تعززت المكتبة الوطنية بمولود جديد للصحافي والكاتب الطاهر عمارة الأدغم بعنوان «ذكريات ومواقف من بلاد العجم» عن دار الخلدونية للنشر والتوزيع بالجزائر حيث يحتوي على 152 صفحة تتضمن عدة منها الطريق الى كابل والجنرال الذي تنكر لأصله وأول صحيفة جزائرية في كابل وشاي الطوارق في قندهار والباشائي أحفاد الإغريق والابراهيمي الذي أحبه الأفغان. الكتاب من أدب الرحلات فلقد كان الطاهر عمارة الأدغم مراسلا صحفيا في عدة أقطار مما جعله يتصل مباشرة بمختلف الشعوب ويتعرف على مختلف الثقافات والتقاليد الى جانب لقاءاته مع العديد القيادات السياسية ونخبها الثقافية. ومحتوى الكتاب يتناول وصفا للمناطق التي زارها الكاتب وما لقيه من صعوبات الى جانب وصفه لعادات السكان لتلك المناطق، ويمكن إدراج هذا الكتاب فيما يسمى «أدب الرحلات» الذي برع فيها أسلافنا كإبن بطوطة وغيرهم والكتابة في هذا الميدان تتطلب من صاحبها تحكما كبيرا في اللغة، وقدرة على حسن استعمالها وهي تحتاج الى مصطلحات من شتى الميادين المعرفية كالجغرافيا والدين والاجتماع والسياسة، وليس كل من أمسك قلما وفق في ذلك حسب الأستاذ محمد الهادي الحسني الذي كتب كلمة التقديم التي زينت واجهة مدخل المؤلف الجديد. يتحدث الكاتب في بداية محاوره التي تضمنت المؤلف الدول الثلاثة التي قضى فيها عدة سنوات ومنها باكستانوأفغانستان وإيران عندما اشتغل مراسلا لقناة النيل للأخبار ثم قناة تونس سبعة ثم مراسلا ومديرا لمكتب الجزيرة في أفغانستان وأخيرا محررا بغرفة أخبار قناة العالم الفضائية في العاصمة الإيرانية طهران وحسبه فإن البلدان الثلاثة تختلف عنا نحن العرب في كثير من العادات والتقاليد لكن نلتقي في النهاية في دين الإسلام. وذكر في كتابه أيضا أن معاشرته لعدد من الشعوب الاسلامية التي لا تتحدث العربية أنه أدرك بأن الأعاجم قوة كبيرة للإسلام لكن البقاء والنقاء الاسلامي يصعب أن يتحقق دون العرب الذين نزل القرآن بلغتهم وكان الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) منهم؟ وحسبه أن الخلفيات الثقافية والدينية السابقة لبعض الشعوب الإسلامية للشعائر والشرائع الاسلامية أدت الى خلط وسطحية والى الفصل بين المعاملات والعبادات. وللعلم فإن الطاهر عمارة الأدغم هو أستاذ جامعي وله ماجستير في الدراسات الاسلامية ومدرب معتمد في المركز الجزائري للتدريب والتطور ومدرب محترف من المركز العالمي الكندي للتدريب والاستشارات الى جانب نفس تخصصه في بريطانيا الى جانب أنه مراسل وصحفي في عدد من القنوات العربية سابقا. من جهة أخرى فإن الطاهر عمارة الأدغم استطاع من خلال هذا الكتاب أن يأخذ الى دول اسلامية شقيقة في رحلة الى تقاليدها وعاداتها وحقا القارىء يستمتع جدا بالمعلومات التي جاءت فيه من خلال عيونه ومن خلال يومياته التي عاشها هناك. ويمكن القول أن الأستاذ الطاهر الأدغم قد أحيا أدب الرحلات فيما يخص الأدب الجزائري التي كان لأبنائها فيه نصيب مثل رحلات الورتلاني وبن حمادوش وغيرهم من الأسماء التي تميزت كمحمد البشير الإبراهيمي عندما تحدث عن رحلته الى الباكستان ونشرت في جريدة البصائر. الشيء المتميز، أن هذا المؤلف يستحق القراءة لأنه ذا أسلوب سلس وبسيط ومن السهل الممتنع الذي يجعلك ترحل الى عواصم العجم وتتعرف على كنوزها الجميلة.