انطلقت أمس فعاليات الملتقى الوطني الأدبي "شموع لا تنطفئ" بوهران الذي حضره جمعا من الأدباء و المثقفين من مناطق الوطن حيث افتتحت بكلمة مديرة الثقافة السيدة ربيعة موساوي الذي ذكرت أن هذه الطبعة الرابعة جاءت تكريم للراحل و شيخ المؤرخين ابو القاسم سعد الله بعدما كرمت الطبعات السابقة أسماء أنارت درب الإبداع في الجزائر و منهم الطاهر وطار و بختي بن عودة و عبد الحميد بن هدوقة و أضافت كل من مديرة دار الثقافة السيدة قوادري و عبد الحق كازي تاني رئيس المجلس الشعبي الولائي في كلمتهما على خصال المرحوم . وتميزت أشغال اليوم الأول من هذا الموعد السنوي الذي يدوم ثلاثة أيام بإلقاء مقاطع من قصائد شعرية تمجد تاريخ الجزائر والثورة الجزائرية من تقديم كوكبة من الشعراء ام سهام التي قدمت قصيدة للشاعر احمد الطيب عياش بعنوان " وهران و العلم و سعد الله " إلى جانب إلقاء قصائد لكل من علاوة كوسة من سطيف الحائز على جائزة عربية و بغداد سايح من تلمسان وعايدة سعدي من وهران و علال خديم من غليزان . وذكر الدكتور محمد بشير بويجرة من جامعة وهران على هامش هذا اللقاء الذي خصصت طبعته الرابعة للمؤرخ أبو القاسم سعد الله بأن "هذه الشخصية الفريدة والمتميزة والتي تعتبر علم من أعلام الجزائر جديرة بأن تحظى بكرسي خاص في أحد المؤسسات الجامعية الجزائرية".وسيفسح هذا الكرسي المجال للجامعيين و الباحثين "بدراسة التاريخ والأدب والفكر والثقافة الجزائرية من وجهة نظر العلامة أبو القاسم سعد الله كون آراءه وأفكاره مهمة ومتميزة ونادرة وبعيدة عن المبالغات والتحزب والجهوية كما دعا ذات المتحدث الهيئات الوطنية إلى استحداث جائزة أبو القاسم سعد الله نظير ما قدمه في سبيل خدمة الثقافة الجزائرية ومدى مساهمته في إثراء المكتبة الجزائرية كما أضاف أن الرجل موسوعة حقيقية و تحتاج إلى دراسة معمقة من قبل الباحثين كتكريم لعبقريته الفكرية . ويرى الشاعر عبد الله طموح أن إعادة طبع ونشر أعمال هذا المؤرخ أبو القاسم سعد الله ستكون أكبر تكريم له و أكد أن مثل هده الملتقيات مهمة جدا لنفض الغبار على أسماء أعطت الكثير للفكر الجزائري وذكر الإعلامي و الباحث محمد بن زيان أن التكريم مهم و يجب أن يبدأ من أهل الدار و عمار بلحسن يحتاج إلى أيام دراسية أو ملتقيات لنفض الغبار عنه مثله مثل شيخ المؤرخين الذي قدم للجزائر الكثير ومن جهته شدد الكاتب عبد العالي عرعار رائد الرواية الجزائرية و صاحب 18 عملا روائيا بامتياز خلال هذا على أهمية تثمين جهد شيخ المؤرخين أبو القاسم سعد الله في نشر التاريخ الجزائري من خلال تدريس أعماله في مختلف الأطوار التربوية مع تخصيص محاضرات لهذه الشخصية الفذة قائلا أن نظرته للتاريخ الجزائري "لم تكن مجرد نظرية تاريخية أكاديمية وإنما كانت تسري في دمه". ويعد سعد الله، من أكبر المؤرخين الجزائريين ومن رجالات الفكر البارزين وأعلام الإصلاح الاجتماعي والديني، وهو من مواليد 1930 بضواحي قمار بولاية وادي سوف بالجنوب الشرقي للجزائر بالصحراء. وحفظ سعد الله القرآن وهو في سن مبكرة، وتلقى مبادئ علوم من اللغة وفقه الدين بمسقط رأسه مدينة قمار، وله سجل علمي حافل بالإنجازات من حيث الوظائف التي تقلدها، أو المؤلفات التي ألفها في العديد من المواضيع كالتاريخ وعلم الاجتماع واللغة وحتى المواضيع الدينية.وحصل على الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة عام 1965، والماجستير عام 1962، وشهادة ال"بي.إش .دي" عام 1956 من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة.وتخصص الفقيد في تاريخ الجزائر الحديث وتاريخ أوروبا الحديث والمعاصر، وتاريخ المغرب العربي الحديث والمعاصر، وتاريخ النهضة الإسلامية الحديثة والدولة العثمانية منذ 1300. وهو يتقن بالإضافة إلى اللغة العربية الفرنسية والإنجليزية، وهو دارس للفارسية وللألمانية. وقام أيضاً بتدريس عدد من المواد بالجامعات الجزائرية والأجنبية، من أهمها كلية الآداب بجامعة الجزائر، ثم عمل رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة الجزائر، ودرّس بجامعة آل البيت بالأردن، وجامعة منيسوتا بقسم التاريخ بدءاً من 1994 إلى 2001، كما كان يقوم بدورات سنوية بجامعات أخرى كجامعة ميتشيغان، وجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، وجامعة دمشق، وعين شمس بالقاهرة. ومن أهم ما ألف الفقيد موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي في 9 أجزاء، فضلاً عن كتب في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية. وتوفي ، بالعاصمة الجزائر عن عمر ناهز 83 عاماً بعد مرض عضال ألزمه الفراش في ديسمبر الماضي .