يرى الدكتور بركة محمد أستاذ بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس المترشحين لمحليات 27 نوفمبر 2021 أنّهم أمام تحد كبير لإقناع الناخبين خلال الحملة الانتخابية التي انطلقت الخميس للمشاركة في عملية الاقتراع لاسيما في ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تحيط بيوميات المواطن، فالمسؤولية باتت ثقيلة على المترشح الذي أصبح لزاما عليه تقديم برامج حقيقية موضوعية ومدروسة ملامسة لهموم و مشاكل المواطن اليومية و ليس تكرار السيناريوهات السابقة التي طغت عليها الخطابات الشعبوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل قد تزيد من عزوف المواطن عن الاهتمام بالحملة الانتخابية وبالتالي التوجه إلى الاقتراع بصفة عامة. و يفصل الأستاذ محمّد بركة في موضوع الحملة الانتخابية من خلال الحوار التالي: @ الجمهورية: كيف تتوقعون أن تكون الحملة الانتخابية للمحليات المسبقة في ظل السياق السياسي والاجتماعي الذي تجرى فيه ؟ ^ الأستاذ بركة:مع خلال بعض الجمود في عملية التنمية وتعطل العديد من المشاريع عبر العديد من مناطق الوطن، لا أظن أن الحملة الانتخابية للاستحقاق المحلي المقبل قد تجذب اهتمام المواطن الذي يحاول جاهدا البحث فقط عن ماء صالح للشرب أوتعبيد الطريق الذي يمر عبره أبناؤه للذهاب إلى المدرسة. فالمناخ السياسي والاجتماعي الحالي سيلعب دورا مهما في مدى نجاح أو فشل الحملة الانتخابية لموعد 27 نوفمبر. @ هل الأحزاب المترشحة والمستقلون قادرون على التجديد في الخطاب الانتخابي أم تتوقعونه باق على حاله ؟ ^ لقد صعبت الظروف السياسية والاجتماعية مهمة الأحزاب المترشحة والمستقلين على حدّ سواء في الوصول و التواصل مع الناخبين، وإن كانت الأحزاب المترشحة والمستقلون يسابقون الزمن لعقد اللقاءات والنشاطات الانتخابية مع الناخبين، إلا أن ذلك لا يعكس تجاوب الناخبين مع الخطاب الانتخابي للأحزاب المترشحة والمستقلين الذين لم يستطيعوا تقديم برامج موضوعية دقيقة للناخبين. وبالتالي طغت على نشاطاتهم التصريحات الشعبوية خاصة في المناطق غير الحضرية، على أساس أن المناطق الكبرى لا تبالي كثيرا بالانتخاب. فخطاب المترشحين لم يأت بجديد، فهو وعود تتكرر منذ سنوات (السكن – العمل – تحسين القدرة الشرائية ) @ تجري هذه الحملة وسط وضع اجتماعي ميزته المضاربة والارتفاع المذهل في ثمن المواد الغذائية فهل سيستغل المرشحون هذا الظرف لتقديم البدائل ؟ ^ ربما قد يستغل المرشحون موضوع المضاربة وغلاء الأسعاركعناوين لحملاتهم الانتخابية، لكن الإشكال المطروح هل سيستطيع المرشحون جذب انتباه الناخبين لخطاباتهم ؟، فالمشاكل اليومية التي يتخبط فيها المواطن أدت إلى عزوفه عن متابعة الحملة الانتخابية. وتبقى خطابات المرشحين مليئة بوعود ألفها المواطن و زاد تفاقم المشاكل الاجتماعية التي أرهقت المواطن البسيط خاصة في المدّة الأخيرة. التحوّل إلى العالم الرقمي ضرورة ملحة @ هل لا يزال الخطاب "المعسول" يستميل الناخبين أم أن درجة الوعي لدى أولئك صارت اليوم هي الفيصل وبالتالي على التشكيلات السياسية أن تجدد في خطابها وتقدم البدائل الموضوعية القادرة على التنفيذ ؟ هناك نوع من السبق نحو إقناع المواطنين من طرف مرشحي الأحزاب عن طريق خطابهم الدعائي بجعاه أكثر جذبا وإقناعا، ويمكن القول أن هناك أحزابا نجحت في ذلك عن طريق توجيه خطابها لفئة معينة من المواطنين ، فئة تفتقر لدرجة من الوعي السياسي والثقافي في حين هناك أحزاب لم تستطع إثبات حضورها وبالتالي فشلت في بناء علاقة تواصلية مع الناخب و نجد بالتالي غالبية الخطابات قد تضمنت مغازلة لفئات من المواطنين، عن طريق الوعد بخفض الضرائب والزيادة في الأجور، إلا أن فئة من الشباب أصبحت تتمتع الآن بدرجة من الوعي السياسي والانتخابي يجعلها تسحب الثقة من بعض المرشحين . @ في ظل التخوف من عدوى الوباء خلال التجمعات ما دور الإعلام الرقمي ومنصات التواصل في توصيل أهداف الحملة وما هي الخدمة التي صار يقدمها التواصل الرقمي كبديل عن التواصل الواقعي؟ ^ قد لا يجد المرشحون من طريقة للتواصل مع الناخبين إلا عبر تحويل نشاطهم الانتخابي إلى العالم الرقمي، حيث قد تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاء ينشر من خلاله المرشحون برامجهم الانتخابية، حيث أن وباء كوفيد 19 دفع بمرشحين للانتخابات إلى تكييف وسائل التواصل لنسج علاق تواصلية مع المواطن و بالتالي الناخب ، في ظل عزوف الكثير من الفئات الشعبية عن الاهتمام بمجريات الحملة. لكن لا أظن أن المترشحين يمتلكون الخبرة والكفاءة لفتح فضاء النقاش السياسي وشرح الخطابات الحزبية واستعمال مختلف الوسائط الالكترونية لتحقيق ذلك، والنجاح في استهداف المواطنين خاصة فئة الشباب على أساس أن الحملات الرقمية أصبحت لها أهمية كبيرة للتواصل الرقمي بين المرشحين سواء كانوا أحزابا أو أحرارا والناخبين، فهي تمس فئة واسعة من المواطنين المستعملين لوسائل التواصل الاجتماعي، دون إهمال تأثير الوجود الميداني حتى يكون للخطاب الرقمي فعالية أكثر. @ هل النقاش السياسي عبر الفضاء الأزرق فرض نفسه كبديل عندنا ؟ كيف ؟ ^ قد ساهم الفضاء الأزرق في زيادة عدد المشاركين وتفاعلهم ليشمل كل فئات المجتمع من شباب ونساء وأساتذة خاصة في ظل انعدام الثقة بين المواطنين والوسائل الإعلامية التقليدية، وكذا نجاح استغلال الفضاء الأزرق في إحداث التغيير. وهو ما أدى إلى الاعتراف بدور المشاركين في الحياة المجتمعية والارتقاء بالمجتمع و الاهتمام بالقضايا العامة، وهو ما أدى نوعا ما إلى بناء وعي سياسي واجتماعي لدى المشاركين حيث فتح هذا الفضاء المجال أما المواطنين لممارسة قضايا المواطنة وهو ما سيؤدي ربما إلى ممارسة ديمقراطية رقمية، وإن كان هذا الفضاء يحتاج لعملية أخلقة عن طريق نشر الآراء الموضوعية والبناءة ومساهمة الأكاديميين في ذلك