لم يمح الزمن ثمرة جهود عمال رفعوا شعارهم من الثلاثي الرمز الذي يحدد معالم الدولة الجزائرية في سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات وحتى التسعينات وخاضوا تجربة الإعلام والصحافة المكتوبة في ظروف اقل ما يقال عنها أنها صعبة آنذاك وتتطلب الصبر والتحدي لتجاوز العقبات . ولم تلغ الثورة الرقمية ما أنجزته مدرسة الصحافة المكتوبة عبر أحقاب زمنية خلت وعبر محطات نستذكرها نحن اليوم باعتزاز كبير ، أمام ما أبدع وتفنن في صنعه جنودا طلقوا حياتهم الزوجية وارتبطوا بمحض إرادتهم وبدون تردد بحياتهم الجديدة ،جنود لم يعرفوا الملل والكلل لعدة سنوات إلى أن أحيلوا على التقاعد أو رحلوا عنا ، هم عمال جريدة «لاريبليك» سابقا و«الجمهورية» حاليا الذين افنوا شبابهم وحياتهم لإيصال المعلومة وإتقان عملهم باختلاف مناصبهم من أعوان الإدارة ،فقسمي التحرير والتقني إلى السحب والتوزيع عبر حلقة تكمل كل واحدة الأخرى ، لتصل الجريدة في أخر المطاف إلى القارئ قبل الساعة السادسة صباحا عبر ولايات الوطن ككل . نقف اليوم ونحن نحي الذكرى ال 58 لتاسيس جريدة «لاريبيبليك – الجمهورية «المصادف ل 29 مارس من كل سنة وقفة عرفان وتقدير لأصحاب الرسالة السامية الذين فقدناهم و نقف وقفة شكر وإجلال لتكريم كل من ساهم في بناء هذه الجريدة العتيقة التي تأرجحت بين الأمرين بين مسير بادر في التغيير ورفعها إلى أعلى مستويات وحقق اكبر نسبة مبيعات وبين مسير ثان اكتفى بمنصب الإدارة وفشل في أداء رسالته وإتمامها على أكمل وجه ، رغم أنها عودت نفسها على النجاح و اختزلت من قاموسها كل معاني الإخفاق والانكسار مراحل تاريخية لا يمكن أن نختصر تاريخ المدرسة في بعض السطور أو في مساحة صغيرة تزامنا مع الاحتفال بهذه المناسبة ، حيث ارتأينا كأضعف الإيمان أن نخصص ملحقا نتطرق فيه إلى أهم المحطات التاريخية التي مرت بها «لاريبيبليك – الجمهورية «والتي جعلتها تتميز عن باقي العناوين بدء من تاريخ التأميم سنة 1963 إلى يومنا هذا وانتهاج طريق التحول الرقمي الذي تعتبره صراع من اجل البقاء والتحدي الذي يواجه مستقبل الورقية . تعود بنا عجلة الزمن إلى الوراء وبالضبط إلى سنوات الستينات زمن ضجيج الطابعات وتذويب الرصاص وراتب 350 دينار شهريا وقبل الحديث عن هذه المرحلة بالذات ، يفرض علينا تاريخ الجريدة أن نقف قليلا عند صدور أول عدد من جريدة «ليكودورو» في أكتوبر 1844 من قبل مؤسسها أدولف بيريي وبعد تشييد المقر الحالي لجريدة الجمهورية المتواجد ب 6 شارع سنوسي حميدة بوسط مدينة وهران في سنة 1908 استمرت الجريدة الكولونيالية في الصدور بنفس المقر وبالطريقة التي اختارتها لمعالجة مواضيعها لمدة تزيد عن القرن . ولم تتعد الجريدة آنذاك صفحتين ،جمعت بين الأخبار المتنوعة على شكل مقالات قصيرة و بين الإعلانات التي لم تتجاوز هي الأخرى الركن المخصص لها ولا تزال معالم تلك الحقبة حاضرة بكل زاوية من زوايا البناية الأثرية التي لم تنل لحد الآن نصيبها من الترميم ، رغم القيمة التاريخية التي تحملها في طياتها. بعد 119 سنة وبالضبط في عام 1963 استطاع الطاقم المتكون من جميل بن ديمراد وسفير عبد القادر وعثمان عبد الحق أن يحضروا الأرضية المناسبة لإصدار أول عدد لجريدة «لاريببليك» ، بتهيئة كل الظروف المهنية التي تسهل لهم خوض تجربة الصحافة المكتوبة ، خاصة أن عامل الزمن لم يكن في صالحهم أمام نقص الموارد المادية والبشرية ،بعد أشهر قليلة فقط من الاستقلال. لم يستسلم الفريق عند أول عقبة بل راح يبحث عن الطريقة التي تختصر لهم المسار الطويل وتحقق لهم الأهداف التي اتفقوا عليها وما هي إلا فترة وجيزة حتى تمكن من إصدار اول عدد من 8 صفحات من الحجم الكبير للجريدة «لاريببليك» يوم الجمعة 29 مارس من نفس السنة وتصدر الصفحة الأولى تعليق الحاج بن عبد الله عضو المكتب السياسي للافلان تحت عنوان «تحيا لاريبيبليك» كما كتب الرئيس الأسبق المرحوم بن بلة «حدث مهم» الى جانب مقال حول الأمير عبد القادر وفي 18سبتمبر 1963تم الإعلان الرسمي عن تأميم 3جرائد من بينها «لاريبيبليك» ولم يفوت الطاقم الذي كان يترأسه المديرالعام مراد جميل الفرصة التعبير عن فرحتهم في تعليق كتب بالبند العريض في الصفحة الثالثة من عدد 151 بعنوان «ليكو انتهى» وفي نفس الشهر أصبح المقر الرسمي للجريدة بالبناية ذاتها المتواجدة بشارع سنوسي حميدة بعد أكثر من قرن من استغلال المكان من طرف الاستعمار الفرنسي ليكون جميل بن ديمراد أول مدير بعد أشهر قليلة من استقلال الجزائر ثم عثمان عبد الحق في نوفمبر 1963الذي غير من شكل الجريدة لإبراز هويتها أزهى مرحلة في عمر الجريدة ظل عثمان عبد الحق يدير الجريدة لقرابة 7سنوات وفي جانفي 1970 خلفه بشير رزوق الذي حقق أشواطا كبيرة في تاريخ المؤسسة برفع المبيعات والسحب ما جعل عمال الجريدة يصفون المحطة الثانية بأزهى مرحلة في عمر «لاريبيبليك «بدليل أنه استحدث قسم الإخراج وطور من شكل الجريدة لتغيير البنط في كتابة العناوين الرئيسية مع إضافة عناوين فرعية واختيار الصورة ولم تهمل الجريدة المشاريع الكبرى التي أعلنت عنها الدولة كالسد الأخضر والثروة الزراعية وفي 1974 صوبت لاريبيبليك اهتمامهم المواضيع المرتبطة بمواقف الجزائر لمساندة حركات التحرر في العالم و بالدرجة الأولى إفريقيا التعريب المحطة الحتمية تميزت المحطة الثالثة للجريدة بالتحضير لتعريب «لاريبيبليك» في عهد محمد الشريف زروالة بعد السايح هواري وانتهت التحضيرات الخاصة بهذا القرار بتسريح 20 صحفيا والاستعانة بالأقلام القادرة على التكيف مع الوضع الجديد وفي 1976 تم تعريب الصفحة الأخيرة من الجمهورية بعد 4سنوات من تعريب النصر وكان الأسود والأحمر بارزان في هذه الصفحة بعدما حصص موضوعا حول الصحراء الغربية لم يمكث سقاي عبد الحميد في منصب إدارة المؤسسة طويلا ليخلفه عيسى عجينة في ديسمبر1978 ،هذا الأخير استحدث النادي الأدبي واستعان بالكفاءات الجامعية لإثراء الصفحات الجديدة و كل ما هو ثقافي أدبي وفي 1983 استفادت الجريدة من آلة جديدة بالمنطقة الصناعية السانيا تفاديا للأعطاب المتكررة الناجمة عن العتاد الأول وبعد مرور 3 سنوات وبالضبط في سنة 1986 تم فتح مسابقة وطنية لانتقاء الأقلام الشابة في فترة زهاني محمد الذي استطاع أن يدعم الجريدة بأقلام شابة. واهم ما ميز مرحلة تولي حبيب راشدين مسؤولية إدارة الجمهورية دخول المؤسسة عهدا جديد يعتمد على الإعلام الآلي باستعمال تقنية الحفر الفوتوغرافي بدل آلة اللينو في جويلية 1987 هذه النقلة الهامة في مسار الجريدة جعلتها تودع الظروف المهنية الصعبة والأخطار الناجمة عن استخدام الرصاص وفي إطار هذه التحولات استفاد 16 تقنيا من تكوين بمدينة شلتنهام البريطانية إلى جانب دورات أخرى بجريدة النصر التي باشرت في هذه التغيرات قبلها. صعوبات وتحديات لم. تدم هذه النقلة طويلا فقد وجدت الجريدة نفسها غير قادرة على تسوية أجور 147 عاملا على خلفية مشاكل التسيير والتوزيع في الفترة الممتدة مابين 1990و1997وبالضبط في عهدا المدير الأسبق كعوش محمد لاسيما وان مرحلة الاستقلالية التي تم بموجبها فصل المطبعة عن الجريدة قد أثرت كثيرا عليها بحرمانها من المداخيل التي كانت تحققها المطبعة ما أسفر عن غلق المؤسسة في فيفري 1997ووجد العمال أنفسهم أمام أبواب موصدة . وبعد شهر تقريبا عادت الحركة من جديد إلى المؤسسة واستأنفت الجريدة نشاطها مرة أخرى ب 35 عاملا تحت أشراف بوخالفة بن عامر مديرا عاما على رأس ذات الهيئة وصدر أول عدد في 22 مارس 1997باللون الأزرق وتصدر الصفحة تعليقا بعنوان «لتعيش الجمهورية» الرقمنة رهان الجمهورية الجديدة في سنة 2011 انتهجت الجمهورية طريقا مغايرا بشكل يسهل لها مسايرة التحول الرقمي والتحكم فيه ،حيث استحدث المدير الاسببق بن عامر بوخالفة قسم الواب بعدما فرضت الثورة الرقمية شروطها على الجميع من اجل البقاء ،فأصبحت حاضرة عبر يوتوب والفايسبوك والانستغرام ويتكفل القسم بمعالجة كل الأخبار اليومية والمواضيع الجوارية التي تتطرق إليها الورقية ، من المحلية والجهوية والثقافية والرياضية لمواكبة التطورات التكنولوجية. كانت الانطلاقة محدودة المساحة نوعا ما و سرعان ما توسعت التقنية مع الاستخدامات الجديدة التي شهدها الواب بتوسيع قائمة الأخبار وتنويعها ولم تتوقف سلسلة التغييرات التي عرفتها الجريدة منذ تأسيسها بتنصيب سعيد مختار على رأس المؤسسة في سنة 2012 وفي 2013 تم استخلافه بمدير جديد بوزيان بن عاشورلمدة 6سنوات انتهج فيها طريقة مغايرة في طرح المواضيع ومعالجتها دون قيد او شرط ،انطلاقا من أن الخبر الجواري من اهتمامات القارئ ومن أولويات الجريدة ونظرا للبرنامج المكثف الذي ضبطته هيئة التحرير لتتنظيم منتديات دورية ، صب اهتمامه على مشروع تهيئة متحف «الجمهورية « بإدراجه ضمن أجندة أعماله ليكون جاهزا لاستقبال الضيوف بشكل يليق بمكانة المدرسة العريقة تعرض فيه صور فوتوغرافية شاهدة على أهم المحطات التي مرت بها واهم ما قدمه أصحاب الرسالة السامية .