عرّت الأمطار والثلوج، التي تساقطت في الأيام الأخيرة، على مختلف ولايات القطر الجزائري، سياسة البريكولاج التي تمّت بها الأشغال والإنجازات التي باشرها الأميار ورؤساء الدوائر ومسؤولي المجالس الولائية والولاة، بدليل الخسائر المادية الكبيرة التي تمّ تسجيلها ، وهي قيمة الأغلفة المالية التي غطّت تكاليف إنجاز عدد من المشاريع الهامّة في ظرف سنة فقط. ثلاثة أيام فقط، من المطر، أغلقت العديد من الطرقات البلدية والولائية والوطنية، ومنعت المواطنين من التنقل لقضاء حاجياتهم ومصالحهم، وأنهارت العديد من الشرفات والمنازل القديمة، وأسطح المباني والعمارات، مخلّفة خسائر بشرية هامة... لقد كشفت الأحوال الجوية المتردية والصعبة، عن تقصير مصالح البلديات في تطهير وتنقية البالوعات التي أنسدّت مع أوّل قطرة غيث، قاطعة الطريق عن المارة والتلاميذ ووسائل النقل. وهكذا وللمرّة الثانية على التوالي (بعد التشريعيات) يظهر أنّ الأحزاب السياسية والمترشحين لمحليات 29 نوفمبر، يغرّدون في واد، غير الوديان التي غضبت على سوء إستعمال الإنسان للطبيعة، وأتت على الأخضر واليابس بعدد من الولايات، إثر الأمطار الأخيرة، فلا الأميار السابقون أنجزوا بإتقان ما يزيل الغمّ والهمّ عن المواطن البسيط خلال التقلبات الجوية وتساقط الغيث، الذي ينعش المراعي، ويحمل الأمل في القلوب، ولا الرؤساء المقترحون خرجوا إلى الشارع وأنصتوا إلى إهتمامات وإنشغالات المغبونين والميؤوسين والمحرومين بكل قرية ودشرة وكوخ.. ويتذكّر الجميع ما فعلته الثلوج الغزيرة التي تهاطلت على عدد من المناطق الشرقية والغربية من الوطن، غداة التشريعيات الأخيرة، لمّا تخبّأ البرلمانيون ورؤساء الأحزاب بقصورهم وبيوتهم الفاخرة، يترقبون تحسّن الأحوال الجوية لمعاودة خروجهم لمغازلة المواطنين الذين عزلتهم الثلوج لأشهر وبقيوا بدون ماء وبلا خبز ولا غاز ولا كهرباء.. لقد كشفت الأمطار وفيضاناتها، عيوب عمليات إصلاح وديان البيض التي تسبّبت في كارثة بشرية عظمى في أكتوبر 2011، ونجمت عنها فضيحة مجرى وادي المحمدية، الذي كلّف تطهيره 10 ملايير سنتيم، فغمرته المياه والأوحال والأوساخ وتمّ إجلاء السكان الذين يقيمون على حوافه إلى أماكن أكثر أمنا. وبالنعامة، إستعمال المنقذون القوارب لنجدة المتضررين، لأن المدينة لا تتوفر على قنوات لصرف المياه فارتفع منسوبها إلى مايزيد عن 1,4 متر.. ونفس الظواهر المخزية عاشتها مختلف المدن والبلديات والقرى.. حقيقة إنّها حملة إنتخابية، يُغرّد زعماءها خارج السّرب وإلاّ فكيف نفسّر الأحوال المتردية. للوضع العام للتنمية بهذه الولايات التي كشفت عن سياسة «البريكولاج» التي إعتمدها الأميار السابقون، رغم الأموال الطائلة التي خصصت للقضاء على الكثير من أوجه البؤس والسوّاد.. إنّها الأوضَاع السيّئة والسلبية التي تسبق المواعيد الإنتخابية عندنا بالجزائر، التي تسيّرها الوعود والوعود فقط؟!