- أسقط طائرة مُقَنْبِلة للعدو من نوع «D6» برشاش في 1958 جنوب بلعباس - شارك في عدة معارك بسلاحه الرشاش «جارا» استولى عليه من دورية عسكرية فرنسية - تقلد رتبة نقيب ثم قائدا للمنطقة الخامسة بالولاية الخامسة - دفن بمقبرة الشهداء برأس الماء الحديث عن الشهيد البطل الطاهر «موسطاش» واسمه الحقيقي مواليد بخليفة ذو شجون نظرا لما كان يعرف به أثناء الثورة التحريرية المباركة من جرأة وفطنة وذكاء وصبر ومصابرة فضلا عن تضحيته الجسيمة وأخلاقه العالية وكذا تدينه اللافت حيث كان يؤدي الصلاة في وقتها, ولعل أبرز عمل اشتهر به بين رفاقه وعند الناس هو نجاحه في إسقاط طائرة مقنبلة من نوع d-6, فلا يذكر اسمه إلا وذكر معه هذا العمل البطولي النادر. «موسطاش» انضم إلى جيش التحرير في 1956 ولد الشهيد بدشرة السعادنية عام1921من عائلة ميسورة الحال تحترف تربية الأغنام والماعز والأبقار وقد كان مولعا بصيد الأرانب البرية والحجل والغزلان منذ صغره لا تفارقه بندقية الصيد ما أكسبه مهارة في الرمي وإصابة الهدف بدقة متناهية و قد كان يتردد على منزله الذي حول إلى مركز قياديين أمثال فراج وعبد الهادي والأزهري وغيرهم ... يعقدون به اجتماعات سرية يتم خلالها تنصيب الخلايا والأفواج والفروع لمسح المنطقة ونشر النظام السياسي عند عامة المواطنين خاصة فئة الشباب إلى أن بلغته معلومات مفادها أن المستعمر يترصده في كل مكان ما جعله ينضم إلى صفوف جيش التحرير في بداية 1956 مصطحبا معه بندقيته للصيد التي استعملها في بداية الأمر في محاربة العدو. خروجه للصيد منذ الصغر جعل منه «قناصا » وكانت أول عملية شارك فيها في الأسبوع الأول من انضمامه لصفوف الثورة نصب كمين لدورية عسكرية فرنسية بالمكان المسمى ب «عقب البيضاء «ما بين تاجموت ومولاي سليسن أين تم القضاء على أفرادها جميعهم وتمكن هو من الاستيلاء على سلاح رشاش من نوع «جارا». أسقط طائرة مقنبلة ما بين جبل عساس وسيدي يوسف بسليسن يقول المجاهد أحمد نوال الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين بسيدي بلعباس في شهادة حية أدلى بها للجمهورية حول الطاهر موسطاش: لقد التقيت به لأول مرة في أكتوبر 1958 بمركز تخفارت وهو عائد على التو من معركة عندما كلفت بمهمة مرافقة حامل الألغام بن يغلة إلى هناك انطلاقا من واد توريرة بجنوب ولاية سيدي بلعباس , فلفت انتباهي وبوضوح أثر الرصاصة التي أصابته فوق جبينه الأيمن و الدم لايزال يسيل على شاربيه الطويلين عند إسقاطه للطائرة المقنبلة في تلك المعركة الطاحنة التي اندلعت بين المجاهدين وجيش الاحتلال بمكان متواجد بين جبل عساس وجبل سيدي يوسف في منطقة مولاي سليسن التاريخية إذ استعمل فيها سلاحه «جارا» من صنع أمريكي ظل ملازما له في كل المعارك التي خاضها ببسالة , تحدثت معه في ذلك اليوم وأذكر أنني لما هممت بالعودة إلى فرقتي بواد تاوريرة بادرني بالسؤال هل لديك خرطوشات ؟ أجبته نعم لدي 120 خرطوشة وهي من صنع بلجيكي فطلب مني في الحين أن أمده ب 40 ففعلت لكن عندما عدت أدراجي ببضع خطوات رجعت إليه طالبا منه تسليمي بيانا كتابيا أبرر به ذلك أمام قائد فرقتي فلم يتردد وسلمني إياه ثم انصرفنا أنا وحامل الألغام الذي سلمهم صندوق الألغام المستعملة في تدمير الدبابات تم صنعها بمركز تلاغ علما وأن المعركة التي أسقط فيها الطائرة المقنبلة من نوع ( d-6) استشهد فيها مسؤولون عسكريون في جيش التحرير في الوقت الذي تم فيه القضاء على مجموعة من جنود العدو لا نعلم عددهم بالتحديد . واد النجاجعة شاهد على عدة معارك ويضيف المجاهد نوال «شاركت معه في عديد المعارك منها معركة نشبت بيننا وبين العدو في مارس 1959عندما كنا عائدين من مركز موكسي باتجاه جبل سيدي دومة , فأمطرنا سرب من الطائرات , ونحن بواد نجاجعة ,بوابل من الرصاص غير أن الله عز وجل أنجانا من الهلاك وكدنا نحن أن نسقط واحدة من هذه الطائرات من نوع ريكسيون بعد أن أصبناها بواسطة سلاح رشاش من نوع 24-29حيث انبعث من محركها دخان كثيف متواصل فحلقت إلى الأعلى في اتجاه واحد لم تحد عنه ولم تعد وقد اختفت أنظارنا , ما جعل العسكريين الفرنسيين ينسحبون من الميدان وقد استشهد منا 3 أفراد . و من قبل في أوت 1958كنت رافقته في فوج مكون من 16 فردا إلى دشرة قايد بلعربي التي تحولت اليوم إلى بلدية بعيدة عن سيدي بلعباس بنحو18 كلم فاستقبلنا سكانها بفرح واعتزاز وهم يشاهدون لأول مرة أفراد جيش التحرير عن قرب حيث مكثنا عندهم نحو 16 ساعة وأذكر هنا أن أحد الفلاحين اقتنى لنا من ماله الخاص أحذية متينة بعد أن أخذ قياس كل واحد منا بالإضافة إلى تسليمنا 16 ساعة يدوية وبعدها أمضينا 18 ليلة في هذه المنطقة, كل ليلة نقضيها في إحدى المزارع الصغرى المتناثرة هنا وهناك على محور مصطفى بن براهيم - بني تالة لأجل أن يتعرف علينا السكان حيث استقبلونا بالترحاب والزغاريد . كان رشاشه دائما يصيب الهدف وخلص أحمد نوال إلى أن الطاهر موسطاش ذو الشاربين الكثيفين الطويلين كان طويل القامة , قوي البنية , ينتعل حذاء نمرته 46 ويصنع له خصيصا ببلعباس أو بسفيزف أو بتلاغ وأحيانا بتلمسان , يمشي بخطوات سريعة , اجتماعي يتحدث مع الجميع ويمازح المجاهدين في عدة أوقات لكنه صارم في مواقفه , ثابت على مبادئه , يحب وطنه حتى النخاع ويحثهم على الدفاع عن الوطن والاستماتة والاستشهاد قبل الاستقلال , متدين أيما تدين يحرص على الصلاة في وقتها ويصوم أيام رمضان كلها إلا في أوقات المعارك الضارية , الرصاصة التي يطلقها على العدو غالبا ما تصيب الهدف ولا تسقط في الأرض أو تذهب في الهواء .. استشهد في 1961 بعد اشتباك مع العدو لقد كبد العدو خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد إلى أن استشهد في صبيحة يوم 12 مارس سنة 1961 بمنطقة مولاي سليسن التابعة للمنطقة الخامسة التاريخية بعد حصار ضرب عليه رفقة مجموعة من المجاهدين لكن البطل قرر مواجهة العدو مباشرة والاشتباك معه هو و5من رفاقه في معركة غير متكافئة ازدادت ضراوتها مع حضور قوات جوية إلى أن أصابته إحدى الطائرات بواسطة قذيفة «روكات» لينتقل إلى الرفيق الأعلى . تم تحويل رفاته إلى مقبرة الشهداء بعد الاستقلال وظل قبره مجهولا إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية أين كشف بعض المواطنين ممن حضروا عملية دفنه إبان الثورة عن مكانه ليحول رفاته إلى مقبرة الشهداء ببلدية رأس الماء في جنوب ولاية سيدي بلعباس أين يرقد هناك مع ثلة من رفاقه من الشهداء الأبرار الذين قال الله في حقهم « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون « . وينهي شهادته بالقول هذا قليل من كثير عن بطل كان جنديا ثم أصبح ملازما ثاني ورقي إلى رتبة نقيب وقائد للمنطقة الخامسة بالولاية الخامسة مباشرة بعد استشهاد سي بلحسن اعتبارا من ديسمبر 1960 إلى غاية استشهاده .لقد أبلى البلاء الحسن إبان الثورة التحريرية في سبيل استقلال الجزائر, ولا بد من توثيق حياته وجهاده وبطولته حتى تستلهم وتستخلص منها الأجيال المتلاحقة الدروس والعبر.رحم الله شهداءنا الأبرار وأسكنهم فسيح جنانه.جدير بالإشارة إلى أن بقايا جناح الطائرة التي أسقطها متواجد حاليا بملحقة المتحف الوطني للمجاهد بسيدي بلعباس أين يمكن لأي زائر مشاهدته والتأمل فيه عن قرب.