أكد وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي الأربعاء بتيبازة على ضرورة تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بنضج الصفقات العمومية بإجراءات "شفافة" لوضع حد للفساد . و أوضح الوزير لدى افتتاح ملتقى حول "إشكالية نضج المشاريع و أثرها على منازعات الصفقات العمومية" بالمدرسة العليا للقضاء بالقليعة أن قطاع العدالة يتطلع لتعزيز المنظومة القانونية من خلال إجراءات "سهلة و واضحة و شفافة و مشجعة على العمل الجاد" قصد "سد كل أبواب استباحة المال العام" و "القضاء على ظاهرة الفساد التي تسببت سابقا في هدر أموال ضخمة". و أضاف الوزير في كلمته في هذا اللقاء الذي حضره كل من مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية و القضائية بوعلام بوعلام و وسيط الجمهورية كريم يونس أن "سد كل أبواب استباحة المال العام تعد من بين الأولويات لإرساء قواعد الرقابة و الشفافية و المسائلة ، خاصة أن الدستور الجديد أولى عناية خاصة للصفقات العمومية من خلال إسناده "تقنين القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية للبرلمان من خلال المادة 139". و ذكر وزير العدل حافظ الأختام في هذا السياق بأن الدستور الجديد "يعكس الأهمية البالغة الذي تحتلها الصفقات العمومية ضمن المجهود العام لترشيد و تسيير و حماية المال العام و تحقيق التنمية في كنف النزاهة و الشفافية". و استرسل قائلا : أن السهر على نضج الصفقات قد أصبح رهانا و أمرا حيويا" بالنظر لتأثيره على مجريات إنجاز المشاريع و جودته لذلك، بات ضروري تطوير المنظومة القانونية و الأطر التقنية للصفقات العمومية و جعلها تتماشى مع المعايير الدولية المعمول بها. و يتعلق الأمر، حسب الوزير زغماتي، بضرورة تطوير الآليات المساعدة على تحقيق الأهداف المنشودة من خلال عدة إجراءات ، أبرزها إسناد مهام الدراسات و نضج البرامج للإطارات النزيهة و ذات الكفاءة الحقيقية و إعادة التوازن بين التقييم المالي و التقني و استحداث أنظمة رقمية إلكترونية تسمح بتحقيق المساواة و الشفافية في تسيير المشاريع و الصفقات و عصرنة كل مسارات الصفقة العمومية . و لخص وزير العدل بعض النقاط السلبية التي جعلت من نضج الصفقات العمومية و استفحال ظاهرة الفساد في عدة محاور، منها "عدم المساواة بين المتنافسين من المقاولين" و "حجب المعلومات الخاصة بالصفقة العمومية" و "المبالغة في التقييم المالي" و "حجة سرعة الإنجاز بهدف تفضيل مقاول على آخر" و "الإستثناءات الحصرية" و " المبالغة في الشروط الأهلية" و "الإعلان عن الصفقات في جرائد مغمورة ذات مقروئية محدودة" إلى غيرها من الأسباب الأخرى التي جعلت من الصفقات العمومية مصدرا لنهب المال العام . و اشار الوزير أن الصفقات العمومية شهدت خلال العقدين الماضيين عديد التعديلات ما أضفى عليها صفة "عدم الإستقرار" إلا أنها ظلت غير قادرة على سد ثغرة الفساد و منافذ ضعف تلك المنظومة بل شجعت على تصرفات سلبية و تواصل نهب المال العام ما أثر على قيمة و منافع الصفقات العمومية. و أبرز في هذا السياق أنه أموالا طائلة هدرت على حساب التنمية و ذلك خلال جميع مراحل الإنجاز من الدراسة التقنية إلى دراسة الجدوى إلى الاشغال و التجهيزات بسبب فساد مسؤولين استغلوا وظائفهم في إطار بيئة تشجع على ذلك من خلال، ضعف الآليات القانونية لتطويق ظاهرة الفساد و تجفيف منابعها وكذا ضعف الدراسات و إعداد دفاتر شروط ناقصة و ضعف آليات الرقابة التقنية. و أثر ذلك -يضيف ذات المسؤول- أيضا على جودة المشاريع المنجزة إلى جانب إعادة التقييم المالي و تضخيم الفواتير كل المعطيات السابقة، جعلت من ملفات المنازعات على جداول الجهات القضائية الإدارية تبرز ب"قوة", و تظهر معها عيوب المشاريع، ما يؤثر سلبا على الوقت و الجهد و المال، سواء على الجهات القضائية أو الإدارية المكلفة بتسيير تلك المشاريع. و ختم الوزير كلمته بالدعوة للبحث في إيجاد حلول للإشكالية المطروحة بشكل يسمح بتحقيق الأهداف التي تصبو لها السلطات العليا للوطن مشددا على أن عملية نضج المشاريع هي عملية معقدة و طويلة تتطلب تدخل جميع المعنيين في مجالات المالية و الإقتصاد و القانون و التنسيق بينهم لتفادي أخطاء الماضي. للإشارة تتواصل أشغال اليوم الدراسي الذي ينظمه مجلس الدولة بمشاركة ثلة من الخبراء و المختصين في القانون و قضاة المحاكم الادارية و إطارات من قطاع المالية و كذا مسيريين. كما يشارك في اللقاء هيئة مكافحة الفساد و الوقاية منه و ولاة كل من الجزائر العاصمة و تيبازة و المجلس الإقتصادي و الإجتماعي. و تتمحور أشغال الملتقى حول "الآفاق التشريعية و التنظيمية المتعلقة بنضج الصفقات العمومية" من خلال ورشة خصصت للموضوع. و تعرف أشغال هذا اليوم الدراسي مساهمات أساتذة مختصين عن طريق إلقاء محاضرات يناقشون من خلالها عدة محاور ذات صلة بالموضوع.