رغم أن ظاهرة إطعام الناس تختلف تسميتها بحسب الدواعي التي تقام لأجلها كطعام انقضاء سبعة أيام من ميلاد الطفل، الذي يطلق عليه إسم العقيقة والغديرة التي تتمثل في إطعام الختان، والتحقة التي هي إطعام الزائر، وغيرها..، وتعتبر لفظة الوليمة المرادفة للفظة العامية الوعدة شرط اتساع نطاق المشاركة فيها، إذ كثيرا ما نسمع عن وعدة ستقام في اليوم الفلاني، إن فلانا المنضبطة في سلوكاته الدينية والدنيوية، قد رأى في منامه كذا وكذا، ويسري الخير مسرى البرق في سماء الوسط الشعبي، فيهرع ذوو النيات الحسنة إلى إعلام نسائهن ومطالبتهن بوجوب مشاركة العائلة في هذه الصدقة، وقد يؤذن مؤذن في الناس بضرورة إقامة معروف، من باب طلب الغيث الإستسقاء بعد طول جفاف، تدعيما - حسب اعتقاد البعض - لصلاة الإستسقاء المطلوبة، المعلومة لدى أبسط الورى الماما بشريعة خير الأنام محمد صلى اللّه عليه وسلم على كل، وكما قال صلوات ربي وسلامه عليه »إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى«. إن أول من أعاد الإعتبار لوعدة سيدي بوحفص في المنطقة هو يوسف حاج الدين بن بوعلام رحمه اللّه وكان يسميها بمعروف سيدي بوحفص الحاج، هذه الأخيرة، عادت إلى الظهور على يد الشخص المذكور خلال عام 1967 وهي عبارة عن موعد لتجديد الولاء لصاحب المقام الولي الصالح: سيدي بوحفص الحاج بن عبد الحاكم، من أحفاد سيدي عبد القادر بن محمد سيدي الشيخ، علما أن هذه الوعدة تتخللها المآكل والمشارب، وتحضرها عدة فرق وهي ما يطلق عليها اسم (كارطات) والمتمثلة في كارطة أي فرقة أولاد لزغم والمدعوون بالنواورة فضلا عن كارطة أولاد سيدي الطاهر وكارطة أولاد سيدي الطاهر وكارطة أولاد سيدي العربي. وما تجدر الإشارة إليه أن موعد هذه الوعدة عالق بالذاكرة الشعبية ويتم إحياؤها في الفترة الممتدة ما بين أواخر شهر أكتوبر وأوائل نوفمبر من كل عام يعتبرها القائمون عليها فرصة للمحافظة على وشائج المودة والتماسك بين الأعراش، يأتيها الناس من الأبيض سيدي الشيخ هذه الأخيرة التي تبعد عن البنود ب 87 كلم وحتى الجهات المجاورة، حيث يقوم سكان البنود بإطعام القادمين. يجلس الضيوف غالبا في الهواء الطلق وذلك تماشيا مع الأحوال الجوية، كما تنصب الخيم لهذا الغرض، ومن المألوف عنها، أنها لابد أن تبتدئ ببوم الأربعاء، وتختتم يوم الجمعة في جو من التسامح والوعد بالخير، ثم قراءة الفاتحة إيذانا وإشعارا بإنتهاء هذا المعروف كما يسمى عند البعض، ليتواعد الجميع على العودة إليها في العام الموالي بإذن الله تعالى. وعدة البنود، حديثة العهد بالممارسة إذا ما قيست بوعدة سيدي الشيخ، ووعدة سيدي الحاج بن عامر. وهناك من يقول بأن وعدة سيدي بوحفص قديمة العهد، علما أن سيدي بوحفص الحاج بن عبد الحاكم، هو حفيد الشيخ عبد القادر بن محمد، وهو صاحب كتاب بهجة البهاج، ويذكر أن سيدي بوحفص الحاج هو أول من قام بتدوين الياقوتة وقانون الزاوية وكذا حب الفلاح المعروف بالحضرة، وهو عبارة عن دعاء مطول، كما يعتبر الرجل من أكثر أسلافه علما بالصوفية وعلوم عصره، إلى درجة تلقيبه بشيخ أعمامه. حدد موعدالوعدة في أواخر شهر أكتوبر من كل سنة، لأن الولي الصالح، سيدي بوحفص الحاج الذي كان يوجد بالمقام الذي كان يتعبد فيه والكائن ببلدية البنود، كان قد غادرالمنطقة إلى غير رجعة في الشهر المذكور، وجدير بالتنبيه أن الوعدة كانت معتادة قبل سنوات الستينات حسب الروابات الشائعة، لكن بطرق غير منتظمة منذ تاريخ ذهابه القديم، في إتجاه مصر أين وافاه الأجل، واحتواه ثرى القاهرة - رحمه اللّه - وقد كان المصريون ينادونه بالشيخ بحوص. وحسب مصادر عليمة من مديرية الثقافة لولاية البيض أنه تقرر إعاد الإعتبار الى الوعدة سنة 1967، بعد مشورة السيد الفاضل آل سيدي الشيخ الحاج أحمد بن بحوص من أبناء سيدي بن الدين بن سيدي الحاج الدين، بن سيدي الحاج بحوص بن سيدي الشيخ، المقيم حاليا بمتليلي الكائنة بولاية غرداية. وللعلم تهدف هذه الوعدة إلى العمل على الصلح بين الجماعة، لتجسيد روح التضامن والألفة بين القلوب فضلا عن السعي الى خطوبة امرأة أو التفاهم على فك العصمة الزوجية بالتراضي أوالصلح بين الزوجين ناهيك عن المساعدة على اقتفاء أثر الإبل الضالة والمتاجرة في هذه الفصيلة من الحيوانات بالإضافة الى ترويج الملابس الصوفية ذات الصنع المحلي لكون سكان المنطقة، اغلبهم من البدو الرحل وللعلم أنه مؤخرا وحسب مصادرنا أضحت تستغل لتموين عائلاتهم بالمواد الأكثر استهلاكا من باعة السوق.