اختتمت أول أمس بمستغانم أشغال الملتقى العلمي الدولي الثامن لكرسي عبد الرحمن عزي للتنظير الإعلامي، الذي نظمه مخبر الدراسات الاتصالية و الإعلامية والأستاذ كرسي عبد الرحمن عزي بإشراف من جامعة عبد الحميد ابن باديس و كلية العلوم الاجتماعية ، وبعد الاستماع لمحاضرات و مناقشات السادة الأساتذة والباحثين بمشاركة 5 دول عربية بالإضافة إلى 13 جامعات جزائرية في 8 جلسات خلال 16 و17 ديسمبر الجاري، تم تقديم وسام بن باديس للثقافة والإعلام لسنة 2021 للأستاذ العلاوي أحمد محمود وهو أستاذ بجامعة وهران. وقد جاء هذا الملتقى تأكيدا للجهد التراكمي المعرفي الذي تقوم به مدرسة مستغانم للإعلام في الصناعة المعرفية النظرية لعلوم الإعلام و الاتصال .. مع تثمين الحضور الكبير للإعلام خلال جائحة كورونا ، وكيف أنه سخر كل وسائله ووسائطه من حيث التعاطي و التفاعل مع الأزمة خاصة، وقد تميز الباحثون المشاركون في الملتقى بالتركيز على مركزية القيم باعتبار الخلفية المعرفية التي تنطلق منها مدرسة مستغانم للإعلام.و إثراء للجهود التي قام بها الرحمان عزي في هذا المجال.الذي احتضنته جامعة مستغانم . دعم البحوث الأكاديمية الجامعية في المجال التكنولوجي الرقمي و بعد متابعة المداخلات الرصينة و المناقشات القيمة التي قدمت خلال يومين كاملين دعا المشاركون والباحثون إلى ضرورة التأكيد العلمي والبحثي الصريح والمقنن والجازم والتاريخي على الدور الذي لعبته نظرية الحتمية القيمية لعزي عبد الرحمان في التأصيل التنظيري والتشخيصي النموذجي الفعال للهوية الثقافية العربية في عصر الميديا الجديدة، وكذا تجسيد وتوطيد مفهوم المواطنة الرقمية القائمة على منهاج الشريعة والقيم الإسلامية الصحيحة، وذلك من مبدأ أن الرسالة الميدياتيكية هي رسالة قيمية في المقام الأول، كما أكدوا على أهمية تجسيد وتطبيق مواد وفصول للتربية الإعلامية القيمية في المؤسسات التربوية، والمؤسسات الخاصة والجامعات، ودور محو الأمية، ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والمؤسسات العقابية التعليمية، وذلك من مبدأ تطوير الثقافة الرقمية للأفراد وفق قواعد المواطنة الرقمية السليمة.، و أيضا أوصوا بتطوير ودعم وتثمين البحوث الأكاديمية الجامعية والخاصة في المجال التكنولوجي الرقمي وتكثيف النشاط بين الباحثين العرب ومساعدتهم ماديا ومعنويا في أبحاثهم المتخصصة في المجال، وضرورة إقامة شركات بحثية ومؤسساتية وتبادل خبرات في المجال الرقمي بدرجة كبيرة وذلك كونها الأساس الصحيح في بناء هوية الدول في العصر الافتراضي. إضافة إلى ضرورة استحداث وزارات ومناصب خاصة بالأمن السيبراني وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، نظر للضرورة الحتمية التي تفرضها التكنولوجيات الرقمية، والتطوير الكبير لهذا المجال في تسيير أغلب القطاعات الحيوية في البلاد، وكذلك وجود تحديات ورهانات مستقبلية تعتمد بشكل كلي على الرقمنة في جميع مجالات الحياة، و أيضا إنشاء منظومة عربية تشاركية مُوحدة ومركزية تهتم بالمجال الثقافي العربي وحفظه وأرشفته رقميا، وذلك من باب الحفاظ على التراث الهوياتي الثقافي للأمة الإسلامية، وكذلك نقل الثقافة بشكل أكبر وأمن ومنظم للدول الأخرى في قوالب الرقمنة، وذلك حتى يسهل فهمها وترجمتها واكتشاف تاريخ وحضارة العربية الإسلامية الأصيلة، وتعزيز مفاهيم قيم المواطنة الرقمية والمراجعة الذاتية والموضوعية لكل المتغيرات الفضاء الرقمي الميدياتيكي وتجسيد قيم الانتماء الوطني والعربي والإسلامي، مهما تشعبت وتجذرت في وسائط الميديا الجديدة. ومن بين التوصيات أيضا ضرورة مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل السلطات العامة في الدول وكذلك تأكيد دور المراقبة الأبوية والمجتمعية للمراهقين والشباب في ظل الصدمة الرقمية التي كان لها الأثر الكبير على الدول العالم الثالث بدرجة أكبر نظرا لعدم وضع أسس وأطر قانونية وتنظيمية صريحة للمجال الرقمي.، مشيرين إلى مسؤولية المؤسسات التعليمية التي يجب أن تتضمن برامجها ومناهجها دروسا وأنشطة تكوينية حول وسائل التواصل الاجتماعي، من حيث أهميتها وسلبياتها وإيجابياتها وطرق وآليات التعامل معها ، حيث تندرج ضمن البرامج الصفية واللاصفية والقرائية والفنية وغيرها من المناهج التعليمية الخاصة بكيفية التعامل مع هذه الوسائط. صورة الآخر في وسائل الإعلام تثير اهتمام الباحثين والدارسين تجدر الإشارة إلى أن الملتقى العلمي الدولي الثامن لكرسي عبد الرحمن عزي للتنظير الإعلامي قد سعى إلى تطوير العمل البحثي في الوسط الجامعي واستكمال بناء مدرسة متكاملة للتفكير والبحث أخذت تسمية مدرسة مستغانم للإعلام، ومن أهدافه أنه تطلع إلى تطوير محاور عمل كرسي عبد الرحمن عزي للإعلام الذي تأسس انطلاقا من التوصيات السابقة للملتقيات المنعقدة في الجامعة ، وخلال يومين كاملين سلط الملتقى الضوء على صورة الأخر في وسائل الإعلام التي شكلت أحد الروافد البحثية التي حاول من خلالها عديد الباحثين في عدة مجالات التأسيس لبنية العلاقات الإنسانية المختلفة والمتولدة أساسا من الصور التي تُشكلها وسائل الإعلام في ذهن الأفراد، بما ذلك السياق التاريخي الذي نمت فيه عديد الصراعات الاجتماعية ، والصراعات الدينية والعقائدية بحيث كانت وسائل الإعلام تمارس سلطة التأثير فيها حسب ايديولوجيا تلك الوسائل وانتمائها، وبذلك فإن الحديث عن صورة الآخر لابد أن يتحدد ضمن إطار قيمي لضمان حرية الأخر ومشروعية حقه في العيش بسلام ويكفل حقه في ممارسة عقيدته بدون تعرضه لخطابات الكراهية والتنمر في وسائل الإعلام. يتم التنظير لوسائل الإعلام في وضعها الوظيفي على أنها أحد أدوات الانسجام والتقبل في عالم يغلب عليه الاختلاف، وبرغم التطور الذي طرأ على المعالجة الإعلامية بفعل الانفلات التكنولوجي الذي ميز تقنيات التواصل مثل الاخبار الفورية وإمكانية تحويل الصور والفيديوهات بسرعة قياسية، مما انعكس على نمط عرض الأخبار والأحداث وطريقة معالجتها ، إلا أنها تراوح الإشكال الذي يرافق معالجتها صورة الأخر في مجتمعاتنا، بحيث يزداد الجدل في هذا المجال ليتمحور حول عدم التأسيس لخطاب إعلامي حاضن لحتمية الاختلاف، مما يقودنا لطرح أكثر شمولية ينتهي بضرورة البحث في الأنساق الاعلامية المتحكمة في مخرجات الرسائل الإعلامية. إن الحديث على النسق الإعلامي يحتم علينا أن نشير أن النسق المقصود هو ذلك النسق القيمي المستمد من ديننا وعاداتنا وثقافتنا، لذا فإن تناول موضوع صورة الأخر في وسائل الإعلام الغربية التي تنطلق من براديغم الحرية الشاملة في التناول الإعلامي ليس هو ذات النسق في منطقتنا العربية التي تتحكم فيه الخلفيات الدينية والعلاقات الاجتماعية التقليدية، هذا ما جعل عديد الدراسات في منطقتنا العربية تهمل أو تتغافل عن مناقشة أهمية البعد القيمي في معالجة هذا الموضوع في وسائل الإعلام التقليدي والجديد، كأحد الدعامات الملحة والضرورية نحو ترسيخ ممارسة اعلامية إيجابية في صناعة صورة الأخر ونبذ كافة أشكال العنف والكراهية. فلطالما أثارت صورة الآخر في وسائل الإعلام اهتمام الباحثين والدارسين في مجال العلوم الإنسانية والإسلامية والعلوم الاجتماعية وغيرها من المجالات على غرار علوم الإعلام والاتصال الذي يعتبر الواجهة الرئيسة وانعكاس لصورة الأخر وذلك في ظل انتشار وسائل الإعلام.