رغم كل التدابير المتخذة لتفادى ندرة أو نقص المواد الاستهلاكية الأساسية خلال شهر رمضان، إلا أن الاستثناءات فرضت نفسها في هذا المجال. ومنذ اليوم الأول من الشهر الفضيل الذي ميّزة ليس فقط بارتفاع أسعار هذه المواد دون سبب أو مبرر معقول، وهو ميزة أضحت هي القاعدة بهذه المناسبة الدينية، وإنما تميز كذلك بنقص مادة الحليب في أسواق معسكر وبدون مبرر مقبول أيضا. وقد تفاجأ الصائمون لغياب أكياس الحليب لدى التجار وراحوا يلهثون وراءها من سوق الى آخرى ومن تاجر الى آخر دون أن يعثروا للسائل الأبيض على أثر، وكأن الأبقار أصبحت جافة الاضراع يوم الصيام او الملبنات قد توقفت عن النشاط وصامت هي الاخرى عن إنتاج الحليب. إنها المفارقة التي أثارت تذمر المستهلكين في ولاية تتوفر على 5 ملبنات لانتاج الحليب وتستقبل أيضا كميات لا بأس بها من هذه المادة من ملبنات الولايات المجاورة، وحتى غير المجاورة بفضل عربات التبريد. بعض التجار، أرجعوا الندرة الى المستهلكين، وأكد لنا أحدهم أن حصته من هذه المادة قد ازدادت غير أن تغيّر سلوك المستهلك خلال شهر رمضان هو الذي تسبب في امتصاص الفائض بل والاستحواذ على نصيب الآخرين موضحا أن أحد زبائنه المتعوّد في غير رمضان على شراء كيس واحد من الحليب، اشترى 10 أكياس دفعة واحدة في الأول من رمضان، ولما استفسره التاجر عن هذا التغير المفاجئ في استهلاك الحليب، أخبره بكل بساطة، أنه لا يحب النهوض باكرا في رمضان من أجل كيس حليب ولذا يشتري ما يكفيه منه لعدة أيام مادام «الكونجيلاتور» (المجمد) يسهل له مهمة التخزين لفترة طويلة! أما موزعو الجملة فيشتكون من جهتهم، من عدم احترام التجار لمواقيت التوزيع التي تتم عادة في الصباح الباكر ولذا يقتصر التوزيع بكميات أكبر على التجار المبكرين، وهو ما يفسر ندرة مادة الحليب في جهة دون آخرى. مدير ملبنة الأمير بتيزي، التي توفر حوالي 80٪ من إنتاج الحليب بولاية معسكر، نفى أن يكون غياب كيس الحليب لدى التجار، ناجما عن تراجع الانتاج أو عن نقص المواد الأولية لانتاجه من مسحوقا الحليب والمادة الدسمة أو الأكياس البلاستيكية، موضحا أن الانتاج تضاعف بمناسبة حلول شهر رمضان وان وحدة تيزي لا تغطي احتياجات ولاية معسكر وحدها وإنما احتياجات ولايات مجاورة أيضا كالبيض وسعيدة وجهة من وهران. وأرجع نفس المسؤول التذبذب في تموين السوق المحلية الى سوء التوزيع وغياب التنظيم في صفوف التجار والموزعين الذين لا يحترمون توقيت رفع حصصهم من الملبنة، فضلا عن اندساس بعض المضاربين في صفوف التجار همهم الوحيد تحقيق أكبر ربح ممكن خلال شهر رمضان. مدير الملبنة أوضح بخصوص الانتاج ان وحدتهم رفعت انتاجها مع حلول شهر رمضان من 100 ألف الى 165 ألف لتر يوميا، وتحدث عن ارتفاع الانتاج الى 175 ألف لتر يوميا ابتداء من يوم الخميس او الجمعة 12 جويلية، هذا فضلا عن الحليب الطازج او حليب البقرة الذي أوضح مسؤول الملبنة أنه يبيعه للتجار بسعر لا يتجاوز 37٫50دج أي بنصف دينار أقل مما تبيعه الملبنات الاخرى الا أن التجار يعرضونه للبيع ب 45دج للتر، ثم يشتكون من عدم إقبال المستهلكين عليه. وبالتالي يمكن الاستنتاج في نهاية المطاف ان ندرة الحليب في رمضان ولاسيما في الأيام الأولى منه، مردّه الى تغيّر مزاج الصائمين الذي يؤثر على نمطهم الاستهلاكي بشكل غير قابل للقياس.