حتّى إذا تبدو أحزاب المعارضة أو ما بقي منها في وضع مهلهل و زاد رفض الشارع لها صراحة ومنعها من السير إلى جانب الحراك مخافة الالتفاف على مطالبه و القفز عليها وبالتالي مناورة السلطة به، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تحدِّث السلطة نفسها فتكون ندا وحكما، في ظل هذا الرفض التام من جانب الحراك في اختيار ناطق باسمه ينوب عنه ويوصل مطالبه بصفة رسمية للحكومة القادمة في حال تشكيلها. ولو أنّ الحراك في مسيرة الجمعة الماضية قد أبدى موقفه منها وأكّد أن مطلب إقامة حكومة كيف ما كان شكلها و تشكيلتها قد تجاوزه الظرف، لأنّ سقف مطالب السائرين في الحراك الشعبي ارتفعت إلى تغيير جذري يذهب معه النظام بكامله، وبين الأحزاب والمنظمات الأخرى المرتبطة بتيّار السلطة الحاكمة والتي شكّلت أغلبية في البرلمان، كتلة أخرى تتألف مما يسمى بالمعارضة تتجاوز «المعارضة» الممثلة في البرلمان ضاعت المعارضة التي أعادها الحراك الشعبي وتسارع الأحداث واطلاق رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعدة تغييرات كإصلاحات تعهد بتطبيقها في آن عاجل أعادها إلى البحث في أوراقها والتعرّف مجددا عن معنى المعارضة والوقوف الصحيح إلى جانب القواعد الشعبية ، لأنّ في الأخير ليس إلّا الشعب من يكون محرك السجال مع السلطة مهما كانت هذه السلطة ومهما كانت الظروف والأحداث التي تطبع البلاد. وفي انتظار ما قد تخرج به المشاورات في تشكيل الحكومة المقبلة التي تبدو الأصعب مهمّة و الأكثر تعرضا للانتقادات و ملقاة على عاتقها مسؤولية تنفيذ مطالب الشعب التي بدت واضحة واستجمعت موقفا شعبا . وكان نائب الوزير الأول رمطان لعمامرة قد توقف مطولا عند السند الدستوري الذي تستند إليه القرارات المتخذة مؤخرا بشأن عديد الاصلاحات فأكد أنه «حتى إذا لم يتم صياغة الأحكام الدستورية صراحة، فإن روح النصوص تشير في جوهرها إلى شرعية الإجراء». داعيا مختلف الفاعلين إلى الالتفاف حول المطالب والحلول المقدّمة درءا للوصول إلى فراغ يعيد الوضع إلى أوله، مؤكدا أنّ بوادر الحل ملقاة على الحكومة القادمة التي ستحظى بانفتاح على كل الفئات العمرية لاسيما الشباب من أجل تمكينه من الوصول إلى بلورة المطالب إلى قرارات وتحقيق ما يصبو إليه من أهداف لا تزال تنتظر ولم تجد من يحققها ومن حق الشباب أن يدافع عليها.