إنذار فاعتذار ، و كان من الفروض تفاديهما معا ، فاللبيب من يتجنب ما يضطره إلى الاعتذار كما تعلِّمنا الحكمة العربية ؛ الإنذار كان من طرف سلطة ضبط السمعي البصري لإحدى القنوات التلفزيونية الخاصة بسبب ما تضمنه برنامج الكاميرا الخفية الذي بثته القناة سهرة أول يوم من رمضان بعنوان "أنا و راجلي" من "مخالفات جسيمة التي مست بقواعد المهنة و أخلاقياتها و أخلت بمبادئ و قواعد النظام العام " حسبما أورده بيان أصدرته ذات الهيئة ، أوضحت من خلاله أنه "انطلاقا من سهر سلطة ضبط السمعي البصري على احترام مطابقة أي برنامج سمعي بصري للقوانين والتنظيمات السارية المفعول،.. وبعد متابعتنا حلقة برنامج الكاميرا الخفية بعنوان "أنا و راجلي" الذي بثته القناة الخاصة نوميديا TV يوم 24 أبريل وبعد اطلاعنا على ردود فعل المواطنين عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي وأيضا ردود الصحافة الوطنية على ما تضمنه هذا البرنامج من مخالفات جسيمة مست بقواعد المهنة وأخلاقياتها وأخلت بمبادئ وقواعد النظام العام والمساس بالحياة الخاصة وشرف وسمعة الأشخاص و عدم احترام الكرامة الإنسانية".و قد هددت سلطة ضبط السمعي البصري القناة المخالفة باتخاذ إجراءات أخرى في حالة تماديها في بث مثل هذا النوع من البرامج , مستغلة المناسبة لتذكير بقية القنوات بتنبيهاتها السابقة المتعلقة باحترام أخلاقيات المهنة و قوانين الجمهورية في كل ما يبث و يعرض على المواطنين. أما الاعتذار فكان من القناة المعنية التي أوضحت بدورها في بيان لها، إنها "تتقدم باعتذارها عمّا ورد في برنامج الكاميرا الخفية (أنا و راجلي)، وتعتبر بث الحلقات "خطأً معزولاً وسوء تقدير"..و "لا يعكس تماماً حرص القناة على خدمة العائلة الجزائرية وتقديم محتوى يتماشى ومقدسات المجتمع،خاصة في شهر رمضان"مؤكدة "سحب البرنامج، الذي ينتجه فريق عمل مستقل عن شبكتها البرامجية الرمضانية، واتخاذ إجراءات عقابية تفادياً لتكرار هذا الخطأ". كما تقدمت القناة بأسفها للشاب ضحية مقلب الكاميرا الخفية ولأفراد عائلته، وأعلنت تضامنها معه, و هو تضامن سبقها إليه متابعو البرنامج الذين أبدوا تعاطفا واسعا إلى حد المبادرة بحملة تضامن معه لتمكينه من الزواج بأسرع ما يكون تعويضا له عن "الزوجة" التي قدمها له البرنامج كهدية. و هكذا ، بعد استغلال العنف "الجسدي" و المشاهد المرعبة في إنتاج حصص الكاميرا "المخيفة" لإفزاع الصائمين بدون أي إنذار مسبق عن وجود هذه المناظر المنافية للذوق العام , جاء الدور لاستغلال "العنف المعنوي" الذي يمس بالكرامة الإنسانية و الآداب العامة لإزعاج الصائمين بمقالبه المنفرة , و من حسن الحظ أن سلطة الضبط سبق لها و أن حذرت من استغلال "وباء كورونا" كموضوع للكاميرا "السخيفة" التي أضحت القنوات تتنافس على إنتاج حصصها تحسبا لكل شهر رمضان , و لكن لسوء الحظ كذلك أن هذا الوباء اضطر هذه الهيئة إلى تأجيل لقاء كان مقررا يوم 19 مارس الماضي في المكتبة الوطنية موضوعه " رمضان والبرامج السمعية والبصرية ". و هو لقاء كان سيضع النقاط على الحروف بخصوص هذه الانحرافات التي تخل بالتزامات قنوات التلفزيونية حيال أخلاقيات المهنة و القوانين التي تحكم عملها . و لكن كل الظروف أيا كانت، لا تمنع من التذكير المنتظم لكل القنوات بهذه القوانين قبيل الشهر الفضيل "كتابيا" عبر مذكرات مدعمة بالقوانين الأساسية التي تحكم عمل هذه الوسائل السمعية البصرية , و هو التذكير الذي ينبغي أن يحاط به علما كل المخرجين و المنتجين و المؤلفين المتعاقدين مع هذه الوسائل , حتى لا نترك المجال للمعتذرين أي فرصة للاعتذار نيابة عن مستخدميهم , للتملص من المسؤولية .