قبل وقتٍ كنّا عاديين جداً… قبل وقت كنّا عاديين جداً ، نقرأ الصّباح بلا تعب ونطالع وجوه العابرين للحياة من يملؤهم الحب والأمل نتفقد أخبار الجائعين ، ونتشارك فعل الصمود والرحمة .. ونرقب الشمس لنعجن رغيف العيش بعرق العطاء ونملأ الوقت بكل أسباب الحياة.. قبل وقت كنّا عاديين جداً واليوم على هيئة الموت تَتَّقِدُ "الكورونا" في دم الشوارع تُبَلّلُ أرصفة النور بعدوى الغياب والهدوء الموبوء بالرعب والتّعب . كأنك ابن الماضي البعيد.. وأنت تُطلّ من شرفة الأمس يفاجئك صمت عالق بالتفاصيل كوحش يتربص بالعابرين ، يخنق تفاصيل الحياة فينا ويعربد في زوايا الوقت والمكان ، ليعلن قيامة الخوف في أذهان مكتظّة بالسؤال والدّهشة . ويظلّ مابين الأمس واليوم ميلاد كارثة تفوق كل أبجديات الوقت والمكان والحدود والتدابير ، تحاصر الهواء والفضاء والأشياء تهزم تكنولوجيا الحاضر ، وتُسقِط نبوءات التّطور المزعوم وتتغلب على تقنيات الرصد والاستعداد ، ثمّ تستقر في ذهول باهت لا حول له ولا قوة ، وتعجز أمامها كل أسباب الأرض . لنسلّم للسماء صمودنا ، ونرفع للرّبّ عجزنا موقنين بالفرج القريب ، والفرح العامر بالتّعافي ، 00000فلا خابّ من توكل ولا ضلّ من اتقى .. قبل وقت كنّا عاديين جداً ، نغني للفرح ونبكي مع أمهات الشهداء ونرجو الفرج لأسرى الحرية ونتقاسم عناقيد القصف والغضب .. كنّا عاديين جداً ،نقرأ ونكتب ، نعمّر ونزرع ، نرفع ونبني نفرح ونتألم ، نشقى ونتعب ،نحلم ونتأمل ونغضب واليوم نحلم بأن نعود عاديين جداً !.. تبدّل الحال وحلّ المُحال ، وساقنا السّيْل للأهوال فهل نموت على أيّةِ حال؟! أم نتعّظ ونلتزم لنتّزن.. قالوا : " درهم وقاية خير من ألف علاج وأقول بالحب ننتصر بالتّوكل والرحمة والتكاتف .. الزموا بيوتكم..