في غفلة من أمري صرت أهتم بالفيزياء، وكان أول درس راجعته دون المرور بأبجديتها هو درس بعنوان "الجاذبية وحركة البندول والتوازن الحركي والتوتر السطحي للمياه في الفضاء" وخلاصة ما قرأته أن : الحركة التوافقية البسيطة هي الحركة التي تكرر نفسها كل فترة زمنية، وتكون سعة إهتزاز الحركة ثابتة، تتناسب العجلة مع إزاحة الجسم من موضع الإتزان ويكون اتجاهها دائما إلى موضع الاتزان.. ويعتمد الزمن الدوري على كل من سعة الإهتزاز وعجلة الجاذبية الأرضية. ويعود الفضل لاهتمامي بهذا الدرس الفيزيائي إلى الحدث الفريد الذي رافقه وتابعه مؤخرا من "الفضاء" 600 مليون طالب من مختلف الأطوار التعليمية في الصين، حيث ألقت رائدة الفضاء "وانج يابينج "أول درس فيزيائي فضائي على مستوى العالم مدة ساعتين عبر المحطة الفضائية المأهولة المسماة "القصر السماوي " وخلال هذه المحاضرة عرضت الأستاذة كرة مربوطة مع حامل مثبت على قاعدة معدنية باستخدام خيط ثم جعلت الكرة تتحرك لتصبح معلقة في حركة دائرية، كما صنعت رائدة الفضاء الصينية حاجزا من الماء باستخدام كيس من المياه وحلقة معدنية، وشرحت أن التوتر السطحي للماء يكبر في الفضاء نظرا لإنعدام الجاذبية الأرضية . وقد شد انتباهي الإبداع الصيني في جميع المجالات في البر والبحر وحتى في الفضاء لكن الايجابية في "نظرية البندول" أو "النواس" التي مكنت رواد الفضاء من غزو السماء يعود أصلها إلى عالم الرياضيات والفلك أحمد بن يوسف المصري 950/1009 وهو من مشاهير الفلكيين العرب بعد «البتاني» وقد سبق حتى «جاليلو»، وهو الذي رصد كسوف الشمس وخسوف القمر عام 978م في القاهرة. * أما الجانب السلبي فيتمثل في عدم قدرة العرب والمسلمين على المحافظة على التقدم العلمي والحضاري، لهذا لم نتمكن من مواكبة شعوب الغرب والشرق التواقة والشغوفة لطلب العلم والمعرفة. وقد يُخيل للبعض أن ما تقوم به الصين اليوم من غزو للفضاء هو شيء قامت به روسيا وأمريكا في السبعينيات، لكن ما تعد به الصين هو أن 600 مليون طالب من مختلف الأطوار"ثلث سكانها" تابعوا هذا الدرس وأي درس أشرفت عليه وزارة التربية والتعليم بالاشتراك مع مكتب الهندسة الفضائية المأهولة والجمعية الصينية للعلوم والتكنولوجيا. الكل متعاون ومهتم بتبسيط العلوم والمعرفة وتحبيب تلقين العلوم بهذه الطرق المبتكرة وإثارة فضول الطلاب وتقريبها للفهم حتى لدى عامة المواطنين، وهو ما قمت به أنا كذلك من خلال المشاركة والبحث في موضوع هذه المحاضرة الفريدة من نوعها عبر الانخراط والاهتمام بهذا الاختصاص قصد محو " أميتي الفيزيائية" لعل أظفر بجائزة عالمية وَلِمَ لاَ؟ * نتمنى أن نأخذ زمام المبادرة لإصلاح منظومتنا التربوية والسير على خطى الصين لتربية الأجيال المستقبلية على حب الدراسة وتلقي العلوم، عوض حشوهم إياها كرها كما يحدث حاليا في مدرسنا وجامعاتنا.