في خضم حرارة الحراك الشعبي الجزائري، وزيادة قوة ضغطه على النظام الحاكم، منذ بدايته يوم 22 فيفري الماضي، نمت الإشاعات والأخبار الكاذبة وانتشرت بشكل رهيب سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام الخاصة والعمومية، وعرفت ثورة الشعب من أجل التغيير تدفقا مذهلا في الأخبار والمعلومات التي ليست صحيحة وصادقة دوما.. الكل يتسابق من أجل أن ينشر معلومة ترفع من معنويات المتظاهرين، و”الفايسبوك” أكثر المتسابقين.. و”والذباب الإلكتروني” أكثر الكذابين والمثيرين للإشاعات المزعزعة لثقة قيادي الحراك وشعبه، ووسائل الإعلام المتحررة لتوها من قيد السلطة، دخلت خط أخبار”الفايسبوك”.. وانطلق سباق من يأتي أكثر بالمعلومة ليفوز بكأس شهرة الحراك! غموض السلطة في التعامل مع الحراك وتضليل وسائل الإعلام العمومية هو الآخر فتح باب الإشاعة على مصرعيه، فقيل إن الأمين العام لنقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، استقال، وجاء التكذيب، وقيل إن معاذ بوشارب استقال من الآفلان، وجاء أن ذلك مجرد إشاعة!.. وروجت أخبار عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الخاصة، أن ناشطات جزائريات تعرضن للتعذيب في مركز شرطة براقي، وكذبت مديرية الأمن، وغيرها من الإشاعات التي يستيقظ عليها الجزائريون يوميا منذ بداية الحراك خاصة بعد المسيرات الأخيرة له. إشاعات الحراك بين الترغيب والترهيب في السياق، أكدت الدكتورة ثريا التيجاني، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر، أن انتشار الإشاعات ليس وليد اليوم، ولكن الحراك الشعبي بثورته ساهم في تدفق الأخبار والمعلومات بشكل مذهل، أدى إلى تواجد الأخبار الكاذبة والمغلوطة والإشاعة، وقالت إن التهويل متعمد في الكثير من الأحيان عن طريق الإشاعة وهدفه الضغط على النظام، والمجموعة القديمة له، وبمقابل ذلك تعمل بعض الجهات على نشر الإشاعة لأغراض شخصية. وأشارت التيجاني، إلى أن الشيء الجديد في إشاعات الحراك هو الإشاعة الإيجابية التي طغت على السلبية، والتي رفعت من معنويات المتظاهرين، وهي أغلبها تتحقق فيما بعد خاصة فيما يتعلق بأخبار الاستقالة التي تصبح فعلية بعد ذلك. وتولدت الإشاعة حسب الباحثة في علم الاجتماع، التيجاني، نتيجة للشغف الكبير للمعلومة تزامنا مع الثورة الشعبية، وكذا اهتمام الجزائريين وعبر كل الفئات والمستويات الاجتماعية والثقافية، بكل ما هو جديد حول الحراك الشعبي ومطالبه، وأدى ذلك إلى سباق سواء من أجل التطمين وبعث الثقة بمعرفة النتائج أو من أجل ركوب موجة الحراك وتحقيق الشهرة والسبق المعلوماتي والصحفي. وقالت الأستاذة ثريا التيجاني، إن “الفايسبوك” أربك وسائل الإعلام الرسمية، وخاصة الخاصة، وتحول إلى وكالة أنباء شعبية، حيث بهدف متابعة الحراك عبر القطر الوطني، وقع الكثير في شباك الإشاعة. وترى التيجاني، أن التهويل في الأخبار بنشر الإشاعة أحيانا، هو صورة اجتماعية نفسية لحياة المواطن الجزائري الذي انفجر بعد أن تحمل الفساد والآفات الاجتماعية لمدة 20سنة، وهذا الانفجار ولد لديه رغبة في معرفة الأخبار يوميا، حيث يبحث دوما عن أخبار ترفع من معنوياته وتبعث السعادة في نفسه حتى ولو كانت كاذبة. إدمان المعلومة “الفايسبوكية” وغياب المعلومة الصادقة ومن جهتها، أفادت أستاذة علوم الإعلام والاتصال، نجمة زراري، أن وسائل الإعلام العمومية أنتجت مع بداية الحراك التضليل في الأخبار بطريقة صحيحة مميعة، ودون إعطاء الحقيقة كاملة، وأدى بالمقابل ضغط منصات التواصل الاجتماعي”فايسبوك” على وسائل الإعلام الخاصة التي لا تملك المعلومة الصادقة إلى الوقوع في أخبار الإشاعة، وأخبار”الذباب الإلكتروني”، حيث فقدت بعض هذه الوسائل مصداقيتها لغياب التحري الدقيق قبل نشر الخبر خاصة في ظل تدفق كبير للمعلومة في مدة زمنية قصيرة. وأكدت أن مرحلة الحراك الشعبي في الجزائر، شهدت إدمان المعلومة المنشورة عبر الفايسبوك، حيث تطلب الوضع اهتماما كبيرا وشغفا بمعرفة كل جديد عن هذا الحراك، واتسعت دائرة المتتبعين للأخبار بشكل غير مسبوق في الجزائر بعد دخول الرقمية بلادنا، ما أدى حسبها إلى نوع من الجنون الإعلامي والسباق المحموم إلى من يريد أن يفوز بكأس شهرة الحراك الشعبي ويرضي المواطن الجزائري. وترى أن تصريحات بعض قيادي الحراك مثل مصطفى بوشاشي، تنشر عبر الفايسبوك، وهو ما جعل هذه الوسيلة الإعلامية الشعبية، تكسب ثقة روادها، وحتى وسائل الإعلام العمومية والخاصة، ولكن تحتاج هذه الأخيرة حسب الأستاذة نجمة زراري إلى الكثير من اليقظة والمصداقية والتحري للفوز على “الذباب الإلكتروني” والجماعات التي تعمل من أجل مصالح خاصة، أو تريد إفشال معنويات المتظاهرين.