هوارية، زهرة بشرية البهاء إبنة بهجة الباهية، ترفض ترديد أغنية « روحي يا وهران روحي بالسلامة القلب اللّي كان يبغيك أنا نكويه» لأن وهران هي السلام وفضاء السلام، وعروس البلدان، ومقصد الغرباء والأصفياء والأنقياء والأوفياء بعيدا عن عالم «الزريعة المرة... التي تأكل الغلة وتسب الملة» وهنا نغني معا: «طيب الهواء (بوهران) يشوقني، قربا إليها وإن عاقت مقادير» «وكيف أرحل عنها اليوم إذا جمعت ، طيب الهواءين ممدود ومقصور» فأجابها العاشق الولهان بهوارية البهاء « حريق هو الحب الذي إن أ ردته وجربته صارت لك النار ديدنا» «إذا ما دنا منك احترقت بناره وإنك إن أبعدته زادك العنا» ففي مسار تألق العشق، ومحنة الاشتياق وسعير الأشواق تتمدد السمراء زهرة الحياة وقوت القلوب على الرمال الذهبية لشاطىء جذاب من شواطىء بلاد الولي الصالح، وقطب الأفراح، ونجم الفلاح سيدي الهواري. ففي ذلك الحي الشعبي التراثي الروحاني، بيوت تتّسم بالثبات وسحر عيون البنات وحكايات الجدات، حيث الأصالة تشدك، الى حنين الأرض، ونقاء العرض، وعطاء الضرع، ونعمة الزرع بلا قيود ولا حدود. وبالمناسبة وعلى حد تعبير أصايل العصيمي في إطار مدن ونساء فإن حكايات المدن لا تنتهي، فالمدينة مؤنث نتأنق بحكاية إمرأة وما أكثر اللائي يشبهن مدنهن!! قد تغرم إمرأة بمدينة لم تولد فيها من أجل حبيب أو عشيق، فتتحرك في تلك المدينة تأخذ شيئا منها، وقد ترحل إمرأة ما عن مدينتها الى مدينة أخرى لعدة أسباب، قد يكون أقلّها البحث عن أسباب العيش، ولا تنسى تلك المرأة أن تأخذ معها معظم تفاصيل مدينتها، تأكل طعام مدينتها، وتلبس كما يلبس الناس في مدينتها، وتقوم بنفس عادات وطقوس مدينتها، وقد ترفض إمرأة (ما) الخروج من مديتنها !؟ لأنها أحبت مدينتها بصدق وشفافية، وقد تجلب إمرأة (ما) العار لمدينتها لمجرد فعل فاحش قامت به، المرأة في حد ذاتها مدينة إنه مشهد باحت به إعلامية عاشقة للحبر والخبر والسفر. هوارية البهاء تشير بشفافية عجيبة غريبة الى أن وهران شعارها أبدا «شعبي لا يقهر، وضيفي لا يحڤر» بل أن الباهية تحوّل الغريب الى قريب وبحرها الى ملتقى مفتوح بلا استثناء ولا إقصاء للمهاجر أو الغريب أو عابر السبيل حتى ولاتها ليسوا من أبنائها باستثناء واحد أو إثنين وكأنها تغنّي أبدا «خبز الدار ياكله البراني» مرفوقا بالعبارة الشعبية «الضيف مول الدار». تأمل العاشق قوت القلوب وزهرة العمر «هوارية» وخاطبها: لغة عينيك لغة صامتة ناطقة، ولسانك بمثابة شهد العسل الحر وإشاراتك تذكرني بقول الشاعر: « ففي كل ساح تشرق الشمس عندما ويروي ثرانا كلما شاء هاطل» «ونحمي ضعيف القوم من كان عاثرا ونردي عدوا إن توهم جاهل» « فنحن أباة الضيم بيض أكفنا وحتف مخيف إن تجاسر سافل» وتظل وهران عروس البحر، وتاج مدن البحر الأبيض المتوسط غنية بتراثها وثورتها وثروتها ومعالمها وشخصياتها وشواطئها إنها مدينة الجمال والكمال والجلال والمال، والحصول فيها على بنت الأصول تكون بوسم واسم هوارية البهاء وبهجة الباهية جرب وقرر واعشق وتشوق وتزوج من بيت وهراني وبنت هوارية تسعد وتتألق وتتفوق لم لا؟ والميدان أفضل برهان لكل شاهد عيان وكما يقال: « ليس من رأى كمن روى»، فلتكن أيها العاشق المتألق الرائي والراوي بثنائية السالم الغانم