- الإشاعات قادرة أن تتسبب في كوارث كبرى إذا لم يتم مجابهتها فَرَضَ وباء "كورونا " المستجد على وسائل الإعلام الجزائرية خاصة الرسمية منها الاتسام بالاحترافية والمصداقية في نقل المعلومة، ما يسمح بالقضاء على ظاهرة الإشاعات التي انتشرت بشكل مخيف مؤخرا على منصات التواصل الاجتماعي،.. خاصة على صفحات" الفايسبوك" التي باتت حاضنة للأخبار المزيفة والصور والفيديوهات المفبركة، وقد شكل هذا التوجه صناعة اتصالية دعائية لها تأثيرات وتبعات خطيرة على الأفراد و المجتمعات بمختلف أنواعها وأشكالها، ولتوضيح الرؤية من الجانب الإعلامي تواصلنا مع الدكتور بوعمامة العربي رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة عبدالحميد بن باديس بمستغانم وأجرينا الحوار التالي : @ ماذا نقصد إعلاميا بالإشاعة ؟ الإشاعة ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة قدم المجتمعات، دورها تشكيك وتحوير الحقيقة أو الخبر الصادق، ولمجابهتها طورت الإمبراطوريات في العهد القديم والدول حديثا أدوات عملها لمجابهتها وتكذيبها ، خاصة بعدما تبين أن الإشاعة قادرة على إحداث الكوارث إن لم تجابه في وقتها كما حدث خلال الحرب البادرة التي لا تبعد عنا كثيرا . @ تشهد منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا انتشارا كبيرا للإشاعات ؟ ما السبب ؟ السبب واضح، لأن منصات التواصل الاجتماعي يقبل عليها أكثر من مصدر واحد ، وهذه المصادر غير مراقبة وغير مضبوطة ، لذا تسمح لنفسها ببث صور مفبركة وتصريحات كاذبة ... وهذا في وقت قياسي، كما يستعمل أصحابها طرقا ووسائل يصعب متابعتها في المكان والزمان، وفي المقابل هناك بدائل تكنولوجية جد متطورة بفضلها تتمكن الدول من كشف المروجين لهذه الإشاعات . @ لماذا يميل المواطن إلى تصديق كل ما يبث عبر المواقع الافتراضية ؟ كما ذكرت، قوة منصات التواصل الاجتماعي تكمن في عدم وجود مراقب عند إعداد وبث السموم، ما يفسح المجال لمستخدمي الفضاء الأزرق لاستغلال هذه الفجوة، ضف إلى أن كل مواطن أصبح صحفيا "ليس بالمفهوم الاحترافي" لأن الوسائل التكنولوجية تطورت إلى درجة أنه خلق ما يسمى ب " الإعلام التفاعلي الاجتماعي" ، ولكي تجابه الدول هذا الكم الهائل من الأكاذيب عليها أن تكثف من جهتها البرامج التكوينية والتدريبية، ما يسمح لها بمسايرة الوضع وربح المعركة التي يراد منها اهتمام وقبول المواطن بما تبثه وسائل الإعلام الرسمية خاصة . @ أعطى بعض مستعملي " الفايسبوك " لأنفسهم الحق في بث أخبار كاذبة بخصوص وباء كورونا ؟ ما تعليقك ؟ أعتقد أن مسألة كورونا جاءت بوتيرة متسارعة ، ما سمح لبعض مستعملي منصات التواصل الاجتماعي كما ذكرت ببث أخبار كاذبة وهذا في جميع المجالات سواء كانت سياسية ، دينية ، صحية ... يحدث هذا في الوقت الذي لا يزال العالم منشغلا في البحث عن الدواء.. @ هل هناك طريقة للقضاء على ظاهرة نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات ؟ الأخبار الملفقة و الكاذبة والمزيفة "فايك نيوز/ fake news" موجودة وبكثرة في مواقع التواصل الإجتماعي كما ذكرت ، و الجزائر استطاعت أن تحد من هذه الظاهرة عبر تقديمها لمعلومات صحيحة وصريحة وواضحة ، سواء من حيث عدد المصابين أو عدد الوفيات وحتى عدد الذين تعافوا من هذا المرض الخبيث ، فالإعلام الرسمي عندنا في الجزائر عرف كيف ينصر الحقيقة على الكذب وهذا بطرحه كل الأرقام وبثه الأشرطة المسجلة سواء من المخابر أو المستشفيات وكذا إنجاز الروبورتاجات والتحقيقات عبر وسائل الإعلام الأخرى المكتوبة والمسموعة ، كل هذا ساهم في إسكات اطفاء نار الإشاعة بنسبة كبيرة ، لكن رغم هذا لا يجب أن نتوقف عند هذا الحد وإنما علينا أن نحن كذلك فتح صفحات في الفايسبوك تكون مزودة هي الأخرى بأرقام وحقائق رسمية تجابه هذه المنصات الكاذبة . @ ما هو الدور الذي يلعبه الصحفي في القضاء على الإشاعة ؟ اليوم الصحفي له دور بارز وبالغ في الحصول على مصدر الخبر وعلى السلطة أن تمنح له ذلك في وقته لأننا في عصر السرعة، والإشاعة لا تنتظر حتى تُسْكَتْ لذا يجب ضربها بمنح الهيئات الرسمية الخبر إلى الصحفي لكي يبثه في حينه ليقضي على الإشاعة في المهد ، اليوم لسنا فقط في حرب ضد كورونا وإنما كذلك في حرب إعلامية حقيقية ومن يعرف كيف يوصل الخبر إلى المواطن هو الذي سيفوز بهذه المعركة الطاحنة . @ في نظرك هل سيكون لوباء كورونا تأثير على الإعلام ؟ الميزة التي تتميز بها أزمة كورونا أنها ليست محلية أو قطرية ، وإنما هي أزمة عالمية ، حيث أن كل الأنظمة السياسية العالمية الرأسمالية الاشتراكية والاجتماعية مستها الجائحة وبهذا ستتغير كل المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالمية ، إذا حتما ستتغير المنظومة الإعلامية خاصة ما تعلق بالكيفية التي تتعاطى بها مستقبلا مع الأزمات الوبائية القادمة، والتي باتت تظهر تقريبا في كل 20 سنة ، أعتقد أن الجزائر أخذت درسا مما حدث وستعمل السلطات العليا للبلاد على تحضير نفسها لمواجهة ما هو قادم . @ في الأخير ؟ تمكن المجتمع الجزائري فيما مضى من مواجهة عدة أوبئة كالطاعون و الكوليرا و أنفلونزا الطيور ، و اليوم نستطيع أن نقضي على وباء كورونا عبر إتباع الإرشادات الوقائية اللازمة، فإذا كان شعار الأمس "لا تتنقل من مكان لآخر" فشعار اليوم "الزم بيتك" .