عزيزتي.. تقولين: ما يجدي أن تكتب عن الحب،وقد سبقك الكثيرون ممن كتبوا عن الهوى وعذابه،وعن الشوق وهيامه.لقد نقشوه بمياه الياسمين على جبال المغامرات،وعلى أمواج البحر وزبده وهياجه،و على أوعية الفخار،وفوق عاج الفيلة.فهل يجدي حبك لي؟. وهل بقي لإنسان هذا العصر وقت يضيعه في قراءة قصص الحب رغم قسوة ظروفه الاقتصادية،وتردي الوضع الاجتماعي،وأخبار الحروب،والثورات الشعبية من حوله تؤرقه،وفرص الحياة النادرة،وطغيان الآلة،والاختناقات؟ هل تعيد لي خواطرك العاطفية الدافئة أحلام الصبا،وتزقزق في قلبي العصافير؟ لم أعد أرى تلك الغمامة الوردية تربط شعري،ولا الشمس تفتح ذراعيها كي تحضن آهاتي.. ..حتى القمر غير إقامته، وأضرب عن الكلام، والتجول وحبيبته في نزهة رومانسية.أحسسته مصدوما مثلي،وقد تلاشت آمالي وأحلامي .فهل تعيد لي كتاباتك آمالي وأحلامي يا جيلالي؟ عزيزتي.. هناك ثلاثة أشياء لا تنتهي من الدنيا، إلا إذا انتهت الحياة نفسها على هذا الكوكب الدائر،ونشفت البحار،وأفلت النجوم قناديلها: أنت وحبي الكبير لك،والموت. إن نغمات صوتك الممزوجة برذاذ المطر،وحلاوة الشقاء،وبزبد البحر لا تزال تتراقص على أوتار مسامعي،وتتسلل إلى وعاء قلبي خلسة لتعلن الاشتياق،فأغدو ضوءا سائلا،وزمنا خارج الزمان،وتصير عيناك حقول شعر،وبساتين تمطر الجمال. كم أغمضت – عزيزتي – جفناي المرهقتين كثيرا آملا أن أراك في أحلامي البائسة..لكنك لم تأت. لم يزرني النوار.بعثت لك الهدايا ،وقوافل العطور،وترجتك البلابل،لكن..هيجان البحر وعواصف الرمال حملت أجمل الأشعار،وطلب الحنان الانتحار.وأدركت أن برحيلك..يرحل الفرح عن قلبي،وتغدو ابتسامتي باهتة..وأن الحياة بعدك ستفقد أجمل الألحان،وأمتع ما فيها. عزيزتي.. تأكدي أن الفرحة تولد من رحم الأحزان،وتحلق في سماء السعادة،وأن الدمعة شقيقة الإنسان،ومن دموعنا يطلع النهار،وتزهر الابتسامة،وتنبت على جدران القمر الأخضر حقول إقحوان. إني – يا عزيزتي – أحمل جرحي على أكتافي إليك،وحلمي أن أجد الدواء ينساب رحيقا من شفتيك. أعيدي من فضلك النخيل للصحراء،والزرقة للسماء.أمطري من حدائق عينيك أمطري على شطآن التعاسة.. موسيقى الحب والوفاء. إن حبك يعذبني لأني لا أستطيع أن أحبك أكثر. إني لا أستطيع أن أخترع لك لغة جديدة، وحروفا أبجدية لم تقل في كتاب الحب. أنت اللغة والحزن والموت والدموع..... أنت امرأة ..عفوا أنت مجموعة نساء. كان بوسعي أن أرسمك بشكل أفضل،لكن لم تقنعني لا الفرشاة ولا الألوان المائية. حتى لغتي التي صنعت لك منها قميصا من نور لم يحلم به غازل – هل تتذكرين ؟- رفضت مقابلتي.طلبت أحرفا هجائية إضافية لم يدونها الأولون في سطور الحب لأكتب عن معاناتي،وعن أسراب الحمام التائه في مدائن الظلام. فكما حبي لك استثنائي،فلغتي كذلك أرادت أن تكون استثنائية كحبي لك. لأن ببساطة أنت امرأة استثنائية تحتاج إلى كتاب من الدموع،وصفائح من الياسمين. وإذا خيروني ما بين السماء والشمس لاخترتك أنت.