* دعوة إلي محاسبة المسؤولين عن "ضحايا الاضطرابات الجوّية" وقفت الجزائر أمس عند الذكرى التاسعة لفيضانات باب الوادى بالعاصمة، تلك الذّكرى الأليمة التي لا يمحوها الزمن من مخيّلات وذاكرة كلّ من وقف شاهدا على غضب الطبيعة بتاريخ العاشر من نوفمبر سنة 2001، والذي خلف مقتل أكثر من 500 ضحّية· ها هي اليوم باب الوادي تسترجع الذّكرى وتترحّم على من فقدوا الحياة وقتها بعدما ارتدت ثوبا جديدا عسى أن تطوي صفحة تلك الكارثة التي تبقى مخاوف تكرارها بمناطق أخرى من الوطن قائمة كلّما حلّ فصل التساقط، وخير دليل على ما حدث مؤخّرا بمناطق أخرى من الوطن وبالعاصمة أيضا، وهو ما حذا ببعض الأصوات الممثّلة للمجتمع المدني إلى إطلاق دعوة لمحاسبة المسؤولين عن ضحايا الاضطرابات الجوّية· لاتزال كارثة باب الوادي راسخة في أذهان الجزائريين بالرغم من مرور 9 سنوات على الذّكرى، كيف لا وأن بمجرّد سقوط أمطار كثيفة لبعض الساعات أحدثت ما لم يكن في الحسبان، طرق ممتلئة بالمياه عن آخرها، تيّارات من المياه الجارفة تأخذ كلّ ما وجدته في طريقها بسبب لا مبالاة القائمين على الشؤون المحلّية بالمنطقة التي هي عبارة في أغلبها عن منحدرات يتوسّطها وادي طويل بطول مساحة المنطقة· غير أن أشغال الصيانة والتنقية التي من المفترض أن تتجدّد في كلّ مرّة على الوادي وحوافيه قبل قدوم موسم الشتاء لم تتمّ في وقتها، ممّا زاد من ارتفاع نسبة المأساة· ولعلّ الأمطار الأخيرة التي تساقطت على العديد من المناطق الشمالية للوطن مؤخّرا لدليل على التكهّن بحدوث كوارث أخرى مماثلة بعدما عادت بعض من مثل مشاهد باب الوادي إلى الصورة والواجهة مجدّدا· مناطق أخرى بالعاصمة شلّت الحركة بها وغمرت مياه الأمطار منازل بأكملها في كلّ من الدرارية، الخرايسية والشرافة، خاصّة المتواجدة منها بالقرب من الأودية، في حين أغلقت طرقات البعض منها بعدما ارتفع منسوب مياه الأمطار المتساقطة الأسبوع الماضي فقط خلال سويعات قليلة من التساقط أدّت إلى تشريد العديد من العائلات التي تمّ إجلاؤها إلى مناطق عمومية مختلفة بصفة مؤقّتة، الأمر الذي يدعو إلى إعادة النّظر في العديد من النّقاط أهمّها دور السلطات المحلّية في تنقية المجاري ومتابعة المشاريع التنموية التي فضحتها الأمطار المتساقطة وبرهنت على سياسة البريكولاج المنتهجة من طرف الجهات القائمة عليها· نفس الظاهرة وقفت عندها أعين المراقبين والملاحظين منذ أيّام قليلة فقط والمصادفة للاضطرابات الجوّية التي شرّدت العديد من العائلات بالولايات الشرقية للوطن كالطارف وعنابة على سبيل المثال، والتي سجّلت بها خسائر مادية بالملايين نتيجة طريقة البريكولاج التي ترافق عدّة مشاريع تنموية منها الطرقات والمجاري المائية وقنوات الصرف الصحّي وما شابه ذلك· كلّها مواقف تجعل المواطن الجزائري لا يثق في مسؤوليه ومنتخبيه وتزداد مخاوفه كلّما حلّ فصل التساقط الذي رغم النّعمة التي يمنحها إلاّ أنه أصبح فصل النّقمات بالنّظر إلى المشاكل التي تترتّب عن الأثار التي تخلّفها الأمطار المتساقطة من غلق للطرقات وفيضانات الأودية التي تغمر مياه السكنات المتواجدة بالجوار، إلى جانب انهيار سكنات أخرى وغيرها من المشاكل· الجدير بالذّكر أنه تمّ التأكيد لدى وزارة الموارد المائية على أن حي باب الوادي لن يعرف أبدا فيضانات مثل تلك التي وقعت في 10 نوفمبر 2001، وذلك بفضل الشروع في تشغيل القناة المجمّعة المزدوجة لوادي مكسل فري فالون حيث تعدّ هذه المنشأة تكملة لأشغال القناة الأولى المجمّعة للتطهير لوادي مكسل التي أنشأت بعد فيضانات 2001· فالقناة المجمّعة ستجمع كلّ مياه الأمطار التي تأتي من الحوض المنحدر لباب الوادي لكي يتمّ توجيهها نحو البحر عبر هذه المنشأة، أين تلتقط القناة المجمّعة لوادي مكسل التي تأتي على شكل نفق يبلغ قطره 4 أمتار وعمقه 57 مترا، مياه الأمطار القادمة من جبل بوزريعة وتحوّلها إلى البحر· هذا، ويجري حاليا إنجاز قنوات مجمّعة أخرى للتطهير عبر العديد من أحياء العاصمة قصد مواجهة أخطار الفيضانات في المدينة· *** من يحاسب المسؤولين على الكارثة؟ إذا كانت كارثة فيضانات باب الوادي قد أصبحت جزءا من الماضي، فإن الخوف من تكرارها يبقى يقلق الجزائريين الذين استيقظوا على كوارث عديدة هذا الأسبوع بسبب تساقطات مطرية عادية، وهو ما دفع ببعض نشطاء جمعيات المجتمع المدني إلى الدّعوة لمحاسبة المسؤولين عن ضحايا الأمطار· وكانت حصّة جدل التي بثّتها القناة الأولى للإذاعة الوطنية أوّل أمس الثلاثاء، والتي تقدّمها الإعلامية أمال إدريسي مناسبة ل محاكمة المسؤولين المحلّيين الذين لا يستيقظون من سباتهم إلاّ بعد وقوع الكوارث· حيث حرص السيّد وائل دعدوش الأمين العام للجمعية الوطنية للتضامن والقضاء على المشاكل الاجتماعية على تأكيد ضرورة أن يتحمّل المسؤولون المحلّيون مسؤوليتهم كاملة، معتبرا أنه من غير المعقول أن تقتل قطرات من المطر 18 جزائريا دون أن يستقيل أيّ مسؤول ودون أن يُفتح تحقيق واحد لمعرفة ما جرى، داعيا المسؤولين الفاشلين والعاجزين عن إصلاح حال بلدياتهم إلى التنحّي من مناصبهم وترك المسؤولية لمن هم أجدر منهم بها· وشهدت الحصّة جدلا كبيرا مثلما هو حال تسميتها بين ممثّلي المجتمع المدني وبعض المسؤولين المحلّيين والمركزيين الذين برعوا في التنصّل من المسؤولية وتقاذف التّهم، وليتهم برعوا من قبل في إنقاذ الجزائريين من الموت بسبب زخّات مطر·