لصليحة 31 سنة تتخذ من شوارع نهج تلمسان مأوى فهي من منطقة الحاسي بوهران فقدت والديها و أختها خلال العشرية السوداء و عانت بعدها من عدة مشاكل مع اخوها فتركت المنزل و عمرها 12 سنة وخلال تلك الفترة حولت إلى مركز إعادة التربية للبنات بالصديقية الى غاية 21 سنة لتجد نفسها بالشارع ، توجهت بعد ذلك الى العاصمة أين تزوجت بشخص سيء السلوك لم تتحمل العيش معه فطلقت منه و تركت ابنتها معه ذات الأربع سنوات و عادت إلى وهران من أجل مطالبة إخوتها بميراثها في سكن والديها ، و أشارت الى أنه سبق لها و أن تم تحويلها الى دار المسنين و لكنها تركتها و هي تفضل التسول بغية كسب لقمة عيشها و شراء أدويتها كونها تعاني من الضغط الدموي و هي تحصل على حوالي 1000 دينار يوميا من المارة . اجلاء 8495 شخص بدون مأوى الى «دار الرحمة» و مراكز المسنين في 2018 . و في ذات الصدد أوضح مدير النشاط الاجتماعي السيد فضالة محمد بأن حملات إجلاء الأشخاص بدون مأوى لا تزال متواصلة كل أسبوع بالتنسيق مع مصلحة الإسعاف الاجتماعي و الهلال الأحمر الجزائري إلى جانب مصالح الأمن و بلدية وهران من أجل تحويلهم إلى المراكز التابعة لهم على غرار «دار الرحمة» بمسرغين و مراكز المسنين و العمل على إدماجهم الاجتماعي، و أوضح بأنهم تمكنوا خلال عام 2018 من إجلاء 8495 شخص 70 بالمائة منهم شباب و استمرت العملية هذه السنة و قاموا خلالها بإجلاء 129 شخص خلال 36 خرجة من بينها 19 خرجة في الليل و 17 أخرى نهارا إضافة إلى 4 دوريات خارج بلدية وهران ، واستطاعوا إدماج 42 حالة في أوساطهم العائلية غضون العام الجاري و دمج الآخرين في المراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي مديرية النشاط الاجتماعي تؤكد أنّ الأشخاص بدون مأوى ألفوا الشارع و الانحراف و أكد السيد فضالة بانهم أضحوا يجدون صعوبة في جمعهم و التحكم في الظاهرة رغم الجهود التي توفرها الدولة فالكثير منهم ألفوا حياة الشارع و يفضلونها للتسول رغم أن المؤسسات توفر لهم حياة كريمة حتى بعد تحويلهم إليها فسرعان ما يغادرونها لأنه لا يوجد أي قانون يفرض عليهم البقاء بها فيتحصلون على رخصة الخروج التي هي من حقهم و لكن لا يعودوا اليها خاصة ب «دار الرحمة « و صرح بان هذه الفئة أضحت تنتشر بكل مكان خاصة بالمدينة الجديدة و بقرب «المكتبة الجهوية و «نهج معسكر» إضافة إلى الجهة المحاذية لمحطة القطار و بحي «اشلام « خلال الفترات المسائية لا سيما الشباب الذين يتخذون من قارعة الطريق ملجأ لهم بسبب الظروف العائلية و حالات طلاق الوالدين و البطالة التي تلقي بهم إلى الشارع و تدفعهم لدخول عالم الانحراف و الإدمان على المخدرات و السرقة ما في النهار فيتواجدون أمام المساجد و بالقرب من مكاتب البريد و على الأرصفة و الأماكن التي تعرف إقبالا للمواطنين عليها كحي المدينة الجديدة ، جمعيات حاضرة و نوه مدير النشاط الاجتماعي مساعدات المحسنين و الجمعيات الخيرية التي تقوم يوميا بتوزيع وجبات ساخنة على هذه الشريحة خلال الفترات الليلية الى جانب الاغطية لحمايتهم من قساوة البرد لا سيما و نحن في فصل الشتاء علما بان هذه المبادرة اضحت تعرف توسعا حيث انضمت اليها مؤخرا جمعية «لالا للقلب المفتوح « و «جمعية البحر الابيض المتوسط «اللتان قامتا بدورها مع نهاية الاسبوع الفارط بتوزيع 100 وجبة عشاء ساخنة على الاشخاص بدون مأوى بالتنسيق مع مصالحه مديرية النشاط الاجتماعي و اكدت تنظيم هذه المبادرة كل اثنين و جمعة .