تعرف ولاية مستغانم منذ القدم بشواطئها الجميلة وسكانها المضيافين ما كان دوما يدفع بالزوار والمصطافين على حد سواء للتوجه إلى هذه البلدة الطيبة وهم يبحثون عن الراحة والإستجمام والترفيه في آن واحد وتبين لنا تلك الأرقام التي قدمتها مديرية السياحة في تقريرها السنوي مدى تهافت هؤلاء على سواحل مدينة مستغانم خلال موسم الصيف. هذه الأرقام ما فتئت ترتفع من سنة لأخرى فبعدما كان عدد المصطافين الذين توافدوا على الولاية في سنة 2006 يقدر بحوالي 6.925.576 ارتفع ذات العدد وبنسبة محسوسة في سنة 2009 حيث بلغ خلال هذه السنة 10.423.635 مصطاف و ينتظر أن تفوق خلال موسم 2010 العتبة المذكورة بكثير إلا أنه ورغم المجهدات المبذولة من قبل المصالح القائمة على السياحة وكل ما يحيط بها في هذه الولاية فإن ذات القطاع لا يزال يشكو ويعاني ضعفا قويا وكبيرا خاصة في باب الخدمات و الفندقة وكذا مختلف مرافق الإستقبال ما أدى ويؤدي في كل مرة إلى تسجيل عجز كبير في هذه الجوانب واستمرار الحال والبقاء على هذا الوضع يفوت حتما على ولاية مستغانم وككل مرة فرصة تثمين السياحة وترقيتها والتي بفضلها يمكنها امتصاص نسبة كبيرة من الشباب البطال من جهة وتسويق مختلف المنتجات بفضل تحريك عجلة اقتصاد الولاية بقوة خلال هذه الفترة الحساسة من جهة أخرى. * مؤهلات قوية إن الطابع الساحلي والسياحي الذي تزخر به ولاية مستغانم يدفع حتما بالقائمين عليها إلى توظيف وتسخير كل الإمكانيات والقدرات المتاحة لتأهيلها وتثمينها وجعل منحها مستوى يسمح لها كي ترتقي إلى مصاف المدن الساحلية المحترمة الموزعة عبر البحر الأبيض المتوسط أو على الأقل بلوغ مستوى جيراننا المغاربة والتونسيين حيث أن شواطئ مستغانم يمكنها استقطاب أكثر من ذلك العدد المذكور مرات عدة لكن نقص الهياكل القاعدية حال ويحول إلى تحقيق ذلك إلى غاية اليوم ويمكننا تتبع وتلمس ذلك من خلال ما قدمته مديرية السياحة في حصيلتها لموسم الإصطياف 2009 و تحضيرات موسم الإصطياف 2010 حيث أنها إحصت في سنة 2009 ما يقارب 13 مخيما صيفيا بسعة 3.330 سرير موضوعة في الخدمة وكذا 16 مركزا عائليا بسعة 1.986 سرير و13 فندقا حضريا من عدد نجوم [ ؟ ] بسعة 963 سرير وأخيرا 11 إقامة سياحية بسعة 1.493 سرير ، مجموع كل هذه المرافق يرفع طاقة استيعاب الولاية إلى عتبة 10.000 سرير وهكذا يتبين من خلال هذه الأرقام أن الحصة أو العرض الموفر للخدمة بعيد كل البعد عن ما هو مطلوب إذا ما تعملنا مع قانون العرض والطلب حيث لا يمكنها في هذه الظروف تقديم خدمات لكل هؤلاء الملايين من المصطافين الذين يحجون إلى ولاية مستغانم في كل سنة خاصة بين شهري جويلية وأوت إن هذا النقص في المرافق أثر وبصفة مباشرة على مناصب الشغل فإذا كانت مديرية السياحة قد أظهرت دائما من خلال تقريرها السنوي على أنها فتحت خلال موسم صيف 2009 ما يساوي 1.200 منصب شغل مؤقت مقسمة ما بين أعوان الخدمات السياحية وأعوان الخدمات الفندقية وأعوان الحراسة والأمن وأعوان النظافة وأخيرا أعوان الإغاثة فإن هذه المناصب بعيدة هي الأخرى كل البعد عما يمكن أن تقدمه ذات الولاية في حال ما توسعت المرافق والخدمات وتعددت في هذا الفصل الحافل بالنشاطات العديدة والمتنوعة . إن قلة المرافق السياحية أدت حتما إلى فتح فجوة كبيرة سمحت بخلق نشاطات طفيلية هامشية حيث لم يتوان أصحابها في استغلال هذا الباب أمام مرآى ومسمع مختلف الإدارات العمومية من مصالح المراقبة والمتابعة وقمع الغش ومصالح الديوان والترقية العقارية وما إلى ذلك من مختلف المصالح التي لها يد في إيقاف التحايل على القانون والتلاعب بحقوق المواطنين والضيوف الذين اختاروا مستغانم واجهة لهم وهكذا تجد على سبيل المثال الكثير من سكان البلديات خاصة منها المجاورة للمناطق الساحلية يقومون بكراء مساكنهم منهم من يقوم بتأثيثها ومنهم من لا يؤثثها لتجد أسعار كراء هذه المنازل في هذه الفترة في منحنى تصاعدي خيالي حيث عرضت السنة الماضية شقق غير مؤثثة من نوع غرفتين ولمدة شهر واحد بقيمة 30 ألف دينار جزائري في حين نفس الشقة مؤثثة قدمت بسعر لا يقل كرائها عن 70 ألف دينار جزائري وهذا كذلك خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهر الواحد ، إضافة إلى هذا الإنزلاق وعجز المؤسسات المخولة قانونا بمراقبة ما يدور من حولها رغم علمها بذلك تجد ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الأولى والتي تمثل هذه المرة في ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية وبصفة غير معقولة وغير مبررة حيث تتضاعف أسعار تلك المواد خلال فصل الصيف مرات وهذا في حقيقة الأمر ما هو إلا مؤشر آخر يظهر مدى قوة الولاية في استقطاب الزوار والمصطافين سواء كانوا من داخل أو خارج الوطن في حين تجد هنا كذلك المؤسسات القائمة على متابعة ذات النشاط الإقتصادي نفسها هي الأخرى مكبلة الأيدي. * سلوكات إنحرافية فبالرغم من الخرجات الميدانية العديدة لمصالح قمع الغش فإنها عاجزة عموما في احتواء الظاهرة والتي تبلغ في بعض الأحيان بالمساس بصحة المواطن أمام هذا الوضع الصعب يجد المواطن المستغانمي في عمومه نفسه بين سندان المصطافين ومطرقة الأسعار أما في الجانب الأخلاقي لم تزخر مدينة مستغانم بالمسرح وفرق الشعبي والغيوط والطبول بقدر ما تستفحل إلى جانب ذلك ظاهرة انتشار تعاطي المشروبات الكحولية في وسط الشباب وبكميات كبيرة والدليل على ذلك تلك المئات من الزجاجات والجعات الفارغة المترامية عبر الطرق والمطلة على البحر وهذا المشهد يستمر للأسف على طول موسم الإصطياف مقدما للزائر نظرة قبيحة عما سينتظره إن قرر البقاء ولمدة في مستغانم أمام هذا الوضع الذي فرضه موسم الإصطياف على مدينة مستغانم الهادئة خلال بقية المواسم الأخرى يبقى المواطن البسيط يسخط على هذا الفصل الذي حل به ولن يجني منه إلا التعب وصعوبة العيش في ظل حرارة الطقس والأسعار معا ، إضافة إلى ما ذكر تجد النسوة يزحفن ومن كل أنحاء الوطن بحثا عن المال بأي ثمن وبالرغم من قيام مصالح الأمن والدرك بواجبهما من أجل الحد من هذه الظاهرة السلبية التي استفحلت في مجتمعنا إلا أنه تجد الأعداد التي تغزو شواطئ ولاية مستغانم لا تعد ولا تحصى من المنحرفات اللواتي يستعملنا كل الحيل للظفر بالزبون الذي رغم التحذيرات يواصل مغامرة البحث عن اللذة الخبيثة. من خلال هذا التحليل القائم على تقارير مديرية السياحة لولاية مستغانم يتبين على أن الطريق لا زال طويلا والطلبات كثيرة وكبيرة ولا يجب الإكتفاء بما هو موجود لأن قطاع السياحة هو قطاع رائد وجد استراتيجي في حسابات الدول التي تعول الكثير عليه من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار سواء كانوا من داخل البلاد أو الأجانب ما يسمح لمدينة مستغانم إن بلغت هذا المستوى من لعب دور هام في محاربة البطالة من جهة وإيجاد مكانة لها للظهور بقوة في حوض البحر الأبيض المتوسط . إن الكل هنا بمستغانم يعول هذه السنة على صيف قوي وهادئ رغم قصره بسبب حلول شهر رمضان الكريم في منتصف شهر أوت بدءا بمديرية السياحة ، لذلك تجد مختلف المصالح الإدارية والأمنية قد أخذت احتياطاتها لتفادي سلبيات السنة الماضية ونذكر عينة عن ذلك نتائج مصالح الحماية المدنية التي سجلت خلال موسم الاصطياف 2009 ما يساوي 2267 تدخل بلغ عدد الجرحى فيها 665 شخص أما الغرقى المنقذين فكان عددهم 1576 والغرقى المتوفين 22 في المناطق الممنوعة وواحد في المناطق المسموحة ، إن موسم الإصطياف دشن، ومن أجل تفادي ما حدث السنة الماضية من سلبيات عملت مديرية السياحة مع المصالح المعنية على استعداد لفتح موسم السياحة يوم 10 جوان هل ستكون ذات المصالح والمؤسسات في الموعد هذا ما سنتعرف عليه خلال تقرير مديرية السياحة لسنة 2010 .