نظمت صباح أمس وحدة البحث حول الثقافة والاتصال واللغات والآداب والفنون، التابعة ل"كراسك" وهران (السانيا) يوما دراسيا هاما بعنوان "التهميش في الرواية الجزائرية المعاصرة" شارك فيه العديد من الأساتذة الجامعيين من داخل وخارج الوطن، حيث تم معالجة وتشريح ظاهرة التهميش في الرواية الجزائرية، أسبابها، كيف يتم التعامل معها من الناحية الأدبية، تاريخها، اندماج مختلف الشخصيات الأدبية أو تهميشها في الحياة الاجتماعية. وأبرز المتدخلون في الملتقى الذي نشطته الأستاذة بن جليد فوزية من جامعة وهران، أهمية دراسة هذه المواضيع المتعلقة بظاهرة الهامشية أو التهميش في الرواية الجزائرية، باعتبارها مخزونا للمخيال الجزائري، خصوصا وأن الرواية في بلادنا كانت ولا تزال تدرس المجتمع بمختلف شرائحه، لاسيما الإنسان باعتباره كيان فاعل وحيوي في بيئته، كما عمل الأساتذة المحاضرون على معالجة كيفية تعامل الروائي مع الشخصيات الهامشية في المجتمع، وكيف تجد حضوره فيها في الكثير من الروايات، على غرار الأديب كمال داود في عمله الفني الأخير "ميرصو.. التحقيق المضاد"، وما هي أسباب عدم اندماج الإنسان في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وشكل هذا اليوم الدراسي، فرصة لدراسة وتحليل أعمال الكثير من الروائيين ممن سموهم بروائيي "الجيل الرابع" الجزائري، على سبيل المثال لا الحصر مايسة باي، أمين زاوي، أكرم الكبير، جمال ماتي، كمال داود وغيرهم. من جهتها أكدت الأستاذة بن جليد فوزية على هامش ملتقى "التهميش في الرواية الجزائرية المعاصرة" ل"الجمهورية" أن الهدف من هذا اليوم الدراسي، هو أنه يندرج في إطار نقد الرواية الجزائرية، وأن النشاط العلمي الأكاديمي الذي نظمته وحدة البحث السالفة الذكر هو في الأصل مشروع 3 سنوات، مضيفة أنه يبرز كل الجوانب المتعلقة بها سواء من ناحية الكتابة، الرصد والخطاب الروائي لاسيما للكتاب الجزائريين الحاليين، وأوضحت الأستاذة المتحدثة أن الأكاديميين الحاضرين في الملتقى عملوا على دراسة مختلف الأعمال الأدبية المعاصرة مع التركيز على ظاهرة الهامشية فيها، خصوصا أقوال وأفعال الشخصيات، مشيرة إلى أنه دائما ما يكون وراء هذه الأخيرة شخصية الكاتب أو الروائي، وذكرت في هذا الصدد شخصية "عمر الطفل" في رواية محمد ديب الذي قالت إنه شعر بالتهميش والازدراء من قبل الاستدمار الفرنسي آنذاك. مؤكدة أن هذه الظاهرة هي في الأصل ذات مفهوم واسع واعمق ولا تقتصر على الحرمان، الفقر، الإقصاء... وحتى شخصية فوغولو في راوية مولود فرعون تقول المتحدثة إنها عانت كذلك من الأوضاع الاجتماعية المزرية آنذاك. وعن سبب تركيزهم على الرواية المعاصرة، قالت الأستاذة بن جليد فوزية إنه راجع إلى التجديد في الكتابة حيث بدأت الأقلام الجديدة في الساحة الأدبية المعاصرة تقدم أعمالا أدبية رائعة بل وتستحق المتابعة وأنه حان الوقت لتسليط الضوء على هذه الأقلام الفنية المبدعة. وقالت إن الكتابات الحالية بدأت تخرج الآن عن القالب الفرنسي السابق باعتبار أننا لدينا إرث فيه الكثير من الاشتراك مع الرواية الغربية باعتنبار أن الروائي الجزائري بدأ يخرج بمخياله من الأسلوب القديم ويتحرر نوعا من ذلك الموروث الفرنسي السابق.