يرى الشارع الجزائري في بقاء بقايا النظام السابق ، تمديدا لعهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة ... و هذا رغم انسحابه من المشهد السياسي ، طالما أن المحسوبين على الرجل مازالوا يقودون دواليب السلطة إلى حد الساعة ، و بالتالي فإن الفكرة الراسخة لدى عامة الشعب ، هي أن النظام السابق لا يزال قائما ، و محاولة إقناعه بعكس ذلك يبقى أمرا مستحيلا ، ما لم يتحقق التغيير الجذري الذي ينادي به الحراك الشعبي في مسيراته السلمية المتواصلة ، و يرحل كل بقايا الحكم السابق و رموزه برمتهم ، لأنه يرى في بقائهم تمديدا للعهدة الرابعة لبوتفليقة في غيابه ، الذي تعودوا عليه منذ سنوات عدة ، و عليه فإن هذا الشعب ، يرفض المرور إلى مرحلة انتقالية يقودها هؤلاء ، و مُصر على رحيلهم ، و بتحقيق مطلبه هذا ، يمكن وقتها الخوض في مسألة الانتخابات الرئاسية ، تشرف عليها هيئة مستقلة بتزكية من الشعب طبعا ، لضمان نزاهتها و شفافيتها ، ولتمكينه من اختيار رئيسه الجديد ، بكل حرية و ديمقراطية. بعد شهر من استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ، الذي عمر في الحكم مدة عقدين كاملين من الزمن ، و أصبح اليوم من الماضي ، شكليا فقط ، لأن المنظومة التي خلفها بقيت و لا تزال في الواجهة ، و هو ما تسبب في حالة الانسداد التي مددت عمر الأزمة السياسية التي نعيشها في المرحلة الحالية ، إذ لم تجد مخرجا لها للانفراج لحد الساعة ، أمام تمسك السلطة بالدستور من خلال تطبيق المادة 102 ، و رفضها لأي حلول خارج هذا الإطار ، تجنبا للفراغ السياسي ... و إصرار الشارع على إحداث القطيعة مع النظام السابق ، و مع كل من عاث في الجزائر فسادا ، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال في هذه الحالة المستعصية ، الحديث عن التغيير الحقيقي ، الذي يتوخاه كل الجزائريين ، و ليس التغيير الارتجالي أو العشوائي ، أو التغيير من أجل إسكات صوت الشارع و احتواء الحراك لا أكثر و لا أقل ، و الذي عادة ما يصب في الإصلاحات البائسة و اليائسة .... ما لم يأفل الحكم السابق بشكل نهائي عن المشهد السياسي ، لأن الشعب أظهر نضجا كبيرا و وعيا سياسيا أبهر الجميع ، بانشغاله اللا محدود بمصير وطنه ، و عليه يستحيل مراوغته أو استغفاله بحلول وهمية ، يأتي هذا بالرغم من مساندة المؤسسة العسكرية لحراك 22 فبراير ، و تعهدها بالاستجابة إلى كل مطالبه كاملة غير منقوصة ، غير أن الأزمة لا تزال قائمة ، بل و ازدادت تعقيدا مع اقتراب موعد انتخابات الرابع جويلية المقبل ، الذي بات يلفه الكثير من الغموض.