وإلى أي حد تستطيع الشاعرة أن تبوح بجواهرها المكنونة، وتتخلص من ذراع كل رقيب يتربص بشجر الكلام وهمس الجفون؟..تساؤل شرعي مثير للجدل، واجهني هذه الأيام بعد تهنئة صديقتنا الأديبة المتميزة أم سهام، بمناسبة صدور ديوانها الجديد: ترنيمات على بوابة ندرومة. ضمن منشورات دار القدس العربي. في تقديمها لديوانها تقول: وراء كل مشروع إبداعي تفاعل يجعلني أصب شحني العاطفية على المدينة التي تحتضنني. مما يتطلب الصدق والعفوية والتدفق الوجداني النقي،منها تتشكل عناقيد الكلام. هي كاتبة جزائرية مسكونة بالجرح والورد والإبداع ، تحمل بذور حلم التمرد على ترسبات الماضي الراكد ، فترى الأدب نزيفا لا ينقطع ، تهفو إلى حياة معشوشبة متجددة ، تبني من اليأس والحزن والتمزق قبابا من الأمل والحب المقاومة . في خزانتها العامرة كما في مكتبتي الخاصة مجموعة مؤلفاتها الأدبية الموقعة، حسب تنوع الأجناس، ومن أبرزها : جولة مع القصيدة (دراسات ومقالات)- شظايا النقد والأدب (دراسات ومقالات)- الرصيف البيروتي (قصص). من يوميات أم علي (قصص)- زمن الحصار وزمن الولادة الجديدة (شعر)- أميرة الحب(شعر)- حكاية الدم (شعر)- فتح الزهور (شعر)- أبجدية نوفمبر (شعر). ترنيمات على بوابة ندرومة . و لها إسهاماتها العديدة في مجال الترجمة الأدبية، حيث ترجمت مجموعة الشاعرة إنصاف عماري عثمان ، بعنوان سمراء النيل من العربية إلى الفرنسية ، وكذلك مساهمتها إلى جانب الأستاذ حسين ديب في ترجمة كتاب: مفدي زكريا شاعر مجد ثورة. لمؤلفه: بلقاسم بن عبد الله. وقد صدر مؤخرا عن دار القدس العربي. تربطني بالأديبة أم سهام علاقة صداقة ومحبة وتقدير منذ أزيد من ثلاثين سنة، كانت نقطة البداية أثناء زيارة الشاعر الكبير نزار قباني لمدينة وهران يوم 10 أفريل 1979 عندما كتبت كلمة إفتتاحية يومئذ بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية تحت عنوان: شاعر الحب بين أحضان الباهية. لترد يومها بمقالة مطولة دفاعا عن الشاعر المحبوب، نشرتها بنفس الملحق تحت عنوان بارز: دواليب الهواء ونزار قباني. ومن يومها تفاعلت أم سهام بشوق ومحبة مع الكتابة والإبداع، وتوالت إسهاماتها في مجالات القصة والمقالة والحوار الأدبي ومتابعة جديد المجلات الثقافية . وظلت وفية مخلصة لينابيع وأنهار عشقها الإبداعي من خلال ملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية، والبرنامج الإذاعي المعروف : دنيا الأدب . حيث بقيت إلى جانبي تسع سنوات ، تقاسمني بكل شوق سعادة المتاعب الممتعة . و سبق لي أن كتبت مقالة عن تجربتها الأدبية،نشرتها في كتابي: بصمات وتوقيعات. الصادر سنة 2007 عن منشورات وزارة الثقافة. أشرت فيها إلى أن الأديبة: أم سهام تنوع العزف على وتر الأدب والنقد، كلماتها تفوح بعطر الطفولة والبراءة، والشعر عندها أكبر مدرسة للحب والتسامح والعطاء والوفاء. تولي أديبتنا أهمية بالغة لمسألة اللغة في بناء معمارها الأدبي ، تنتقي كلماتها العذبة من قاموسها الخاص ، كما توضح في إجابتها عن سؤال جوهري طرحته على عدد من الأدباء ، حول كيفية تعاملهم مع لغة الإبداع ، وقد ورد رأيها المنشور بملحق النادي الأدبي، في العدد 444 بتاريخ 14 ديسمبر 1986 حيث تقول حرفيا: أقوم بمحاولات شتى لأتجاوز القوالب اللغوية الجاهزة، وأسعى وراء تفجير قاموس لغوي يتلون بلون مشاعري وأفكاري، لأني أعتقد أن الكلمة لا لون لها إلا عندما يستخدمها الأديب بمهارة ومحبة، ساعتها تتخذ طابعها الخاص والمميز.. وتحرص أم سهام على الكتابة العفوية الصادقة في مناخ يعبق بأكسجين الحرية، كما أشارت في حوار قصير أجريته معها منتصف مارس 1989 حيث قالت يومئذ: الحرية تعني تحرير النفس من الداخل، فهي تصرف وممارسة فعلية تتم وفق قناعة داخلية،فحرية التعبير هي سلوك إنساني يساعد على إقامة حوار مثمر مع الغير. ورغم جهودها المكثفة المتواصلة عبر أكثر من ثلاثين سنة، يبدو أن أديبتنا عمارية بلال المشهورة باسم أم سهام لم تنل نصيبها الوافر من متابعة الصحافة ووسائل الإعلام، ومن الدراسات الجامعية، وقليلة هي الكتابات النقدية التي تناولت تجربتها الأدبية الثرية. [email protected]