الشهيد سي بلحسن واسمه الحقيقي عمارة بن دحو من مواليد قرية تاجموت بنواحي مولاي سليسن ولاية سيدي بلعباس من عائلة متواضعة حيث كان يشتغل أبوه في الفلاحة . جند في الجيش الفرنسي سنة 1946 و خاض حملة الحرب في الفيتنام و في نهاية حرب "لاندوشين " اكتشف هويته ليرمي بنفسه جسدا وروحا في حرب التحرير ضد الاستدمار الغاشم بعد أن فر من صفوف الجيش الفرنسي برتبة رقيب والتحق بجيش التحرير بالمنطقة الخامسة ( سيدي بلعباس) الولاية الخامسة التاريخية .وقد سمحت له خبرته العسكرية و إتقانه للفرنسية و الإرادة الصلبة التي يتحلى بها من الارتقاء إلى رتبة رئيس قسم بعد أن سجل عديد الانتصارات ضد العدو. ومن بين المعارك المميزة التي لا يزال يستحضرها سكان شطوان بنواحي بن باديس بكل فخر واعتزاز تلك التي تمكن فيها البطل سي بلحسن من تخليص الأهالي من بطش وظلم السفاح "دي بروكلي الذي جيء به من سبدو خصيصا لتأديبهم بعد أن عمد جنود جيش التحرير إلى حرق مقر البلدية والقضاء على بعض العملاء بينهم حارس البلدية "garde champétre ". قتل السفاح "دي بروكلي" وخلّص سكان شطوان من بطشه وقصة هذه الحادثة التي وقعت مجرياتها في 16 نوفمبر1957 أن المناضل الادريسي بالتنسيق مع سي بلحسن والإخوة أولاد بن نعوم نصبوا فخا لدى "بروكلي" حيث أقام عرسا وهميا بدوار ادريسة على بعد 4 كلم من قرية شطوان و ذلك بنصب خيمة وفي داخلها النساء يزغردن والرجال يضربون على البندير والطبل و يغنون ويرقصون ثم وجه الدعوة إلى "دي بروكلي" وحضر له وجبة غداء مكونة من المشوي الذي يحبه كثيرا ثم تسلل سي بلحسن إلى عين المكان مرتديا جلبابا وفاجأ "دي بروكلي" بالقول : من ينقذك مني الآن ؟ ثم منعه من امتطاء سيارته العسكرية من نوع "جيب"فما كان على هذا الأخير إلا أن لاذ بالفرار جريا عبر المسالك , فطارده سي بلحسن لتلحق به امرأة عجوز وتضع بين يديه جوادا ركبه وانطلق كالسهم لكن العدو كان يطلق عليه في كل مرة رصاصة إلا أن نفد مسدسه وهنا تمكن البطل من توقيفه في أحد المنعرجات بعد أن أصابه بجروح ثم انقض عليه و قتله , ولما لحق بهما مواطنو قرية " ادريسة" نساء ورجالا وجدوا "دي بروكلي" جثة هامدة فراحوا يرجمونها بالحجارة تنكيلا بهذا السفاح وقد أقام سكان المداشر المجاورة الأفراح تعبيرا عن سعادتهم بالتخلص من هذا السفاح الخطير الذي عاث في الأرض فسادا .وفي أكتوبر 1958 رقي الملازم الأول سي بلحسن إلى نقيب و قائد للمنطقة الخامسة بالولاية الخامسة ليخلف بذلك المجاهد طيبي العربي, وهكذا ساهم مساهمة فعالة في توسيع النشاط العسكري بالمنطقة من خلال نصب الكمائن و تنظيم مدينة سيدي بلعباس تنظيما عسكريا وسياسيا وكذا القيام بعمليات عسكرية أربكت الاحتلال . خاض عدّة معارك بالقور و دار الشيخ و شطوان وبني هديل وبني غزلي ومن بين المعارك التي خاضها ببسالة ولا يزال يذكرها مجاهدو المنطقة بفخر واعتزاز معركة العساس بناحية القور في المنطقة الخامسة ومعارك أخرى بدار الشيخ و شطوان وبني هديل وبني غزلي. هذا وتؤكد الشهادات الحية لبعض المجاهدين أن سي بلحسن كان يفضل العزلة في غالب الأوقات تفرضها عليه المهمة التي كان يضطلع بها حول أمور سرية لنظام الثورة التحريرية زيادة على ذلك كان يعتمد على نفسه في انجاز كثير من الأعمال . أعدم سي بلحسن أمام الناس في 1960 و في 24 نوفمبر من سنة 1960 و بينما هو في مهمة تفقدية بالناحية الثانية بين سيدي علي بن يوب و مزاورو مع ثلة من رفاقه قام جيش الاحتلال بتطويق المكان بعد أن علم بتواجده عن طريق وشاية من أحد الخونة , ثم نصب له كمينا مستغلا انفصاله عن رفاقه وانتهاجه لمسلك بمفرده فجرح وأصيب بكسر لينقل على إثره إلى مركز عسكري بمولاي سليسن ثم أخرج منه وتم تكبيل يديه و رجليه بشجرة على قارعة الطريق حتى يراه الناس . وفي تلك اللحظات جاءه ضابط فرنسي وبدأ يستفزه ثم جذبه من وجهه بقوة فما كان رد فعل سي بلحسن إلا أن يبصق في وجهه , فجن جنون الضابط ثم أخرج مسدسه و قتله . هذا وظلت النسوة بعد الاستقلال يتغنين ببطولته وبسالته في محاربة جيش الاحتلال الغاشم خاصة في الولائم والأفراح بأغنية ذاع صيتها آنذاك مطلعها " يا سي بلحسن زين التحزيمة ..." رحم الله هذا البطل وكافة شهدائنا الأبرار .