تستعد جريدة الجمهورية لإحياء الذكرى ال58 لتأسيسها غدا الاثنين وهي مناسبة لعرض عطاء أكثر من نصف قرن والمساهمة في إثراء المشهد الإعلامي في بلادنا طيلة المراحل السياسية التاريخية المختلفة التي مرت بها الجزائر، و تسليط الضوء على عمل واجتهاد أجيال متعاقبة من الصحفيين والمخرجين و المصورين ورسامي الكاريكاتير والتقنيين والإداريين الذين لم يبخلوا في تقديم عصارة أفكارهم وتجاربهم خدمة لجريدة تعد بلا منازع إحدى مدارس الصحافة المكتوبة في الجزائر ،و الرائدة ضمن أهم العناوين الصحفية التي أرست أسس الصحافة المكتوبة في الجزائر ،ولسنا هنا لنبالغ في وصفنا للجمهورية هذا العنوان الكبير الذي رأى النور ذات 29 مارس من سنة 1963 بعد أقل من سنة من استقلال الجزائر و كان المخاض صعبا و البداية أكثر صعوبة بالنسبة لجريدة تولد في ظروف استثنائية وتحمل رسالة الجزائر الجديدة المستقلة و مع ذلك فإن فريق المؤسسين للعنوان رفعوا التحدي و أبلوا البلاء الحسن لتضم الجمهورية الصادرة في البداية باللغة الفرنسية أقلاما وأسماء جزائرية وهبت عمرها للسلطة الرابعة و تألقت و كانت لها تجربة ومسارا خصبا و حافلا على درب الكتابة الصحفية عبر المراحل السياسية لأن تلك الكوكبة من الصحفيين والمخرجين والتقنيين و المصورين كانت تحمل شعار حب الصحافة و الحرص على الإبداع والتضحية من أجلها ،و لذلك كان الأداء رائعا وصدى الجمهورية قويا ،و حضورها واسعا و فعالا كلما تطلب الحدث السياسي والاقتصادي والاجتماعي ذلك و تم كل ذلك تحت شعار الاحترافية أولا وثانيا و آخرا في إطار أخلاقيات مهنة راقية بعيدا عن كل تطفل على مهنة المتاعب و سعي نحو تحقيق المصالح الخاصة الضيقة تحت حصانة السلطة الرابعة فالحديث عن المسار المهني و رسالة الصحفي يشمل حتما معايير الثقافة والكفاءة وأخلاقيات المهنة التي تعد الضمان لأحسن أداء للعمل الصحفي و جريدة الجمهورية خلال 58 سنة كونت وخرجت دفعات متعاقبة من الأقلام القوية التي أثرت صفحاتها لسنوات بل طيلة عقود ومنهم من أكمل المشوار، و من عبر منها إلى عناوين صحفية أخرى ،و من وافته المنية ،ومن غادرها في منتصف الطريق نحو مسار أكاديمي بحت أو مسار مهني في الخارج ،و منهم من خاض تجربة الصحافة الخاصة ،و من اغتيل برصاص الإرهاب ،و بهذا ظلت الجمهورية حاضنة لكل من طرق بابها من الأقلام الشابة و الأدباء الذين أصبحوا ذوي صيت وشهرة كبيرين ومراسلين من كل أنحاء الجزائر ودفعات من خريجي الجامعات من كل الاختصاصات و و قد تبنتهم بمختلف مشاربهم ومناهلهم العلمية و الثقافية و اهتماماتهم من مسرح وأدب و غيرها لتكون البوثقة التي اختلط فيها الجميع وقدموا تنوعا في الأداء والتخصصات ،و قبل ذلك اجتهدوا في عملهم فالاحتفال غدا بمرور 58 سنة على ميلاد جريدة الجمهورية هو أيضا احتفال و وقفة شكر وامتنان وتكريم .