«عيشوش” و«موموح” نموذج لزوج جزائري فاشل يعيشان حياة ضنكة بسبب عدم قدراتهم على الإنجاب، والصراع الوهمي الذي يصطدمان به في كلّ مرة، فتمر حياتهم باردة العواطف، بحيث ما إن يجمعهما لقاء إلا ويختلفان ويتشاجران، فيمضيان عمرهما في الظلام دون السعي إلى رؤية وهج أطفالهما، وهذه القصة تقف عند الظاهرة من خلال مسرحية “هو وهي” التي قدمت، مساء أول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري في عرض شرفي. خلال قرابة الساعة من الوقت، عاش جمهور مسرح “محي الدين بشطارزي” لحظات ممتعة مع الثنائي محمد إسلام عباس ومنال تيلامين، حيث عمدت المسرحية للتطرق لمشكل جوهري في فشل الحياة الزوجية بالجزائر، ويتعلق الأمر بعقم الحوار بين الزوجين الذي أدى إلى فشلهما في إنجاب الأولاد، ويرصد العرض كيف تبدأ الخلافات بين الزوجين، عيشوش وموموح من فراغ وغضب دون سبب واضح، بينما تحاول عيشوش البحث عن حل والتردد على الطبيب في كل مرة، يظهر زوجها موموح ليقطع الأمل من البداية، فيدخلان في صراع ليس له أي معنى من جديد. ويظهر موموح سكيرا بسبب مأساته الوهمية، طباعه تتغير، ويجعل من زوجته عيشوش امرأة أخرى غير التي عرفها من قبل، وتشير إحدى اللقطات التي تكون فيها الزوجة غاضبة، بحيث أنها حملت السكين وأرادت طعن زوجها موموح من شدة الأسى والغضب، ثم ما يلبثان حتى يجتمعا مرة أخرى، وتستدرج عيشوش زوجها للحديث عن موضوع الإنجاب الذي ينغص حياتهما، فيرد عليها موموح أنها قسمة ونصيب ولا بد من الرضا بقدر الله الذي كتبه لهما، ثم يُصعد من اللهجة ليعدّه مشكلا قد تعب منه ويريد التنصّل منه. وتؤكد المسرحية أنّ الاستعداد النفسي لولوج الحياة الزوجية لابد له من تحضير لكلا الطرفين، والحديث مع الطرف الآخر ضرورة ملحة في استمرار الحب والعاطفة بين الزوجين، وعلى ضوئه تستمر الحياة في كنف السعادة، لذلك يقرر موموح في عيد ميلاد زوجته عيشوش أن يمدها شيئا من الحنان عساها تبادله، وتتحرك أحاسيسهما من جديد، فيشعل شمعة بالمناسبة التي قصد منها المخرج فتح فسحة من الأمل، ولكن ما حدث هو دخولهما حالة من الهذيان وحلما أن لهما الكثير من الأولاد يملؤون حياتهما بالسرور. ويبدو أن المخرج يقصد من أمل الشمعة، هو أن رسالته قد وصلت إلى الحاضرين، ورغم أنه اعتمد على الكوميديا السوداء في تناول موضوعه الحساس، فإنّ رسائله مباشرة غير مشفرة قد وصلت إلى أذهان المتفرجين، الذين ضحكوا على هم عيشوش وموموح، ولكن تعرفوا كذلك على ما هو خفي في سبب تعاسة الزوج الذي لا يتمثل فقط في عدم القدرة على الإنجاب. من الناحية الفنية، وضع للعمل المسرحي ديكور بسيط، ولم يعتمد على لغة الإضاءة إلا نادرا، أما الموسيقى فلم تساير الحوار المركب بين الممثلين. يذكر، أن العمل من إنتاج الجمعية المسرحية لأشبال عين البنيان، وكتب النص المسرحي حسين طايلب، الذي يرى أن عمله يعكس الصراع الأزلي بين الجنسين، المرأة الباحثة عن الأمومة المفقودة، والرجل المستسلم للقدر المحتوم والفحولة الضائعة بالمنظور الاجتماعي السائد، ذلك هو راهن الحياة بين زوجين اختصرا يومياتهما المثقلة بالصراع المحموم بين الرغبة والاستمرارية وإعلان الهزيمة قبل الأوان، وعادت الموسيقى لحسان لعمامرة، وكان سيد أحمد مداح مساعدا للمخرج، ومصطفى علوان مستشارا فنيا.