في جوّ حميمي وعائلي ، أجمل ممّا كُنّا نتصور أو نتوقع ، جرت احتفالية "الجمهورية" بخمسينية تأميمها يوم الخميس، ببهو هذا العنوان التاريخي العتيق الذي ما يزال يبهر زواره ورواده . حضرت عصبة الدّم والعرق والقلم، منذ تاريخ تأميم الجريدة في 29 مارس 1963 وتحويلها بقرار سياسي وسيادي الى «لاربيبليك» بالفرنسية، اللّهم إلاّ من خطفته المنيّة أو أيادي الإرهاب الآثمة ... حضر ديدي عبد السلام الشاهد الوحيد على مرحلة التأميم، الذي كان آنذاك نائب المدير العام المرحوم بن ديمراد الذي عينته الإرادة السياسية للبلاد ليرأس هذا العنوان ويقوده الى خدمة الإستقلال الوطني بعد أن كان الفرنسيون يستعملونه لقضاء مآربهم الإستعمارية. ...وحضر على التوالي :المدراء العامون، عيسى عجينة وحبيب راشدين ومحمد كعوش وبن عامر بوخالفة وبطبيعة الحال المدير الجديد سعيدي مختار، ... كلّ منهم قلم ومدرسة وصحيفة كتبت تاريخ "الجمهورية" من ذهب وأرّخت لعهود وعهدات يشهد لها العدّو قبل الصديق كانوا مراحل وشخصيات حاسمة في حياة المدينة والجهة والوطن، ويكفيهم فخراً بأنفسهم، ويكفينا فخراً بهم، أنّ أقلامهم ما زالت سيّالة وبرّاقة، تشيد بالحقائق وتضحد الأكاذيب والفضائح . ...وحضر من تخضرمت على أيديهم، من رأيت فيهم نفسي وأنا من تتلمدت على خبرتهم وعطاءهم، وأنا لا أتعدى الخامسة والعشرين من ربيع عمري، حضر مَنْ مازلت أستحي من الوقوف أمامهم أو بجانبهم بدون أن أطأطأ رأسي أو أنحني لأستمع بحياء وتمعّن لعلي أتقفى بعض فواصل ونقاط ما يكتنزون من خبرة في خبايا الكتابات الصحفية والإعلام، في بحور العلم والمعرفة، نهلنا من جودهم في الأخلاق ورِفعتهم الكتابة، وفجأة تركونا، مرغمين، نصارع وحيدين، حدث ذلك بعجالة وسرعة البرق، هم الأساتذة، السيدات والسادة، الصحفيات والصحفيين: خيرة بن بريك، هوارية عامر ، بن طرمول عبد العزيز ، بلعاليا محمد ، سوالي محمد ، حمومي عبد القادر ، حي بومدين ، لخضر أبوليلى، وعثمان بلعباس أوّل رئيس تحرير أشرف على تعريب الجريدة في 1977. وحضرن ثلّة من هذا الرعيل الأوّل، ممّن يقودون القافلة في هذه الفترة الحاسمة والحرجة، جيل الزمن الجميل، رفقاء الزملاء والأساتذة السابق ذكرهم، الصحفي ورئيس التحرير عدة محمد، الذي أبى إلاّ أن يشاركنا إحتفالية "الجمهورية" بقلب مفتوح، والصحفي بن عيّاد بومدين، والصحفي بن علال محمد والصحفية حليمة زلماط ورئيس التحرير شرڤي محمد وعذراً لمن لم نذكر أسماءهم سهواً. ... وحضر بطبيعة الحال، صحفيو جيلي، والجيل الجديد، الذين نتوسّم فيهم خير هذه اليومية وسؤددها يحملون مدرسة "الجمهورية" في قلوبهم وعقولهم، ويختزلون ذلك في أخلاق وكتابات ومواقف ومبادئ لا تقل شأناً عن جيل القلم والدم والعرق. و«الجمهورية» لم تنس قمما، نهلنا منها، وتركت بصماتها على صفحات يكتنزها أرشيفنا الذي يسيل لعاب كل من تتاح له فرصة زيارته والإطلاع عليه، لم ننس المرحوم غرداوي محمد الذي تعلمنا منه الكثير النيِّر والجميل، الحياء، الحبر والحكمة، فحضرت عائلته نستذكر رفقتها براعة أقلام، من المستحيل أن نعثر على أمثالها. ... وحضر أهل العرق ، آباءنا وإخوتنا في هذه المؤسسة الإعلامية الشهيرة، الذين كانوا يتحملون عبئ إيصال كتاباتنا الى القراء في أبهى حلّة وأجمال صورة، في عهد ما قبل الثورة المعلوماتية لمّا كانت مادّة «البلان» هي المادة الأساسية في الكتابات الصحفية ، كنّا ننزل إليهم في الطابق تحت الأرضي بكل حياء وحشمة ، نستشير ونرى ونلحظ ونتابع، خاصة أيام المناوبة الليلية، وهو ما نفعله حاليا مع الطاقم الذي خلفهم لكن بطريقة ديناميكية وتكنولوجية فرضها العصر العلمي المعاش.. حضر من ذكرناهم في قائمة التكريمات والسادة بن صافا رمضان وكاتب رفيق وقايد عمر بلقاسم، وعمرات صديق ... والآخرون ونستسمح الذين نسيناهم في هذا الزحام. لقد كانت الإحتفالية بشهادة الجميع، ملتقى لجميع أحبّاء "الجمهورية" أشقاءها، ،أصدقاءها وأبناءها الأوّلون والحاليون، إلتقت الفرحة بالدموع وتعانقت الأرواح قبل الأجساد، كلّ يدعو الى مواصلة المشوار وتواصل الأجيال والقمم والمدارس التي إلتقت جميعها في مدرسة «الجمهورية» فأطال الله في عمر يوميتنا وكغيرنا من السابقين نستوصي بهاً خيراً عند اللاّحقين.