بالعمل والجهد ارتقت الأمم والشعوب وبنت حضاراتها، والعمل وحده لا يكفي، بل لابد من إتقانه والحرص على إتمامه بطريقة لائقة لا يشوبها نقص أو غش. فالعمل المتقن يدوم طويلا ونجني ثماره وبني به بلدا على أسس متينة ولذلك أمر الرسول الكريم (ص) بالاتقان في العمل والجودة فيه بقوله اذا عمل أحد منكم عملا فليتقنه. غير أن الواقع عندنا لا يمت بصلة، لا بالعمل ولا بالاتقان، فنحن لا نعمل بتاتا ولا نقدم نظير ما نتلقاه من مقابل سوى جهدا قليلا، اذ نقضي معظم الساعات المفروض تخصيصها للعمل (8 ساعات يوميا) في التسكع والجلوس بالمقاهي أو الحديث بين الزملاء، أو الغيابات والهروب قبل الوقت، فالعامل الجزائري أينما كان لاسيما في المؤسسات العمومية لا يؤدّي واجبه كما ينبغي في حين يطالب بحق قد لا يستحقه في الكثير من الأحيان باستثناء قلة قليلة تعمل بإخلاص. ونفس الوضع ينطبق على الخواص، وبصفة دقيقة الخواص الذين يسمّون أو يدعون أنفسهم بأنهم مقاولون وأصحاب ورشات يقدمون خدمات جليلة للمجتمع، من إصلاح للطرق، وتركيب للإنارة العمومية أو صيانة العمارات أو صبغها، فبمجرد أن تسقط قطرات فقط من المطر، يتعرّى المستور وتنكشف السيئات، ليتبيّن للمواطن أن ما يدّعيه هؤلاء «الغشاشون» من عمل في تحسين وجه المدن، ما هو في الحقيقة سوى مساحيق «ماكياج» سرعان ما يزول نظير أموال طائلة يتلقونها غالبا ما يدفعها المواطن من جيبه لأنه يساهم في هذا التحسين والصيانة من خلال ضريبة يدفعها في فاتورات الغاز والكهرباء وغيرها... ولعل هذا الغش و«الخداع» نشاهده يوميا بالعين المجردة في مختلف الأشغال التي توكل للمقاولات الخاصة، فالطرق كلها فاسدة وعمليات الإصلاح لا تعدو مجرد ترقيع، هنا وهناك أما الإنارة العمومية، فكل الأعمدة الكهربائية توضع بدون غطاء للأسلاك التي تبقى خارجة في متناول الأطفال ونفس الأمر ينطبق على الأرصفة وعملية التبليط المغشوشة، كل يوم ننام ونصحو على عملية إصلاح للرصيف، وأي إصلاح مادام البلاط لا يعمر أكثر من شهر أو شهرين. وما زاد من غرابة الوضع كذلك ما يقوم به ديوان الترقية والتسيير العقاري عندما أسند عمليات تهيئة العمارات الى خواص لا يهمهم سوى جني المال، حيث يتم هذه الأيام صبغ بعض العمارات بأحد الأحياء بوهران، فاقتصرت العملية على بعض الجدران دون الباقي وعندما تساءل السكان عن الأمر، قيل أن الديوان لم يسدد مستحقات المقاول ما لم ينته من صبغ كل العمارات ولذلك أمر العمال بالقيام بالعملية ولكن... مما اضطر السكان الى دفع المال لهؤلاء العمال وهم «يترجونهم» بالإعتناء بالواجهة والشرفات والمدخل وجميع الجهات، أما من لم يدفع فبقيت واجهته كما هي... نعم هذا ما يحدث في غياب الرقابة والضمير وفي وقت تمنح فيه الصفقات للمعارف وليس للكفاءات ومن ينكر هذا ليس له إلاّ أن يتفحّص أي رصيف أو عمود كهربائي، أو طريق، فيرى «العجب».