تسألني حبيبتي : ما الفرق بيني وبين القمر؟ الفرق بينكما – يا عزيزتي – أني عندما أراك، وأبصر صفحة وجهك الممزوج بأريج الياسمين ..أنسى القمر. هذا الكوكب الذي تغنى به العشاق ..يسكب احمراره من لون وجنتيك،وأنه لا يظهر حتى يأخذ الإذن من عينيك البحريتين اللتين ترسو في مرفئهما السفن الحزينة. ما القمر سيدتي ؟ إنه قرص ترابي تنام فوق أهدابه براكين هادئة.لا يزوره النوّار،ولا مأوى فيه لأسراب الحمام.أما أنت سيدتي..فعلى رموشك تنمو حقول ميموزا و إقحوان، والطرب الأصيل من شفتيك يمطر أعذب الألحان.وفي غابات شعرك تتزاحم الأقمار الخضراء والبيضاء،والتي من غير ألوان،ومن جبينك يطلع النهار،ويدفع العاشق للإبحار وسط السنابل وأشجار الكرز والرمان. كان لي بعد عسر عسير فرصة زيارة القمر.فلم أستلذ.أصابني الدوّار وامتلكني ذعر شديد،وخنقتني حرارة التراب،وألم البعد عنك.حتى حقيبتي تعبت من المشي الطويل. وكان لي حظ الولوج إلى وعاء قلبك الزجاجي الأخضر،فشاهدت..شاهدت البحر يغازل زرقة السماء،والشمس أخذت مضجعا لها بين الزهور مترنمة شادية. شاهدت كيف نزلت النجوم وسط دكنة الغيوم،وحطّت بين يديك تمسحين دموعها الوميضة بعد فراق الحبيب، وحسنوات يفترشن الأرض بنفسجا وحريرا.حتى سمك القرش لم يعد يخيف.لقد حمل أنيابه وهمومه على كتفيه وطلب الصفح ،واعتزم الرحيل. وبلون المطر لمحت على الشجر أحلى خبر.: أحبك جدا منقوشة بلغات شتى.وهنا رأيت الحب يوزع لكل الناس مثل أشعة الفجر،مثل الخبز،والماء في النهر.رأيت الحب أخضر كديوان الشعر. وفي حديقة عينيك.. التقيت بالربيع يعجن ترابها،ويحضن حشيشها،ويرسم البسمة على طيورها،والزنبق يضم حبيبه الراجع.و كانت النحلة تمنح الزهرة شهدها النافع.رأيت الشمس تطلع من عيني حبيبتي،وفوق مياه أصابعها أسماك ترقص.جماك يا مولاتي..يا مهجتي .. يكهرب لغتي وأصابعي وذاكرتي .. يكهرب ثقافتي..فارتعش جسد ورقتي البيضاء بعد سماع موسيقى يديك. إني في أزهى حالاتي يا قنديلي فامنحيني فرصة كي اكتب التاريخ..فتاريخك سيدتي حضارة لا تتكرر.امنحيني الفرصة كي أدرسك مثل الوردة ورقة ورقة،كي تنفجر من أصابعي جداول وعطور.أحبك – هل قلت إني أحبك؟-لأن حبك القادم من ذاكرة الياسمين غيّر زماني،وتكاثرت أقاصيص الهوى..هذا الحب الذي كان مرة في فمي جمرة ومرة قطعة سكر. آه يا سيدتي..يا سيدة الكون التي أهدتني نجوما وكروما وصنوبر... أنت أجمل وألطف وأشهى من ألف قمر.