مما لا جدل ولا نقاش فيه بأن القطاع الصحي هو من أهم وأبرز القطاعات نظرا لطبيعته الحساسة وعلاقته المباشرة بالمواطن الذي يعتبر عمود المجتمع ونظرا أيضا للطبيعة الخدماتية التي من المفروض أن يقدمها هذا الجهاز للمريض ،ومما لا شك فيه أيضا بأن هذا الأخير لا يجد ضالته وما يبغيه من خدمة هي في الاصل جليلة وذات طابع انساني بالدرجة الاولى. قطاع الصحة بولاية سيدي بلعباس كغيره عبر القطر الجزائري مازال يعاني من تذبذبات في الخدمات المقدمة لصاحبها والمعني رقم واحد بها،ليس من الناحية المادية وتوفر الامكانيات وانما من ناحية الامكانيات البشرية التي تبقى ضئيلة في مقابل الخدمة العمومية ونقائص أخرى سنجملها في هذا التحقيق الذي سنحاول من خلاله الغوص في واقع هذا القطاع الحساس بعاصمة المكرة ومدى ضمان هذا الجهاز العلاج الكامل واللازم للمرضى ومدى التسيير والتأطير والتجهيز الحسن من عدمه ومدى تقدم وتاخر مشاريع انشاء الهياكل الصحية والاسباب الكامنة وراء ذلك مع ابراز اهم الا نجازات بالارقام المسجلة منذ سنة 1999 والى غاية سنة 2011،فضلا عن رصد لآراء المواطنين حول واقع هذا القطاع ورد مسؤوليه عليها. مشاريع منجزة و أخرى قيد الإنجاز حسب مسؤولي قطاع الصحة واصلاح المستشفيات بولاية سيدي بلعباس بأنه تميز خلال سنة 2011 بتلبية جل إحتياجات المواطنين الصحية والخدماتية وذلك بفضل تسخير وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية كما شهد القطاع تحقيق عدة إنجازات أهمها إنجازمستشفى يتسع ل120 سرير بسيدي بلعباس سيدخل في الخدمة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية .فضلا عن انجاز مركز وسيط لمكافحة الإدمان وقد شرع في تقديم الخدمات .ومركز حقن الدم الذي سوف يدخل في الخدمة خلال السداسي الأول من السنة الجارية 2012 .اضافة الى ترميم المستشفيات التي تحتاج إلى أشغال الترميم.وترميم الوحدات الصحية القاعدية التي سجل على مستواها بعض النقائص. وتماشياً مع البرامج التنموية التي تم إنجازها هناك مشاريع قيد الإنجاز سيستفيد منها مواطني الولاية حال انتهاء الأشغال بها و هي مستشفى ضد أمراض السرطان يتسع ل 120 سرير نسبة الأشغال بالخرسانة تمثل حالياً 100 % وستنطلق خلال الثلاثي الأول من سنة 2011.ومستشفى بدائرة رأس الماء يتسع ل 60 سريربلغت نسبة الاشغال بها لحد الساعة 65 %.اضافة الى مشروع انجاز مستشفى ببلدية الطابية يتسع ل 60 سريرا تم الإعلان مرتين عن مناقصة وطنية بحيث أسفرت النتائج عن عدم الجدوى، كما أن المديرية بصدد إعادة عرض دفتر الشروط يوجه للمقاولات الوطنية و الأجنبية.الى جانب الإعلان عن المنح المؤقت للصفقات المتعلقة بإنجاز خمس (05) عيادات متعددة الخدمات بكل من : سيدي بلعباس، سفيزف، ابن باديس، تسالة وبلولادي. هذا وقد تم إختيار مقاولة لإنجاز أشغال تهيئة وترميم المعهد الوطني للشبه الطبي ( مدرسة التكوين الشبه الطبي سابقاً). من خلال الموارد المالية التي وفرت إستفاد قطاع الصحة والسكان في إطارالبرامج التنموية من تجديد و إعادة الإعتبار للخدمة العمومية و المرفق العمومي فتم إنجاز هياكل صحية وإستشفائية جديدة هي الآن قيد الخدمة كما أنجزت عدة عيادات متعددة الخدمات بالهضاب العليا و دعمتها بكل الأجهزة الضرورية من أطباء وشبه طبي. كما تناولت الخريطة الصحية المقررة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 07-140 المؤرخ في 19 ماي 2007 بإنشاء مؤسسات عمومية إستشفائية و مؤسسات عمومية جوارية أين أنشئت هذه المؤسسات بالمناطق الحساسة لتغطي مجموع بلديات الولاية في تقديم العلاج والإستشفاء. كما توجد هياكل صحية إستشفائية أخرى قيد الإنجاز تتمثل في مستشفى مكافحة أمراض السرطان الذي تبلغ نسبة أشغاله في مجال البناء الخرساني 100٪ وآخر بدائرة رأس الماء يقترب من الإنتهاء. وفي إطار برنامج الوقاية تعمل مديرية الصحة بالولاية بالتنسيق مع الهيئات والإدارات المحلية لمراقبة الأمراض المتنقلة عن طريق المياه و الحيوان و كذا المراقبة المستمرة للمواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع لتفادي وقوع حالات تسمم غذائي أو أمراض وبائية. وحسب مسؤولي القطاع فانه تم تسجيل وضعية مرضية خلال سنة 2011 بالنسبة للصحة العمومية والوقاية من الأمراض المتنقلة عن طريق المياه لذلك تم تسجيل حالة واحدة تتعلق بالحمى التيفية والتسممات الغذائية وتم تسجيل خلال سنة 2011 عشرين (20) حالة من الأمراض المتنقلة عن طريق المياه تتمثل في حالة واحدة من الحمى التيفية بعين البرد، 19 حالة لإلتهاب الكبد الفيروسي للعلم أن هذه الحالات كانت منفردة كما أسفرت التحقيقات الوبائية على أن المياه صالحة للشرب كما أعطيت إرشادات صحية لأفراد العائلة المصابة. إمكانات متوفرة و الضمير المهني غائب هي معطيات وأرقام جاءت على لسان مسؤولي هذا القطاع والتي تبين بأن الدولة الجزائرية تولي أهمية قصوى لهذا القطاع خاصة بعد سنة 2007 والتي شهدت استراتيجية جديدة لإصلاح المنظومة الصحية ولكن هل هذا كان كفيل بتقديم الخدمات العلاجية الملائمة للمواطن وهل ساهمت هاته السياسة في امتصاص تردي الخدمات هي أسئلة طرحتها الجمهورية على بعض المواطنين الذين أجمعوا على أن الامكانيات متوفرة والمنظومة الجديدة أثبتت فعاليتها بتوفير منشآت علاجية بكل مناطق الولاية ولكن تبقى النقائص قائمة رغم كل ما وفرته الدولة من إمكانات وأولاها النقص في الأطباء المختصين في مجالات عدة ، وان وجدوا يغيب في نفوسهم الوازع المهني لا نقول كلهم _يضيف المتحدثون_وانما أغلبهم، هي مهنة نبيلة يحمل من خلالها الطبيب رسالة يجب تاديتها على أكمل وجه،ولكن للأسف أصبح الإهمال يطبع هاته الرسالة والذي يؤدي في أحيان غالبة الى مالا يحمد عقباه ، المواطن بسيدي بلعباس الميسور الحال طبعا أصبح يلجأ الى العيادات الخاصة من أجل إجراء العمليات والولادة وحتى الكشف وإجراء التحاليل الطبية والصور الإشعاعية لمن ليس له (العرف بالسبيطار) كما هو متداول والقلق كل القلق على من ليس لهم ذلك وهم من ذوي الدخل الضعيف والمحدود ولا يستطيعون الاستنجاد بالعيادات الخاصة لغلائها ولنا أن نتصور معاناة هاته الشريحة اذا طلبت خدمة العلاج وكما يقال ( كلها و زهرو و عرفوا ) هو تعبير يعبر عن حظ كل مريض في تلقيه للعلاج من عدمه حسب الطبيب المداوم وحسب عون الأمن أيضا ،هي تصريحات لمواطنين تلقوا مضايقات وعانوا من عدم إتاحة الفرصة لهم للعلاج كل حسب واقعته. إنشغالات المواطنين هذه وأخرى تدخل أيضا في إطار معاناتهم اليومية مع هذه الظواهر التي ليس لها صلة لا من قريب ولا من بعيد مع الأمانة الصحية رفعت إلى مسؤولي هذا القطاع الذين اعتبروا بان المواطن لا يتحلى بالوعي والثقافة الصحيين فبالسياسة الجديدة تم الخدمة العلاجية في كل حي من الاحياء وفي كل بلدية من البلديات التابعة لولاية سيدي بلعباس وذلك من خلال إنشاء مؤسسات صحية جوارية بغية رفع الضغط عن المستشفيات والمؤسسات الاستشفائية الكبرى بالولاية فالمواطن حسب المسؤول يترك المراكز المشيدة من أجله وبحيه وينكب على المستشفى الجامعي الذي له طاقة استيعاب محدودة ، نفس الشيئ يقاس على إجراء التحاليل الطبية التي صرح بشأنها مسؤولو هذا القطاع بأن مخبر التحاليل يستقطب حتى مواطنين من ولايات مجاورة لذلك لا تكفي المواد الطبية لإجراء التحاليل لكل هؤلاء المواطنين . أما عن عدم توفير خدمات الوسائل الطبية كالسكانير و التصوير الإشعاعي ...و غيرها فرد المسؤولون بأن هاته الأجهزة لا تجد من يشغلها فهي متوفرة بشكل مقبول و لكن نقص الأطباء المختصين و إن لم نقل إنعدامهم هو السبب الأول و المباشر في عدم تشغيل هاته الاجهزة الطبية و توفيرها للمواطن الذي يلجأ إلى الخواص من أجل إجراء الفحوصات الطبية و المشكل لا يكمن في نقص الأطباء بالدرجة الاولى و إنما في الخدمة المدنية التي يحول إليها الطبيب بعد إنتهاء مدة عمله في القطاع العام ليتفرغوا بعدها للعمل في القطاع الخاص. تأخر إنجاز مستشفى للسرطان يؤرق مرضاه التاخر في إنجاز المشاريع الخاصة بالهياكل الصحية بولاية سيدي بلعباس هو أيضا مشكل يؤرق سكان الولاية خاصة من ذلك التأخر الفادح في إنجاز مستشفى خاص بالأمراض السرطانية فهذه الفئة و التي تعاني من الأورام الخبيثة تكابد الأمرين فأولاها ثقل المرض على أجسامهم و ثانيها التنقل إلى ولايات أخرى و قطع عديد الكيلومترات من أجل ضمان العلاج كالبليدة و تلمسان ووهران ... . جمعية أمل في الحياة و التي تنشط من أجل ضمان الخدمة لمرضى السرطان على مستوى ولاية سيدي بلعباس ناشدت في أكثر من مناسبة الجهات الوصية من أجل إتمام هذا المشروع و فتح أبواب هذا المستشفى أمام مرضى السرطان لبعث و لو بصيص أمل و التمسك بالحياة خاصة و أن هذا المشروع عرف تأخرا كبيرا . الجهة الوصية أكدت بأن إنجاز المشروع يتطلب وقتا طويلا لأنه ينقسم إلى شقين : الشق الاول يتعلق بالأشغال الكبرى (الإشعاع النوعي ) الثاني يتعلق بالروتوشات مرجعة هذا التاخر إلى طبيعة الاشغال التي ليست بالعادية و خصوصية هذا البناء الذي يحتاج إلى تقنيات عادية و من المنتظر أن يسلم كحد أدنى خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية و كحد اقصى خلال السداسي الأول شجارات دائمة أمام الهياكل الصحية و ما يستخلص في الأخير بأن واقع الصحة بولاية سيدي بلعباس كسواه بباقي بعض ولايات الوطن فرغم توفير الدولة لكل ما يلزم هذا القطاع الحساس بطبيعته و تبديرأغلفة مالية طائلة إلا أن دار لقمان على حالها و كما يقول المثل العين بصيرة و اليد قصيرة فالمواطن أصبح يلحض يوميا مظاهر و يتعايش معها فالشجارات لا تكاد تنقطع أمام المراكز الصحية و المستشفيات بين المواطن و أعوان الامن لا لشيء إلا لأن هذا المواطن يطلب خدمة عمومية هي حق له في الأول و الأخير ، مما يطرح التساؤل حول أنه هل المشكل في عدم توفر الوسائل و الإمكانات المادية و التي يظهر أنها متوفرة أم أن هناك نية حول عدم رغبة في تقديم هذه الخذمة العمومية المجانية الواجبة قانونا على الجميع أو على الأقل عجز و تقاعس و تهاون في أدائها هو سبب هذه المشاكل التي يتخبط بها المواطن .