غَمرتْ القمامة وهران، لأنّ المصالح المسؤولة عن جَمْعِها وتحميلها أضربت، لأسباب ومطالب ولا تهمّ المواطن الذي لم يعد يتفاجأ لمّا يخرج من منزله وتلقاه القمامة في وجهه لأنّ الشاحنات لم تمرّ في الليلة السابقة. هو ذا حال وهران، هذه الأيام، ومن قبلها لم تكن بأحسن حال أو أجمل وجه، لأنّ الزّبالة والأوساخ والمنظر الموحش أصبح لصيقا بمدينتنا منذ زمن ، فأزاح عنها لباس البهاء وحتى الوقار، وعليه لم يُفاجِئ منظر إضراب عمال مؤسسة « نظافة وهران» الوهرانيين لأنّهم تعوّدوا على المنظر القبيح الذي أصبح وَسْمًا على جبين مدينة يُصرّ مسؤولوها على أنّها تحظى بكامل مواصفات المدينة المتوسطية التي تُبهر السوّاح والأجانب وإن كانت لا تروق بالتمام والكمال لأهل الدّار الأدرى بشعابها وزواياها وأحيائها وقُراها المظلمة والغريبة الأطوار رغم الترامواي، وقصر الإتفاقيات، والشواطئ السّاحرة ورغم ناطحات السحاب...! والغريب في كلّ هذا، هو الحظّ السيء لوهران مع وُلاَّتِها ورؤساء بلدياتها، الذين يَعِدُونَنا بمقاييس عالمية في نظافة المكان والمحيط والبيئة، ويتعهّدون بإعادة البهاء ل «عروس البحر الجزائري» .. لكنّهم سرعان ما يُظهرون عجزهم في تنفيد الوعود والوفاء بالعهود وحجّتهم في ذلك أنَّ مسألة النظافة هي عملية شراكة بين مصالح البلدية والمواطن الوهراني الذي لا يلتزم بمعايير وأوقات جمع القمامة، في إشارة إلى العشوائية والفوضى التي تتحكم فيه وتتغلب على الوجه العام للمدينة أو البلدية أو الولاية. ومهما كانَت الأعذار والحجج التي يُعلق عليها هؤلاء وأولئك من أصحاب القرار فشلهم في حماية الشارع والحي والمدينة من الروائح الكريهة والنّتنة ، بل من العار الذي أصبح لصيقًا بها، فذلك لا يكشف إلا عن التقصير الكبير في الإعتناء بالمدينة ومظهرها العام، ولا شيء يُبرّرُ تهَرُّب من قَبِلُوا المسؤولية وتمسّكوا بهامن واجباتها تجاه هذه المدينة وناسها الذين قَبِلُوا بهم مُرْغَمين لا مُخيّرين. العالم أجمع يحتفي بالبيئة إبتداء من شهر مارس، الذي يُوافق بداية فصل الربيع كِنايةً عن جمال المحيط، وأحْيَيْنا أوّل أمس اليوم العالمي للصحة (7 أفريل).. وكلّها مناسبات نكَرِّر فيها ومعَهَا نفس الهموم والمشاكل والإنتقادات، وللأسف الشديد فمشكلتنا الأساسية كجزائريين هي غياب النظافة وتراكم الأوساخ سواء بالجزائر البيضاء أو بوهران الباهية أو بكلّ شبر بالجزائر العميقة، وهو ما يعيبه علينا كافة الوافدين إلى بلدنا. إنّ البيئة والصّحة، عاملان لا يتحقّق أحدُهما بإلغاء الآخر أو إقصائه أو التقصير فيه، فلن نكون أصحّاء ومحيطنا نتن ومستشفياتنا وسخة والعكس صحيح.... ولن نكون أسيادا، مواطنين ومسؤولين ونحن مقبورون وترفل في القمامة .!