شهدت الجزائر ثلاث جمعات متتالية من المظاهرات والمسيرات السلمية وكذا مسيرات للنخب من المحامين والطلبة والصحفيين رفع فيها المتظاهرون شعارات ولافتات أبرزها « سلميّة سلميّة»، «شعب واعي .. حراك سلمي»، «لا نحرق ولا نسب معا لبناء حلم الشهداء»، «ماشي فتنة هذه فطنة»، «نريد التغيير»، «جزائر حرة ديمقراطية»، « تحيا الجزائر» ... وغيرها من الشعارات الرمزيّة التي يرى المحللون في علم الاجتماع أنها تعكس الوعي والنضج السياسي للجزائريين خاصة من فئة الشباب من جهة وتبرز بأن «الحراك له أفكاره الواعية التي أدرك أصحابها أن المصير النهائي للمجتمع صار بيد أكثر الفئات تضرّرا ومعاناة من الوضعيّة العامة للبلد وهم الشباب». وللوقوف أكثر عند سيميولوجية الشعارات واللافتات التي حملت في المسيرات، اتصلنا بالأستاذ سعيد عيادي، أستاذ في علم الاجتماع بجامعة البليدة 2، والذي أكّد، أن مجموعة الشعارات التي حملها المتضاهرون أعلنت انعتاقهم وتحررهم من الكبت المتزايد بفعل الاحتقان المتراكم دون مخارج تخفف أو تزيل ضغوطاته، معتبرا، أن الذين نزلوا للشارع كانوا تحت ضغط شديد، لذلك عبّرت شعاراتهم عن وجود إصرار كبير للتحرر والانعتاق، صابين تلك الشحنة ضد جهة واحدة والتي كانت إلى غاية 22/02/ 2019 سيدة الشارع. وأضاف، أن رمزية الشارع تعكس رغبة المتظاهرين بالذهاب إلى تكريس القطيعة عن طريق الشارع وهذا الرهان شديد المراس بين الطرفين، فارتبطت شعارات «رفض الخامسة برفض السلطة والنظام برمته»، فالشعارات تبين للمشاهد، حسب ذات المتحدّث، أنهم يمثلون حركة سلمية ومسالمة تبتعد عن تفعيل القوة وتتجنبها إن حصلت من جهات ما وبالتالي، يضيف، فهي «تبدي لنا أنها ترغب في تسيير ثورة هادئة تسير نحو هدفها». ويرى ذات المتحدّث، أن الحاملين لهذه الشعارات، يريدون من وراء ذلك أن يندمج فيها أكبر عدد من فئات المجتمع، كما تعكس لنا نفس الشعارات تصريح بأن «الحراك له أفكاره الواعية. أما من حيث البنية السيميائية للحراك، يعتبر، الأستاذ سعيد عيادي، أنه لا يبتعد عن أهم الثورات وأشكال الحراك في العالم، فتبعية المجتمع الجزائري وسقوطه بين قوى الهيمنة في عالم السياسة والاقتصاد دون ردود فعل ممتنعة جعلهم يرفعون نفس الشعارات. كما أكّد أنّ الشّعارات في أيّ حركة أو أيّ حراك اجتماعي جماعي، هي بمثابة بيان عام تظهر من خلاله الجماعة التي تبنت خط الحركة أو الحراك عن هويتها الحركية وعن فلسفة مبادئها. وتبدي، كل الشعارات التي تم رفعها، حسب ذات المتحدّث، «صراحة وجرأة كبيرتين ليس فقط في رفض النظام وإنما في المطالبة بتغييره»، وهو أقصى ما يمكن ان ترفعه شعارات.