* أراض فلاحية خصبة ومياه سد بوغرارة في خطر * استطلاع وتصوير جميلة بوحسون تعتبر يد الإنسان من أهم العوامل المؤدية إلى التلوث البيئي سواء كان هوائيا ,ترابيا، أومائيا بالإضافة إلى الضوضاء التي تعتبر هي الأخرى شكلا من أشكال التلوث,بحيث يتسبب هذا الأخير في نتائج وخيمة تتعرض لها كل الكائنات الحية من إنسان, حيوان وتربة. ونحن نتجول بمدينة مغنية التي تقع في أقصى الغرب الجزائري بولاية تلمسان على شريط الحدود الجزائرية المغربية وتحديدا بمحاذاة المحطة المعدنية حمام الشيقر لفت انتباهنا, اخضرار مياه إحدى الوديان من جراء الأوساخ المرمية بها ,تقربنا منها شيئا فشيئا لنبدأ في شم الروائح الكريهة المنبعثة من عين المكان ناهيك عن الانتشار المقلق للحشرات الضارة بما فيها البعوض.واصلنا المشي بضع خطوات لنجد لافتة مكتوب عليها وادي"المويلح" أي الإسم الذي يحمله الوادي.علما أن تواجدنا بالمنطقة صادف يوم عطلة الأمر الذي حال دون حصولنا على المعلومات الكافية من خلال الاتصال بالإدارات ,فبدأنا نتساءل عن طبيعة هذا الوادي من قبل سكان المنطقة حيث أكد أحدهم بأن وادي المويلح يصب مباشرة في سد بوغرارة الموزع الرئيسي للمياه الصالحة للشرب. * معاناة سكان المناطق الحدودية ومن هذا المنطلق سلطنا الضوء على هذا الوادي الذي يقع بمدينة مغنية التابعة إقليميا لولاية تلمسان وتحديدا على شريط الحدود الجزائرية. إذ ينبع هذا الأخير من الأراضي المغربية،ويعد أكبر خطر على سكان المناطق الحدودية، خصوصا منطقتي مغنية وحمام بوغرارة،بحيث ساهم حسب سكان المنطقة في إتلاف هكتارات من الأشجار المثمرة التي تأثرت بالنفايات السامة الناجمة عن المصانع المنطقة الصناعية لوجدة،كما يهدد المحطة المعدنية لحمام الشيقر وحمام بوغرارة بنقل سمومه إلى منابع المحطتين اللتين تستقبلان سنويا الآلاف من السياح, وحسب بعض المصادر فان السلطات المغربية قد سبق لها ونقلت عددا معتبرا من المؤسسات الصناعية التي كانت متمركزة في الدار البيضاء إلى مدينة وجدة الحدودية حيث وصل العدد إلى أكثر من 200 مصنع منتشر على الشريط الحدودي من بينها عدد لا يستهان به من المصانع المختصة في تحويل المعادن وهو ما زاد في الضغط على الوادي الذي يصب مباشرة في سد بوغرارة وتضاعفت سمومه، بعدما كان الوادي يستقبل فقط نفايات مصنع الجلود المغربي المتواجد في المنطقة. *التهابات الكبد والكلى في مقدمة الامراض ومن جراء هذه النفايات التي لم يلجأ بعد المختصون في البيئة من كلا البلدين إلى إيجاد الحل المناسب والأنجع لها يبقى سكان مدينة مغنية الضحايا الأوائل المعرضين لشتى أنواع الأمراض وفي مقدمتها الإصابة بالتيفوئيد,السل ,الإسهال,ناهيك عن أمراض التهابات الكبد والكلى والجهاز العصبي المركزي، و مرض الكوليرا, وغيرها من الأمراض المختلفة نتيجة التعامل مع المياه الملوثة بالصرف الصحي، سواء بالشرب أو الاستحمام أو حتى تناول الأسماك التي يتم اصطيادها من هذه المياه، فضلا عن الإقامة بالقرب من المسطحات المائية الملوثة، بحيث يمكن أن تؤدي إلى إصابات أخرى بما فيها شلل الأطفال والحمى الصفراء والجرب والملا ريا,وغيرها من الأمراض المختلفة، كما يمكن لمياه وادي مويلح أن تؤدي إلى انتشار داء اللسان الأزرق لدى الماشية لا سيما وأن مناطق الرعي تجانب مستنقعات هذه المياه. * اهتمام الخبراء تقابله الحلول الغائبة يعتبر تلوث الماء من أوائل الموضوعات التي اهتم بها العلماء والمختصون بمجال التلوث ويعود ذلك إلى أهمية الماء وضرورته، فهو يدخل في كل العمليات البيولوجية والصناعية، ولا يمكن لأي كائن حي مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه أن يعيش بدونه ،فالكائنات الحية تحتاج إليه لكي تعيش، والنباتات هي الأخرى تحتاج إليه لكي تنمو,هذا إضافة إلى كون الماء يشغل أكبر حيز في الغلاف الحيوي، وهو أكثر مادة منفردة موجودة به، إذ تبلغ مساحة المسطح المائي حوالي 70.8% من مساحة الكرة الأرضية، وبالتالي فإن تلوث الماء يؤدي إلى حدوث أضرار بالغة ذات أخطار جسيمة بالكائنات الحية، ويخل بالتوازن البيئي الذي لن يكون له معنى ولن تكون له قيمة إذا ما فسدت خواص المكون الرئيسي له وهو الماء .لكن وللأسف أن هذه الدراسات التي تعد من قبل الخبراء لا يتم تطبيقها في بلادنا بسرعة إلا بعد حدوث ما لا يحمد عقباه. * أسباب تلوث الوديان إن الماء يتلوث بكل مايفسد خواصه أو يغير من طبيعته ، والمقصود بتلوث الماء هو تدنس مجاري الماء والآبار والأنهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية مما يجعل ماءها غير صالح للإنسان أو الحيوان أو النباتات أو الكائنات التي تعيش في البحار والمحيطات ، ويتلوث الماء عن طريق المخلفات الإنسانية والنباتية والحيوانية والصناعية التي تلقي فيه أو تصب في فروعه ، كما تتلوث المياه الجوفية نتيجة لتسرب مياه المجاري إليها بما فيها من بكتريا وصبغات كيميائية ملوثة ، ومن أهم ملوثات الماء نذكر تلوث مياه الأمطار خاصة في المناطق الصناعية لأنها تجمع أثناء سقوطها من السماء كل الملوثات الموجودة بالهواء ، ومن الجدير بالذكر أن تلوث مياه الأمطار ظاهرة جديدة استحدثت مع انتشار التصنيع ، وإلقاء كميات كبيرة من المخلفات والغازات والأتربة في الهواء أو الماء، وفي الماضي لم تعرف البشرية هذا النوع من التلوث ، كما أن سقوط ماء المطر الملوث فوق المسطحات المائية كالمحيطات والبحار والأنهار والبحيرات يؤدي إلى تلوثها وإلى تسمم الكائنات البحرية والأسماك الموجودة بها ، وينتقل السم إلى الإنسان إذا تناول هذه الأسماك الملوثة ، كما تموت الطيور البحرية التي تعتمد في غذائها على الأسماك.أما عن السبب الثاني المؤدى إلى تلوث المياه فيكمن في مياه المجاري هذه الأخيرة التي تتلوث بالصابون والمنظفات الصناعية وبعض أنواع البكتريا والميكروبات الضارة ، وعندما تنتقل مياه المجاري إلى الأنهار والبحيرات فإنها تؤدي إلى التلوث هي الأخرى. *المخلفات الصناعية...الضرر الأكبر أما عن السبب الثالث فيتمثل في المخلفات الصناعية وهي تشمل مخلفات المصانع الغذائية والكيمائية والألياف الصناعية,هذا بالإضافة إلى المبيدات الحشرية التي ترش على المحاصيل الزراعية أو التي تستخدم في إزالة الأعشاب الضارة ، فينساب بعضها مع مياه الصرف ، كذلك تتلوث مياه القنوات التي تغسل فيها معدات الرش وآلاته ، ويؤدي ذلك إلى قتل الأسماك والكائنات البحرية ، كما ان هناك سببا اخر يتمثل في نفايات المدن كما هو حال مدينة مغنية الواقعة بولاية تلمسان ,وتتمثل نفايات المدن في مياه المجاري الصحية والمصانع والقمامة وعادة ما تستخدم المسطحات المائية كمستودع لإلقاء هذه النفايات . وفي الأخير لا يسعنا القول سوى أن مئات المواطنين القاطنين بالمنطقة الحدودية مغنية مهددون بالأمراض الفتاكة الناتجة عن وادي مويلح المسموم جراء نفايات المصانع المغربية التي ترمى بها في قاع هذا الوادي الذي بات مرتعا لتجمع الأوساخ والقاذورات وانتشار الحشرات الضارة، وبالتالي يبقى على كلتا الدولتين إعادة النظر جيدا والتفكير في القضاء على هذه الظاهرة التي شوهت الطبيعة ,خصوصا وان مدينة مغنية أصبحت في السنوات الأخيرة تستقبل الكثير من الزوار نظرا لطابعها الريفي الجميل,ناهيك عن احتضانها لمحطتين معدنيتين وهما حمام الشيڤر وحمام بوغرارة.