أبى، اليوم، سكان وهران مبارحة الشارع بالرغم من إشهار بوتفليقة لاستقالته، وإعلانه مغادرة الرئاسة بعد عشرين سنة كاملة تربّع فيها على عرش الحكم، حيث خرجوا بأعداد لا تحصى في مسيرة حاشدة للجمعة السابعة على التوالي، أبدوا فيها تمسكهم برفض تأطير المرحلة الانتقالية المقبلة من قبل رموز النظام القديم، مطالبين برحيل العصابة، واجتثاث الباءات الثلاثة من المشهد السياسي بشكل نهائي. وحافظت المسارات الاعتيادية للمتظاهرين، أمس، على نفس الديكور والسيناريو المتواصل منذ 22 فيفري المنصرم، بإخراج مُحكم من قبل كل الفئات الشعبية المتمازجة بين الشباب والشيوخ، والنساء والرجال، الذين خرجوا فُرادى وعائلات، واحتلوا الشوارع مجددا للمطالبة بتأمين الحراك الشعبي عن طريق تفعيل المادة السابعة والثامنة من الدستور التي تخول السيادة والسلطة للشعب وحده، رافضين الاكتفاء بتطبيق المادة 102 التي تُثبت شغور منصب الرئيس في أعقاب استقالة عبد العزيز بوتفليقة الثلاثاء الماضي. وبعد أن نجح المتظاهرون المتشبثون بالبقاء في الشارع منذ شهر ونصف بالقضاء على مشروع الخامسة، ومقترح التمديد، وإنهاء حكم الرئيس قبل انقضاء عهدته القانونية، حرص المتظاهرون في مسيرة أمس على تمرير رسائل مباشرة وواضحة تتزامن مع خصوصية المرحلة الراهنة المتجهة نحو مسعى بناء الجمهورية الثانية، حيث حملوا لافتات ورددوا شعارات طالبوا من خلالها برحيل الباءات الثلاث (عبد القادر بن صالح والطيب بلعيز ونور الدين بدوي رؤساء مجلس الأمة والمجلس الدستور والجهاز التنفيذي على التوالي)، و"لا لحكم العصابة" و"ترحلو ڤاع، وترجعوا أموال الشعب ڤاع"، و"خياركم واحد إما الرحيل وإما الرحيل". وفي تلمسان تجمهرت الجموع قبل صلاة الجمعة بساحة المدينة المقابلة للجامع الكبير، الذي تحول إلى أيقونة الحراك في أسبوعه السابع، في مسيرة شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين رفعوا خلالها مطالب إسقاط الباءات الثلاث، بدوي، بن صالح وبلعيز، وشعارات أخرى على غرار شعار "يا ڤايد صالح اختار... إما الشعب وإما العصابة"، مع مطالب بتفعيل المتابعة القضائية ضد المتورطين في الاجتماع السري الذي تحدث عنه بيان الجيش وحضرته قوى غير دستورية، وشخصيات سياسية، ورئيس المخابرات المقال بشير طرطاڤ. وتوجّهت المسيرة السلمية نحو حي إمامة مرورا بمقر ولاية تلمسان، حيث نال الوالي وبعض رموز النظام في الولاية حقهم من الانتقادات والمطالبة بالرحيل، وهو نفس المشهد الذي عاشته مسيرات مماثلة تم تنظيمها في مدن مغنية الحدودية وندرومة وهي مناطق تنحدر منها رموز اعتمد عليها الرئيس السابق لصناعة مجد نظامه المغضوب عليه شعبيا.. وفي ولاية معسكر نزل الآلاف من السكان إلى الشارع للجمعة السابعة على التوالي، مباشرة بعد صلاة الجمعة واحتشدوا بساحة الأمير عبد القادر، مطالبين برحيل كل "رموز النظام الحاكم"، وذلك ثلاثة أيام بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما تم تنظيم عرض مسرحي بنفس الساحة حول الحراك، من قبل مثقفي المدينة، انتقدوا من خلاله رموز النظام، حيث قاموا برمي صور بعض الوجوه المنبوذة كالسعيد، وغول، وعمارة بن يونس، والباءات الثلاثة في مزبلة التاريخ، وسط متابعة حضور غفير للمواطنين. ومن أهم الشعارات الجديدة التي رفعها المعسكريون خلال جمعة الرحيل أمس، تمثل في شعار "إسقاط الباءات الثلاث"، مطالبين بتنصيب شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة للإشراف على المرحلة الانتقالية القادمة للمضي بالبلد إلى بر الأمان. وفي تيسمسيلت خرجت أعداد غفيرة من المواطنين بعد صلاة الجمعة في مسيرة حاشدة تعد من بين المسيرات الأكثر حجما منذ انطلاق الحراك الشعبي في المنطقة، طالبوا من خلالها برحيل كل رموز السلطة والفساد، حيث انطلقت هذه المسيرة التي ضمت مختلف فئات المجتمع من أمام مسجد أبي بكر الصديق وأخذت مسارها المألوف نحو بعض الأحياء، ثم نحو ساحة لعقاب قلب مدينة تيسمسيلت، وهم يرددون شعارات "يروحو ڤاع" ورافعين لافتات عديدة منها المطالبة بحكومة مصدرها الشعب ومحاسبة كل رموز الفساد. في حين خرج المواطنون في ولاية تيارت بأعداد كبيرة إلى الشارع في مسيرات حاشدة تجمعت في نفق "الريجينة"، قبل أن تجوب شارع ابن باديس، وصولا إلى ساحة الشهداء المعلم التاريخي الذي يحتضن الشجرة التي علق بها الشهيد علي معاشي أسفل المسجد العتيق، حيث تجمع المتظاهرون كما جرت العادة، رافعين شعارات مطالبة برحيل بقايا النظام. وفي سيدي بلعباس جدد الآلاف من أبناء الولاية العهد مع الحراك، وسط أجواء ميزتها رغبة الشعب في تجسيد مضامين المادتين ال7 و8 من الدستور، ما تجسد من خلال ترديد المتظاهرين لهتافات "البلاد بلادنا، ونديرو راينا". وقد تم ترديد عبارات موجهة أساسا إلى ما بات يصطلح عليهم ب"الباءات الثلاثة" وهم بدوي، بن صالح، وبلعيز، لمطالبتهم بالرحيل الفوري من المشهد السياسي في الجزائر وبصفة نهائية، وسط هتافات "كليتو البلاد يا السراقين"، على وقع أنغام الدف والدربوكة وبحضور لافت لعشرات العائلات وسط الألوان الزاهية للراية الوطنية، وحتى الفلسطينية التي كانت حاضرة بقوة في مسيرة أمس. وفي الشلف خرج الآلاف من السكان في مسيرة ضخمة في الجمعة السابعة للمطالبة برحيل وجوه النظام من بينهم بدوي وحكومته، وصرخ الشلفاوة بأصواتهم بتنحية جميع الوجوه التي عاثت في الجزائر فسادا خلال العشريتين الماضيتين ورفعوا شعارات "لا لاستمرار حكم العصابة"، "نريد دولة جديدة على مبادئ أول نوفمبر"، داعين إلى تكليف كفاءات وطنية نزيهة لتسيير المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات تشرف عليها لجنة مراقبة مستقلة لتكريس الإرادة الشعبية في اختيار ممثليها في المجلس المحلية والوطنية، وانتهت المسيرة بتفرق الجميع في جو من الأخوة والسلمية، كما قاموا بتنظيف الشوارع من النفايات ووضعها في أماكن القمامة على أمل أن يتم تنظيف رؤوس الفساد التي عاثت في البلاد والعباد.