عُقدت مؤخرا بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة ندوة بعنوان "المكِّون العلمى للثقافة القانونية "نظمها المركز العربى للوعى بالقانون ضمن الحلقات النقاشية للبرنامج العربي للثقافة القانونية في دورته الثالثة ، و شاركت فيها شخصيات عربية من القضاة والخبراء القانونيين والحقوقيين العسكريين ورجال الشرطة والمختصين والمعنيين. وتأتى هذه الندوة فى إطار تنفيذ فعاليات الخطة القومية لتنمية ثقافة الوعى بالقانون للشعوب العربية، التى أطلق مبادرتها المركز العربى للوعى بالقانون منذ شهر أكتوبر عام 2010 برعاية كريمة من جامعة الدول العربية ، والتى تواصلت فعالياتها من خلال عقد عدة مؤتمرات وعشرات الندوات وورش العمل واللقاءات والبرامج والمطبوعات من كتب ومجلات ودوريات ومن خلال الأطراف الفاعلة في تنمية ثقافة الوعى بالقانون. تناولت المناقشات أهمية المكون العلمي للثقافة القانونية ، وذلك بالإحاطة بمفرادت الثقافة والمعرفة وأشارت إلى ما تعانيه الشعوب العربية من تدنٍ فى المعرفة وتراجع التفكير العلمى وانتشار الأمية فى أمة أول كلمة فى كتابها الكريم هى" اقرأ " . وناقش المشاركون روافد المكون العلمى لرجل القانون من حيث التكوين العلمى الذى يلم به القانوني من دراسته فى كليات الحقوق ( والقانون ) إلى جانب ما يجب أن يلم به من : إدراك مقاصد مصادر التشريع من قرآن وسنة وإجماع ٍ وقياس وتراث زاخر من آراء الفقهاء والمشرعين والآراء المعتبرة لعلماء الأمة وأئمتها من كافة المذاهب والنحل ، بالإضافة إلى ما يعرف بالمصالح المرسلة أو الحاجات المتغيرة للجماهير ، والتطور الحادث فى المجتمعات ، وكذلك معرفة الواقع الاجتماعي الذى تتميز به المجتمعات ؛ لأن القانون يعكس موافقة اجتماعية ارتضتها الجماعة البشرية لتنظيم شؤونها وتلبية حاجة مجتمعية ، ودعا المشاركون في الندوة أن يدرك القانوني الواقع الاجتماعي وحاجة الجماهير وذلك من خلال : إدراك العادات والتقاليد التى تتحكم فى جزءٍ كبير من سلوك البشر داخل المجتمع ، وكذلك معرفة الحالة الاقتصادية لأفراد المجتمع حيث إن لها تأثيراً كبيراً فى السلوك البشرى بالإضافة إلى الحالة الصحية لهم ، والانتباه إلى حاجة الجماهير المتغيرة باستمرار ، ورصد التطور المتلاحق لحركة الحياة ، ومدى ارتباط المجتمع بغيره من المجتمعات الأخرى ، والتطورات العلمية وتأثيرها على السلوك المجتمعي ، و ضرورة الالتفات إلى المعرفة النفسية أو دراسة علم النفس لما له من أهمية قصوى في إدراك دوافع السلوك البشرى والعوامل المؤثرة فيه .. فضلا عن معرفة الواقع السياسي واللحظة الراهنة ، وحالة السيولة التي تعم المجتمعات وبخاصة بعد التغيرات الفجائية مثل الثورات.. إلى جانب إدراك تأثير المنجزات الحضارية ووسائل الاتصال الحديثة والوسائط الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والتوصل إلى تشريعات وقوانين تتسق معها. كما تطرقت الندوة إلى قضية إجادة اللغة العربية بحسبانها أمر شديد الأهمية بالنسبة لرجل القانون ، لكون اللغة العربية أساس من أسس الهوية القومية للشعوب العربية وعلامة بارزة على الوحدة الثقافية العربية ، والعروبة في أساسها وحدة ثقافية ، إلى جانب أن اللغة هي الوعاء الذي يحتوي الأفكار ، وهي المادة الخام التي يصوغ من خلالها المشرع - أو غيره- كلماته وقوانينه ومفاهيمه . وقد خلص المشاركون إلى أن يكون البرنامج العلمي الذي تبلور من خلال فعاليات المركز العربي للوعي بالقانون هو أساس متين في احترام دولة القانون ، وغاية من غايات الرقي بالإنسان العربي ، الذي يصبح بدوره دعامة مهمة في نهضة الشعوب العربية لكي تنال حقها الطبيعي في التقدم والازدهار في السياق العالمي.. كما اتفق الحضور على حاجة الشعوب العربية الملحة لتنمية ثقافة الوعي بالقانون، وبخاصة في الأوقات الراهنة التي تعيشها في ظلال ربيع عربي نأمل أن يزدهر وتنضج ثماره يانعة تسر الناظرين ، وتكون قدوة للعالمين