تعتبر الصناعة التقليدية بولاية سعيدة واحدة من أهم الشواهد القائمة إلى يومنا هذا، فرغم تناسي البعض ماضيها المجيد إلا أن تجارتها لا تزال رائجة بولاية سعيدة المعروفة بحفاظها على الحرف اليدوية الأصيلة ، حيث أن الكثر من العائلات السعيدية تعتبرها مصدر رزق لها خصوصا إذا تعلق الأمر بصناعة الزرابي والنسيج وغيرها من الحرف الأخرى ، لدرجة أن بعض الحرفيين كرسوا حياتهم كلها من أجل الحفاظ على مهنتهم و حمايتها من الزوال و الاندثار ، ومن بين أهم الصناعات التقليدية التي تتصدر اهتمامات الحرفيين اليوم صناعة الحلفاء ، حيث أن المرأة بولاية سعيدة تتفنن في الإبداع فيها ، خصوصا أن الحلفاء تعد من أجود المواد الطبيعية المتوفرة بالمنطقة، كما أنها متواجدة بكثرة ، الأمر الذي يسهل عملية الحصول عليها دون عناء أو تبذير للأموال .. وفي هذا السياق فصناعة الحلفاء حرفة قديمة لا تزال صامدة رغم قلة المقبلين على تعلمها ، حيث أن النساء هن أكثر من يقبلن عليها ، خاصة اللائي يعشن في القرى والمناطق النائية ، إذ أنهن يسهرن الليالي من أجل تقديم منتوجات حرفية جميلة تعبر عن أصالة المنطقة و التراث الجزائري العريق ، كما أن البعض من سكان المنطقة يعتبرون صناعة الحلفاء مفخرة لهم و وجه من أوجه الإرث التاريخي و الحضاري لمنطقتهم ، ما يجعلهم يسعون جاهدين للحفاظ عليها لاسيما في ظل موجتي العصرنة و التمدن، حيث نجد في معظم الأوقات أن بعض الحرفيين الكبار في السن يحثون أبناءهم على تعلم الحرفة أملا في استمرارها و حمايتها من الزوال ، فهي بالنسبة لهم صناعة الأجداد ، ولا ضرر من إدخال إبداعات جديدة عليها وتطويرها ، وهذا ما أكدته لنا الحاجة " فاطمة " التي ورثت صناعة الحلفاء عن أبائها و أجدادها ، ورغم مرور السنين إلا أنها لا زالت تعشق الحرفة من خلال صناعتها لظفائر الدوم والتفنن في تقديم تحف فنية كالطبق ، الكسكاس ، الحصيرة ،السجاد و القفة ، و كذا مزجها بالألوان ، القماش والجلد و حتى الخشب .. فحبّها لهذه الحرفة جعلها تتمسك بها وتفعل المستحيل من أجل حمايتها ...