ما زالت ربات البيوت الجزائرية تقبلن على شراء مستلزمات البيت المصنوعة من الحلفاء أو غيرها، خاصة وأن هذه المواد تشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين، ورغم تراجع حرفة صناعة مستلزمات البيوت المصنوعة من الحلفاء، إلا هناك من يحاول الحفاظ على هذا الإرث المتوارث عن الأجداد، والسيد محمد حسين ابن مدينة وهران، صاحب ال 67 سنة، من بين هؤلاء الحرفيين الذين يشتغلون في هذا الميدان منذ أكثر من 50 سنة، حيث توارث هذه الحرفة أبا عن جد، وتعلم فنياتها فأصبح متخصصا في صناعة القفة التقليدية، الأواني، الحصيرة، السجاد وغيرها. يقول عمي محمد في تصريح خص به "الجمهورية" :" تعلمت هذه الحرفة النبيلة عن أبي وعمري لا يتجاوز 15 عاما، ومازالت أعمل في هذه الحرفة منذ 52 عاما، فاتجه لاقتناء المادة الأولية من جبل غابة الدبايبة ببلدية بوفاطيس في موسم الصيف وأجففها واحضرها للاستعمال، وحاليا هناك بعض النسوة اللواتي يعملن معي في بيوتهن، وأنا أدفع لهم أعباءهم اليومية عن إنتاجهن الذي أسوقه مع منتوجاتي الحرفية الذي أتفنن في انجازه من خلال صناعة أواني الحلفاء، القفة والأطباق التقليدية، السجاد، والقبعات المتنوعة مع مزجها بالألوان، القماش والجلد وحتى الخشب وغيرها من المواد الحرفية التي يطلبها الزبون . ويستدرك بالقول : "هذه الصناعة بدورها تواجه صعوبات كثيرة، لاسيما وأنها صناعة يدوية تتطلّب موهبة ومهارة بدءا بجني الحلفاء من الجبل، وصولا إلى مرحلة صناعة وبيع المنتج وهو ما يتطلّب وقتا طويلا . وعن أسعار منتوجاته الحرفية فالربح ليس كبيرا يتراوح ما بين 250 دج إلى 900 دج حسب حجم ونوعية المادة المعروضة، لكنه ولقناعته أكد أنها حققت له بعض المال هو ثمرة عرق جبين، فلقد كرس عمي محمد حياته من أجل حماية هذه الحرفة من الاندثار، والتعريف بها في المعارض الحرفية الوطنية خاصة في المعارض المنظمة بولاية وهران . وأكد عمي محمد أن هناك إقبالا كبيرا من قبل المواطنين لاقتناء المصنوعات من هذه المادة التي تشتهر بها خاصة المناطق السهبية، ومتواجدة منذ عقود بمدينة وهران وهي تجارة رائجة بفضل بعض السواعد الذين حافظوا على هذه الحرفة اليدوية الأصيلة، وأبدع فيها البعض خاصة صناعة الحقائب النسوية المواكبة لموجة العصرنة التي يقبل عليها الكثير في الأسواق . ومن بين أهم الصناعات التقليدية التي تتصدر اهتمامات الحرفيين اليوم صناعة الحلفاء، حيث أن حرفي هذه الصناعة يتفنن في الإبداع فيها، خصوصا أن الحلفاء تعد من أجود المواد الطبيعية المتوفرة في عدة مناطق خاصة بلدية بوفاطيس بوهران، الأمر الذي يسهل عملية الحصول عليها دون عناء حسب السيد محمد حسين معرجا في سياق حديثه، أن صناعة الحلفاء هي حرفة قديمة لا تزال صامدة رغم قلة المقبلين على تعلمها من الشباب والعنصر النسوي هو أكثر إقبالا عليها خاصة وأنهم يعملون في بيوتهم ويسهرن الليالي من أجل تقديم منتوجات حرفية جميلة تعبر عن أصالة المنطقة والتراث الجزائري العريق، الذي يعتبر مفخرة ووجه من أوجه الإرث التاريخي والحضاري لأي منطقة من مناطق الوطن، ما يجعلهم يسعون جاهدين للحفاظ عليها لاسيما في ظل موجة العصرنة .