التغطية بالانارة العمومية في الأحياء والطرقات والمساحات الكثيرة التردد، يبعث الارتياح في نفسية المواطن إلى درجة لا يمكن تصورها إذ يسمح له توفرها بالخروج في أي وقت إلى الشارع الذي يقطن فيه دون خوف من المنحرفين الذين يتربصون بالأشخاص في كل زاوية. وفي المدن الكبرى هناك متابعة لعملية إصلاح كل الأعمدة المعطّلة والمصابيح المهمشة بفعل فاعل. يوميا تشاهد مرور الشاحنة رفقة الأعوان للإطلاع على الأماكن التي لا توجد فيها الانارة وتصليحها فورا دون أي تأخير يذكر. وبمجرد أن يتم ذلك، تسجل حركة غير عادية للمواطنين سواء سيرا على الأقدام أو في السيارات، وفي كل الأوقات في الصباح الباكر أو في ساعات متأخرة من الليل. إلا أنه مع الشروع في الخروج إلى ضواحي العاصمة تدخل في عالم آخر، ظلام دامس في الطرقات المؤدية إلى أقرب نقطة من المدينة، الكل يبدي قلقا متى يصل إلى رؤية “الضوء” ليرتاح من كل الكوابيس المتولدة في ذهنه كالاعتداءات الجسدية أو السرقات أوحوادث المرور. هذه حقائق لا يمكن تجاهلها أو الإغفال عنها وكل عائلة جزائرية تسلك طريقا مظلما ينتابها الخوف الشديد بدءا بحيها إلى الطريق السريع شرق غرب..الذي لا يتوفر على أي عمود كهربائي يذكر، والقول بأن الطرق السريعة في العالم لا توجد بها إنارة، هذا خطأ وعلى أصحاب هذا الطرح التعمق فيما يقولون.. إذ أنه لا يمكن الاعتماد على أضواء السيارة فقط في حالات صعبة لا قدر اللّه. ففي الطرق المؤدية إلى القرى والمداشر لا توجد الإنارة الكافية، الكل يدخل إلى منزلة بدءا من الساعة الخامسة مساءا حتى يتفادى مشاكل الطريق والمواقف غير المتوقعة.. وكل شكاوي المواطنين إلى الجهات المعنية لا تلقى الرد، لا لشيء سوى لأن البلديات النائية البعيدة عن عاصمة الولاية لا تحوز على الأرصدة المالية التي تجعلها قادرة على تنصيب الأعمدة الكهربائية وصيانتها يوميا.. لذلك، فإن الوضع يعد صعبا خارج المدن ويتطلب سياسة جديدة في هذا المجال تتوجه إلى التفكير في المواطن قبل التفكير في الأموال.