أما فيما يخص الإشكال الثاني الخاص بالماء الدَّافِق فان الدراسة الدقيقة لفيزيولوجية مراحل تكوين الجريب أو الخباء و إفراز الخلية البيضية تعطينا الحقيقة العلمية الكاملة حيث أنه في آخر مراحل تكوينه «جريب دو غراف» يكتسب صفة النضج فيغدوا كبيرا أكثر و قابلا لإفراز الخلية البيضية الثانية أي الناضجة تحت تأثير الافراز الكبير لهرمون – اللوتنة- بعد مضي 35 إلى 36 ساعة من لحظة هذا الافراز الهرموني العظيم و نلاحظ بعد ذلك توقف انقسام خلايا –القرانولوزا – و تمدد و انبساط خلايا غشاء المبيض ثم تقلص «الجريب» من خلال الغلاف الخارجي و بعدها يحدث تمزق «الجريب» ثم تفكك و انفصال خلوي مع إفراز هائل لسائل من حمض –هيالورونيك- بمراقبة الخلية البيضية ثم تفكك شامل لكل الخلايا و الأنسجة و تدفق عظيم للسائل الجريبي. و ها نحن نصل إلى التعرف على صفة جديدة تنسجم مع الآية الكريمة وهي خاصية – التدفق- لأن حكمة الله في خلقه اقتضت ان يكون القذف عند الرجل محسوسا و مرئيا لكنه اخفاه عند المرأة بما يناسب طبيعة خلقتها في احتوائها لماء الرجل قصد الانجاب و جعله عندها داخليا غير محسوس لكنه مقدوف بالكيفية التي تفي بالقصد من غير بروز مما يراعي خصوصيتها و حيائها. و يحضرني هنا رد غير مؤسس علميا قدمه الاستاذ «عمر سعد « ردا على محاضرة الدكتور «محمد ممدوح» التي ألقاها خلال المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن و السنة المنعقد بدبي سنة 2004 حيث قال « مع اعتراضي على لفظ ماء المرأة لأن المرأة لا تنتج ماء إنما بويضة لا ترى بالعين المجردة»، و ردنا نحن مستوحى و مأخوذ بدقة من أمهات الكتب و المراجع الطبية العالمية و التي تدرس بالإجماع في كل الكليات الطبية و مفاده أن للرجل ماء دافق كما للمرأة و كلاهما مكون من عديد المواد الفيزيولوجية و يحتوي بداخله على خلايا الانجاب منوية للرجل و بيضية للمرأة، وللعلم فان البويضة ليست كرة جافة تنزلق بسهولة من داخل «الجريب» عبر مسار جاف او على الاقل سهل المرور فهي موجودة داخل سائل فيزيولوجي و تقذف من الخباء بقوة و تنسكب بمعية هذا السائل صوب مسارها الطبيعي . و لا ننسى أن نذكر كذلك أن عملية القذف المنوي تكون عبر إثارة مركز نخاعي موجود ليس صدفة بين الفقرة الظهرية العاشرة و الصلبية الثانية و هذا يجاور مكان نشأة الخصية عند الرجل أما عند المرأة فان إنفجار الخباء و تدفق السائل الحامل للخلية البيضية يكون ببلوغ تركيز هرمون –اللوتنة- اقصى تركيزه و لن يتأتى هذا إلا بعد ان يكون هناك افراز كبير لهرمون – الاوستروجين – في الدم من خلال افرازاته على مستوى المبيض، و العجيب ان الكمية التي تقلب الموازين تأتي من غدة « الكورتيكوسورونال « الموجودة فوق الكليتين أي تحت ترائب المرأة و فوق فقرات صلبها و بدعم منها يكون تمزق الجريب و تدفق السائل الذي يحمل الخلية البيضية . و العجيب هنا أن أصل هذه الغدة هو نفسه عند الخصية و المبيض أي – الغشاء السيلومي - إذن فالماء الدافق من كلا الجنسين و الصلب و الترائب في المرأة و الرجل على حد سواء فسبحان القائل « سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى و الذي قدر فهدى» .