تنقلت الجمهورية إلى مركز التعذيب الواقع بسيدي خطاب و الذي سادت فيه الاعتقالات و أعمال التعذيب و القهر و التنكيل و القتل الجماعي ، بني سنة 1956 و يقع على بعد حوالي 30 كم شمال ولاية غليزان ، و هو المكان الذي شهد أحداثا تاريخية كبرى الى غاية 1962 ، به أسوار عالية ، أسلاك شائكة ، زنزانات للتعذيب ، حجر للإعدام و غرف جد ضيقة و أبار للدماء .. ينتصب على قمة جبل يعلو عن سطح البحر بعشرات الأمتار ، على مستوى النقطة الصفر في دوار أولاد بوزيد شمال المنطقة ، حيث كابد بداخل زنزاناته المعتمة جميع المعتقلين من عسكريين و سياسيين و مثقفين و مناضلين الذين فاق عددهم 800 معتقلا أبشع أساليب التعذيب كالكهرباء و الضرب و الماء و الجلد و قطع رؤوس الكثيرين منهم إبان ثورة التحرير ، ليسقط فيه أكثر من 750 شهيدا أغلبهم استشهدوا داخل الآبار الثلاثة الموجودة بمحاذاته و التي كانت مقابر للأحياء و الشهداء فر منه اثنان فقط عن طريق التنظيم الثوري أو فرديا . حسب مات ذكرته مديرية المجاهدين بغليزان و بهذا المركز الذي يقع على أرضية مزرعة تتربع على حوالي هكتارين تقع وسط غابة دوار أولاد بوزيد بذات البلدية ، قبل أن يغتصبها في سنة 1958 العدو ليحولها الى مركز للتعذيب و القتل الجماعي و الى برج للمراقبة ، كان يلجأ فيها العدو لأفعال شنيعة و ممارسات همجية مورست على الجزائريين ، و استمر المستعمر الفرنسي في استخدامه في تعذيب المحكوم عليهم بالسجن و التعذيب من المنطقة الرابعة بالولاية الخامسة ، بحيث توجد به سبعة أبراج للحراسة و بداخله ثلاث زنزانات للتعذيب و أخرى للاعدام و بجواره توجد ثلاثة أبار يتراوح عمق كل واحد منهم ما بين 60 و 90 متر و عن بعد حوالي عشرة أمتار يستقر البئر الرابع ، كانت ترمى فيهم الرؤوس المقطوعة و جثث الشهداء التي لازالت الى حد الأن تسكن هذه الآبار و في أعماقها ما يزيد عن 750 شهيدا ، ليشهد هذا المعتقل على أخطر و أقسى أنواع التعذيب و القتل بحق جميع المعتقلين من قبل العدو الغاشم ، كما شهد مقر الاعتقال الذي كان يستوعب حوالي ألف شخص تنفيذ عمليات اعدام للمئات منهم . و غير بعيد عن ذات المركز استولى الفرنسيون على مركز اتصال أنشئ في سنة 1956 و الذي كان في الأصل مسكن يعود لأحد سكان المنطقة بدوار أولاد بوزيد بموجب اكتشافه ، بحيث كان يستعمله سكان الدوار و المجاهدين الذين جمعهم الجهاد و حب الشهادة في سبيل الله ثم الوطن ، من أجل التموين و عبور الجيش و كان المركز الذي يشرف عليه بومدين الهاشمي ، يقدم خدمات الايواء و الاطعام و الاتصالات ، الى غاية اكتشافه من طرف العدو بعد سنتين فالتحق صاحبه بجيش التحرير الوطني . و قد التقينا بإبن شهيد استشهد بعدما شهد أبشع أنواع التعذيب و التنكيل بهذا المعتقل و هو يعمل كحارس بالمركز و قد روى « للجمهورية «» تفاصيل 4 سنوات قضوها أبطال جزائريين في مركز التعذيب بالنقطة الصفر ، قائلا « هنا اعتقل مئات الجزائريين خلال سنوات الاحتلال ، في مركز التعذيب الذي كان مركزا رهيبا من مراكز قوات المستعمر ، بل كل من مر به عرف أبشع أنواع التعذيب التي شهدتها الجزائر في وقت الاستعمار ، ليصبح المكان هيكل يخفي تحت ترابه جثث طاهرة لمئات الشهداء . في ذاكرة ابن شهيد منطقة أولاد بوزيد تراث المنطقة النضالي الذي لا يتمكن أحد من اخفاء حقائق ما حدث به ، استشهد والده ( عبد القادر ) في سنة 1958 قرب هذا المركز و عمر ابنه عاما واحدا ، و استشهد عمه كذلك . التعذيب بمركز سيدي خطاب ينتهي حتما بالموت و تابع قائلا قد روي لي من طرف زملاء أبي في الكفاح أن العدو كان يعذب الجزائريين بالسلاسل الحديدية و الأسلاك الكهربائية في غرف صغيرة لا تتجاوز مساحتها مترين مربع و يعمد مسؤولو هذا المكان على الجلوس في زنزانات المركز أين توجد مكاتب لضباط فرنسيين يشاهدون المعتقلين أثناء التعذيب الشديد الذي ينتهي حتما بالموت ، ، هنا بالمنطقة يضيف مناد و على حائط غرفة الاستنطاق بالكهرباء كانت توجد خرص حديدية يثبت فيها المعتقلون و هم عراة بحيث كانت تهز جسدهم صدمات كهربائية و يتعرضون للضرب بشدة في مختلف أنحاء أجسادهم ، بل كانوا يعذبونهم بالماء للاعتراف .. ، كلها أساليب التعذيب بمركز سيدي خطاب و كانوا يحتجزون في ثلاث زنزانات يعذبون حتى الموت و أغلبهم يرمون بالآبار الموجودة هنا أمام المركز ، و قيل له أن بعض الشهداء الذين كانوا على قيد الحياة ترمى عليهم قنابل في البئر عندما يسمع العدو أنينهم . و تحدث عن استخراج رفاة شهداء من هذه المنطقة من تحت الأرض في العام 1979 ، حيث تم اكتشاف 60 شهيدا تم دفن رفاتهم في المقبرة المتواجدة حاليا بالقرب من المركز و هم من سكان هذه القرية . بئر رابع على بعد 10 أمتار عن المركز لم يحدّد عدد الجثث به و ذكرت مديرية المجاهدين بغليزان أنه لا تزال لحد الآن جثث أكثر من 750 شهيدا تسكن جوف ثلاثة أبار تتواجد قرب بوابة المركز أصبحت شاهدة على جرائم العدوان و بشاعتها في تلك الحقبة ، معظمهم استشهدوا بداخلها بحيث توجد 350 جثة في أحد الآبار و 250 أخرى في البئر الثاني و جثمان 150 آخرين في البئر الثالث و غير بعيد عن هذه المنطقة التي شهدت عدة معارك و اشتباكات ضد العدو الفرنسي ، يوجد بئر رابع به جثث طاهرة لشهداء المنطقة لم يحدد عددها اضافة الى وجود مواقع كثيرة توجد فيها جثث للمدنيين و معتقلي الثورة بهذا المكان . أبشع أنواع التعذيب لمجاهدي معسكر ووهران وسعيدة و تيارت بالولاية الخامسة . و قد نال هذا المركز الذي يعتبر من أهم الأماكن التي كان يستعملها العدو الفرنسي في تنفيذ مختلف أنواع التعذيب و أساليبه على الجزائريين ، اهتمامات السلطات الفرنسية العسكرية ، بحيث تم تجهيزه بأحدث الأسلحة و بعدد كبير من الجنود و قد تتالى على قيادته كل من النقيب تيارتي خلال سنة 1956 و النقيب جنات من سنة 1956 الى 1960 ثم النقيب عجالي من 1961 الى 1962 ، فموقعه منطقة سيدي خطاب و سمي بنقطة الصفر لكونه يقع على ارتفاع شاهق و يطل على عدة مراكز تابعة للقوات الفرنسية و منها مراكز أولاد معله ، زمورة ، بلعسل ، عين تادلس ، القلعة و مركز وادي ارهيو . و كما كان المركز الذي كان يشرف على جميع المراكز المذكورة خلال الثورة ، مهمته التعذيب و التقتيل باستعمال السلاسل الحديدية و القهر و الاغتيال ببشاعة ، يستقبل المحكوم عليهم بالسجن و التعذيب من مناطق معسكر و وهران و سعيدة و تيارت بالولاية الخامسة . قادة المنطقة الرابعة خططوا لعدة عمليات ناجحة قرب المركز و هكذا عاش مجاهدو هذه المنطقة حياة نضالية تقرن الجهاد و الكفاح بحب الوطن و الاستشهاد في سبيله و قد دارت معارك و اشتباكات قاسية قرب مركز التعذيب كما لعبت الجبهة أدوارا هامة على مستوى العديد من مراكزها الموجودة على حدودها للربط بين الجيش و الشعب الذي صمد أبناءه المدافعون عن المنطقة من القرى المجاورة بأسلحتهم البسيطة و أجسادهم للدفاع عن وطنهم و بهدف تسهيل مرور الجيش تم التخطيط لعدة عمليات ، البعض منها كانت ناجحة للكفاح ضد قوات الاحتلال لعرقلة أعمالهم في هذا المكان من مراقبة شاملة للمراكز الأخرى ، و منها مركز سيدي خير الدين الذي كان يلتقي فيه قادة المنطقة الرابعة و من بينهم سي خير الدين و سي زغلول و سي عثمان و سي عبد الله المدروسي و سي دريس ، سي مفتاح ، سي الطاهر بلهاشمي ، سي الطيب ، كما اتخذ مقر للاجتماعات حيث كان يربط بين نواحي المنطقة الرابعة نظرا لأهمية موقعه و يستقبل الأسلحة المعطوبة لاصلاحها .