في ساعة من الزمن الركحي، تخاطب موموح وعيشوش فوق ركح محي الدين باشطارزي بالعاصمة، وأفرغا ما في جعبتهما من أحاسيس ومشاعر حياة زوجين أقرب للواقع، قصة المسرحية تروي الصراع الأزلي بين الجنسين، المرأة الباحثة عن الأمومة المفقودة، والرجل المستسلم للقدر المحتوم والفحولة الضائعة بالمنظور الاجتماعي السائد... ذلكم راهن الحياة بين زوجين اختصرا يومياتهما المثقلة بالصراع المحموم بين الرغبة في الاستمرار... وإعلان الهزيمة قبل الأوان, عرضت، سهرة أول أمس، بالمسرح الوطني محي الدين باشطارزي، مسرحية "هو وهي" للجمعية المسرحية أشبال عين البنيان، "هو وهي" عرض حداثي يستمرّ ساعة من الزمن الركحي، ويحمل مقاربة للثنائي المرح محمد إسلام عباس ومنال تيلامين، يتم من خلالها التطرق للسيكولوجيا الذهنية لجزائريي 2013، ويقول الممثل والمخرج محمد عباس أنّ العمل يصرّ على التوغل في عمق الكينونة السوسيو- نفسية للمنظومة الزوجية المشطورة في الجزائر، وملامسة المشكلة الذهنية لدى كل من "عيشوش" و"موموح"، بما أدى إلى لا تفاعل فسّر عجز الزوجين عن الإنجاب في عطب سيكولوجي أفرز كل التراكمات. إخراجيا، تمّ تكثيف هذه الإحالة إلى عدم تقاطع ذهني بين الطرفين، وإخراجها من حيز مشكلة ذاتوية شعبوية بين زوجين إلى مستوى اجتماعي إنساني نخبوي أوسع، فعدم تلاقح العلم والتجربة في الجزائر مثلا أدى إلى عبثية وتنافر، وعدم انفتاح هذا الجيل على الآخر أنتج احتباسا وشعورا بوهم العقم، وتأتي نهاية العرض مفتوحة ومكسوة بشعاع الأمل، بما جعل موموح يسير إلى عيشوش والعكس صحيح، وحمل كليهما على اكتشاف روحه وأحلامه وآماله التي ظلّت مشطورة في الآخر، فالأساس في أي رحلة هو الصخب والثرثرة طوال الدرب... بينما الصمت المملوء بالأنفاس المتحجرة لن يمضي ولن يمضي.... لذا المطلوب لحظة تفجر.. وغابات من الأسئلة تحتاج إلى حيوية وتخاطب وأخذ وردّ، فالأوكسجين جائع للرئة البشرية كي يهمس ويقول الكثير... نص المسرحية كتبه "حسين طايلب"، أما موسيقاها فأبدع أنغامها، حسان لعمامرة، وساعد محمد إسلام عباس في الإخراج سيد أحمد مداح وباستشارة فنية لمصطفى علوان. من جهته، يقول الكاتب حسين طايلب "هو الصراع الأزلي بين الجنسين، المرأة الباحثة عن الأمومة المفقودة، والرجل المستسلم للقدر المحتوم والفحولة الضائعة بالمنظور الاجتماعي السائد... ذلكم راهن الحياة بين زوجين اختصرا يومياتهما المثقلة بالصراع المحموم بين الرغبة في الاستمرار... وإعلان الهزيمة قبل الأوان" ، أما المخرج محمد إسلام عباس فعقب بالقول "ألا تعرفون الخطيئة؟ المرأة لا تتعطّر إلا لتغوص في تفاصيل ذاتها أكثر، والرجل يذهب هباءً، وبين هذا وذاك ضاعت الكيمياء في عرس لا ينتهي من الألوان..." من جهته، يشرح مصطفى علوان المستشار الفني ورئيس جمعية عين البنيان، وجهة نظره في كلمات قال فيها "عقيدتي المقدسة هي الإخلاص للمسرح عامة، وللطفل خاصة، وبرصيد يربو عن الثلاثين سنة في مسرح الطفل، أخوض مستحييا تجربة مسرح الكبار، هو الحب ينهمر مع الكلمات إذا تدفقت.. ومتى تتدفق؟ هذا هو السؤال." للإشارة، أنتجت جمعية أشبال عين البنيان المسرحية عرضها "هو وهي" بمساعدة من الصندوق الوطني لدعم الإبداع، ووزارة الثقافة، حيث تخطو بثبات عقدها الثالث، بعدما تأسست شهر أوت من العام 1991، وأنجزت عدة عروض مثل محفظة نجيب، روضة النور، صبيان... لكن، هاملت، أطفال وألوان الطبيعة، الفصول الأربعة، البسمة المحرومة، أولاد الحومة، أبواب المحروسة، وأخيرا ثورة البراءة، كما نالت جوائز عديدة في مختلف المهرجانات.