أصبحت ظاهرة الإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية (جافة كانت أو سائلة) كلما حل شهر رمضان الكريم عندنا في الجزائر من العادات المألوفة والمسلم بها، وأكثر من هذا تحولت إلى سيف قاطع فوق رقاب عامة المواطنين خاصة منهم ذوي الدخل البسيط وما أكثرهم، ولم يفلت من هذه القصاصة لا سكان ولا أهالي ولاية مستغانم، فبالرغم من تنافي تلك الممارسات مع تعاليم ديننا الحنيف إلا أنها ظلت تتكرر مع كل موسم رمضاني، في هذا الإطار حاولت جريدة »الجمهورية« التعرف وعن قرب على الاطراف التي التي أدت إلى أن تقفز فيه السوق من حالة عادية إلى حالة مضطربة تخنق كل من تصادفه في طريقها بدءا بالمواطن أو كما يحلو للبعض تسميته ب»الزبون؟«. إن ظاهرة ارتفاع الاسعار مست هذه السنة طبعا كل أسواق ولاية مستغانم دون استثناء بدءا بسوق العين الصفراء والسوق المغطاة لمسك الغنائم بما فيها الاسواق غير المسجلة وما أكثرها والتي تتوزع عبر مختلف أزقة البلدة ثم أسواق كل من بلديات عين تادلس، بوقيراط، سيدي علي... هذه الظاهرة الغريبة عن تعاليم ديننا الحنيف دفعت فضول جريدة »الجمهورية« إلى التنقيب عن الاسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور المضاربة بصفة علنية ثم جعلت منها سيدة الموقف كلما حل بنا شهر رمضان الكريم، في هذا الإطار حاولت جريدة »الجمهورية« التعرف على آراء كل من المواطنين ثم تجار التجزئة فتجار الجملية فمديرية قمع الغش وأخيرا جمعية حماية المستهلكين حول قضية المضاربة في الاسعار. المواطنون متذمرون كلما اقتربت من المواطنين الحاملين للقفف شبه الفارغة وهم يتجولون وسط الاسواق تجدهم ساخطين على ارتفاع الأسعار حيث يقول السيد »م.ح« موظف »إن ارتفاع الأسعار المراد منها الطمع والجشع والربح السهل على حساب المواطنين، حيث يقوم التجار بتخزين المواد الاستهلاكية مدة معينة قبل حلول شهر رمضان خاصة وأن المبردات موجودة وفي اليوم الموعود يخرجونها بجرعات حتى تستمر الازمة أطول مدة ممكنة وتفرغ جيوب المغبونين كحالتي« أما السيد »خ.ك« فيرى أن هذه الظاهرة مفتعلة حيث يقول »يمكنني أن أصدق مبررات التجار سواء كانوا تجار تجزئة أو تجار جملة، ففي الوقت الذي تعمل الدولة على تدعيم وتذليل الصعاب للفلاحين والتجار بمنحهم المال والعتاد من أجل الانتاج وإغراق السوق بالمواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن تلمس في مقابل ذلك سلعا معروضة بأثمان باهظة في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون سعرها في متناول جميع شرائح المجتمع، وهنا اتساءل عن دور الدولة في متابعة ومراقبة برامجها الإنمائية وكيف تترك السوق بيد المافيا التي تتصرف في رقاب الناس دون حسيب ولا رقيب، السيد »ب.ب« مايجري اليوم وفي كل سنة مع طول شهر رمضان الكريم أرجعه إلى البارونات والمافيا التي تتحكم في الاسواق والمواد الاستهلاكية وهنا لا حول ولا قوة للمستهلك إلا أن يخضع لتلك السياسة التي فرضت عليه عنوة«. تاجر التجزئة يقول تجار التجزئة هم الآخرون لهم ما يقولون بخصوص هذه الوضعية بداية برفضها واستنكارها لكنهم يبررون زيادتهم كما جاء على لسان حال السيد »ح.ك« حيث يقول إن ارتفاع الاسعار مرجعها تجار الجملة الذين يجتهدون في هذا الشهر رغم قدسيته أعني شهر رمضان الكريم ليرفعوا الأسعار فنضطر لرفعها من جهتنا حتى نحافظ على هامش الربح الذي يسمح لنا بإعالة أسرنا، وهذا ينعكس طبعا على زبائننا الذين يستاؤون كثيرا من ذلك، وهنا أريد أن أقول لتجار الجملة ارحموا إخوانكم في هذا الشهر الكريم. أما السيد »خ.س.أ« يرى أن مايحدث غير مقبول لكن لا يجب أن تنسى أن الزيادة التي تفرض علينا من قبل تجار الجملة تدفع بنا الى أن نرفع بدورنا الاسعار مما يظهرنا للزبائن في صفة الوحوش التي لا ترحم ولا تعطف على الزبائن، يجب البحث عن أسباب رفع الاسعار بعيدا عن تجار التجزئة. تجار الجملة يبررون عند زيارة جريدة »الجمهورية« سوق الجملة المتواجد في بلدية صيادة في الجهة المقابلة للطريق الفرعي المؤدي إلى الجزائر العاصمة التقت ببعض تجار الجملة الذين لم يترددوا في اتهام قانون العرض والطلب وفي هذا الباب يقول »أ.م« المشكل راجع إلى الطلب فكلما كان الطلب قويا كلما زادت الاسعار والعكس صحيح، إذا نحن مرتبطون بقانون العرض والطلب، يرتفع نرفع، يهبط نهبط أما السيد »ج.ب« يرى أن المصدر هو الذي يتحكم في الاسعار فكلما زاد نضطر لنزيد وهكذا. تدخل لقمع الغش ظلت مديرية قمع الغش بمستغانم ولازالت تعمل على إحباط كل المحاولات الرامية الى مخالفة القوانين المعمول بها، خاصة منها التي لها علاقة وطيدة بالصحة العمومية، لكنها وجدت نفسها من جهة أخرى مكبلة أمام مايحدث من مضاربة وارتفاع جنوني للأسعار، حيث ترجع هي الاخرى ذلك الى قانون العرض والطلب، لكنها ترى في ذات الوقت أن أطرافا معينة تستغل الظرف لترفع الاسعاربهدف الربح السريع والقوي مستغلة في ذلك الارتفاع المحسوس للاستهلاك العام للمواطنين وهذا على الرغم من وفرة الانتاج. أين المدافعون عن المستهلك؟ في نظر المواطنين فإن جمعية الدفاع على حقوق المستهلكين غير موجودة ميدانيا حيث لا يعرف ولم يسمع كل من اقتربت الجريدة منه شيئا عنها، وهذا نظرا لغيابها على الساحة ولن تظهر حسب السيد »ب.ج« إلا في المناسبات كشهر رمضان الكريم حيث يصرخ فيها المستهلك بسبب ما يتعرض لها من ابتزاز وسطو يواصل محدثنا قائلا »أعتقد أنه يمكن ارجاع ذلك الى أن دور الجمعية لايزال بدائيا ولم يصل بعد إلى درجة التأثير على ما يجري من حوله، لذلك اختار مسؤولو الجمعية الاكتفاء بإصدار بيان ينددون من خلاله وعبر إذاعة الظهرة بالرفع غير المبرر للزيادات في الاسعار مطالبين السلطات المحلية باتخاذ الاجراءات لحماية المستهلكين. الزبون لم يعد ملكا من خلال هذه الآراء التي رصدتها جريدة »الجمهورية« من كل الاطراف التي لها صلة مباشرة بالمضاربة إما تكون بائعة أو مستهلكة أو مراقبة تبين في كل الحالات ان المستهلك هو الخاسر الاكبر والضحية الاولى والاخيرة في هذه الاشكالية، وهذا بالرغم من وجود مؤسسات ادارية وجمعية لحمايته من جشع أطراف عرفت كيف تختبىء وراء حجج واهية لكنها تمكنت بفضلها إسقاط هذا المغبون (المواطن) في الشراك وجعلته يتخبط بين أنيابها وأظافرها غير آبهة بهذا الشهر الفضيل الذي يدعو أكثر الى الترابط والتلاحم والرحمة والاخوة بين كل المسلمين، هنا يتساءل المحامي (ب.ع) ويقول الى متى يبقى المستهلك في كل شهر رمضان عرضة لمصاصي الدماء وتجار الجوع؟ الى متى تبقى المؤسسات غائبة أو عاجزة عن ترويض المضاربين ووضع حد نهائي لممارساتهم المافياوية ضد المواطنين المغلوبين على أمرهم؟ إلى متى يبق المواطنون عرضة لكل هذه الانتهاكات التي تؤرقهم كلما حل شهر رمضان الكريم؟ أمام هذه التساؤلات يجيبه السيد »ب.خ« بالقول إلى أن يتم الاجابة على هذه التساؤلات يبقى الوضع على حاله وإلى يوم الدين.