يبقي قطاع الري بولاية عين تموشنت من القطاعات الهامة التي أولت لها الدولة ميزانية خاصة للنهوض بها خلال العشرية الأخيرة وفق مختلف البرامج التنموية والقطاعية. ومن هذه البرامج أخذت عملية إعادة تهيئة الأودية على المستوى الولائي حصة هامة من الأغلفة المالية المخصصة للقطاع حيث تم تحديد غلاف مالي قدره 550 مليون دج لتوسيع وترميم وحفر وبناء 17 واديا يقع بجغرافية عين تموشنت وهذا لما لها أي الأودية من ضرر على العنصر البشري والأملاك على حد سواء ولعل كارثة وادي البارودي ببلدية العامرية أكبر دليل على حدة الخطر الذي تمثله عند فيضانها في فصل الشتاء حيث أن وادي البارودي لوحده تسبب خلال السنة الفارطة في وفاة شخص وتضرر أكثر من 20 عائلة أصبحت بين عشية وضحاها بدون مسكن ناهيك عن تحطم السكة الحديدية التي يمر بها الوادي، ونفس الشيء يقال عن باقي الأودية التي تشبعت بالتربة والترسبات الطينية الطبيعية وأصبحت تشكل خطرا كلها تساقطت زخات المطر. بطاقة فنية لكل واد وحسب المهندس المكلف بمشروع إعادة تهيئة الوادي فقد تم الإنطلاق فيها بداية هذه السنة حيث وصلت نسبة الانجاز إلى ما بين 50 و80 بالمائة وهي نسبة مشجعة بالنظر إلى قصر المدة التي تم فيها الإنجاز وقد تكفل بالعملية 3 مقاولين يعملون وفق معايير وبطاقات فنية دقيقة لكل وادي لأن كل واحد له خصوصياته الجيولوجية. ومن ضمن الأودية التي تطلبت جهدا اضافيا ودراسات مكثفة هناك وادي سنان الذي يمر بوسط مدينة عين تموشنت إلى غاية البلديات المجاورة كسيدي بن عدة، وقد خصص لتهيئته غلاف مالي قدره 300 مليون سنتيم ويتم حاليا تهيئته على مسافة 3.6 كلم وهي مسافة طويلة بالنظر إلى باقي مسافات الأودية الأخرى وقد شكل هذا الوادي من زمن بعيد نقطة سوداء في خريطة الولاية، حيث صار مجمعا للقاذورات وسط المدينة وعند هطول الأمطار تتدفق هذه القاذورات والوحل على كل المدينة أما امتداده عبر بلدية سيدي بن عدة .وعند مدخل بلدية ثارڤة فإنه يشكل خطرا كبيرا عند فيضانه حيث يتعذر على أصحاب السيارات المرور عليه وإذا حدث و قطعت احدى السيارات الوادي فإن السيول تجرفها نحو مسالك خطيرة عبر الحقول والدروب المغطاة بمياه الأمطار. ورغم الترقيعات التي حدثت بين الفينة والأخرى إلا أن ذلك لم يأت بنفع أمام تدهور حالة الطقس خلال السنوات العشر الأخيرة ومما زاد الطين بلة قيام بعض السكان برمي القمامات على مستوى الجزء الكائن وسط المدينة. ومن المنتظر أن يكون وادي سنان بعد اتمامه هذه السنة (حيث وصلت نسبة الإنجاز به 80 بالمائة) جاهزا لإحتواء كل سيول الأمطار ودفعها بسهولة عبر طرفيه دون أن يسبب خطرا. ويرى المختصون في مجال الري، أن من أخطر الأودية التي قد يتسبب في وقع كارثة خلال هذا الشتاء هو وادي البارودي الواقع ببلدية العامرية، هذا الأخير كان ولا يزال الشغل الشاغل للسلطات المحلية التي سخرت 25 مليار لإعادة تهيئته وفق دراسة علمية دقيقة لكن حاليا وحسب ما يذكر المهندس المشرف على المتابعة الميدانية لكل الأودية، فإنّ تهيئة هذا الوادي يجب أن تتم عن طريق إنجاز جسر عند نقطة الإنعطاف، وليس عن طريق تركيب أنابيب لدفع مياه الأمطار عندما يقع الفيضان، مؤكدا أن هذا الوادي سيسبب كارثة حتمية اذ بقي الإنجاز يعتمد على تركيب الأنابيب، مع العلم أن هناك أنابيب متصلة بالوادي المّار وسط المدينة، وقد وصلت نسبة إنجازه حسب ما صرح به رئيس البلدية الى 80٪ هذا الأخير أكد أنّ العمل يسير على قدم وساق حتى لاتتكرر كارثة الشتاء الماضي، أما عن الجسر فقد أكد أن الدراسة تعمل على إنجازه ولا يوجد أي خطر محدق في المستقبل. مع العلم أنّ الوضعية السيئة والكارثية لوادي البارودي هي القطرة التي أفاضت الكأس في قطاع الري، حيث ثبت أن كلّ أودية الولاية الجافة وغير الجافة يمكن لها أن تمتلئ بأمطار أي شتاء وبالتالي يقع فيضانات لا حسر لها، للعلم كذلك فإنّ أكبر عمل ميداني ينفّذ حاليا على هذا الوادي حيث يتم عملية الحفر على جانبيه على عرض 06 أمتار حتى تجد المياه مستقرا لها وتتدفق في مجاري أعدت لها حسب الدراسة ثالث وادي كلفّ غلافا ماليا هامّا على المستوى الولائي هو وادي الصباح بدائرة عين الأربعاء، هذا الأخير يمر على حقول ومزارع وبعض من النسيج الحضري وقد خصص له غلافا مالي قدر ب 38.220 مليون دج وصلت نسبة الإنجاز به 90٪ وقد هيء عن طريق الحجارة والشبابيك، وثمن عملية التوسيع على مستوى الباطن، وهو يشكل خطرا على المحاصيل الزراعية مثله مثل وادي أغلال الذي يتم حاليا تهيئته حسب البطاقة الفنية المعدّة له، وقد تنفس سكان بلدية أغلال الصعّّداء عندما رؤوا عملية التهيئة سارية المفعول، لأن فيضان هذا الوادي كان يسبّب كوارث للموالين حيث يفتك برؤوس الماشية التي ترعى في كل مكان بأغلال المعروفة بكثرة الموالين. ومن المنتظر أن يستقبل هذا الوادي مياه الأمطار بكل سهولة نظرا للترميمات التي وقفت على مستوى الضفتين والعلو، وقد لا يسبب أي فيضانات حتى لو وقعت أمطار طوفانية. ويتم حاليا تهيأة وادي ريش وسيڤا ببلدية بني صاف الساحلية بواسطة الحجارة الملساء التي تشد جانبي الوادي، وبالرغم من أن الواديين لم يحدثا أي كارثة نذكر إلا أن المخاوف قائمة مما جعل السلطات المعنية تأخذ هما بعين الإعتبار خاصة وأنّ جغرافية بني صاف مميزة عن باقي البلديات بإعتبار بناياتها تقع في منحدرات غير متناهية وأي فيضان من أحد هذين الواديين قد يحدث كارثة خاصة وأنّ لهما إتصال بالبحر. ويخرج وادي شعبة اللحم هو الآخر عن مجراه في كل شتاء، ممّا جعل الأعمال به تتواصل ليلا ونهارا لتفادي أي كارثة، حيث جرف هذا الوادي منذ أعوام عدة سيارات وتسبب في خسارة مادية لأصحاب النقل الجماعي والمركبات العادية وعطل حركة السير ونفس الشيء بالنسبة لوادي سيدي لخضر بحمام بوحجر حيث وصلت نسبة الإنجاز به 70٪ ونفس النسبة بوادي تمازوغة (ڤواسمية) حيث يتم تثبيت طرفيه بواسطة الحجارة والشبابيك وإدخال تعديلات على مستوى جوف الوادي.. ومن ضمن الأودية التي كانت تشكل خطرا هناك وادي سواڤ بعين الأربعاء، حيث وصلت فيه نسبة الإنجاز إلى 60٪ وتقوم المؤسسة المشرفة على إعادة تهيئته بإستعمال الحجارة لتثبيته وإضافة بعض الأ عمال كالحفر وبناء حائط لتفادي بقاء المياه على مستواه، مع فتح كل المجاري لتدفق وتسريح المياه. ولعل أعمال توسيع وإعادة التهيئة يبقي متشابهة في بعض الأودية التي حظيت عملية إعادة تهيئتها بواسطة الحجارة ذات الحجم الكبير، اللهم تلك المعقدة ذات المسافات الطويلة والمتدهورة، والمسببة لأخطار بيئية كبيرة. وادي الثلاثاء بمنطقة زناخنة ببلدية وادي الصباح المار على مساحات زراعية كان يشكل خطرا كلّما تساقط الغيث وقد أدمج هو الآخر لينال حصته المالية في هذا البرنامج التنموي حتى لا تبقى أي نقطة سوداء في خريطة الأودية على مستوى ولاية عين تموشنت، التي شكلت أوديتها إشغالا هاما لدى السلطات المركزية وقد وصلت نسب الإنجاز بأودية الخدايدة وتمازوغة بوزجار وعين الكيحل 70 إلى 80٪ وقد سببت هذه الأودية شتاء السنة الفارطة هلعا في نفوس المواطنين خاصة الأطفال وتضررت المحاصيل الزراعية، مع العلم أنه في السنوات الفارطة كانت هذه الأودية شبه جافة ولم يعرها أي شخص أي إهتمام، لكن مع مرور السنين وتحول المناخ صارت تمتلئ بمياه الأمطار وقد ساعدتها الحجارة المتراكمة مع طول الزمن في إنسداد مجاريها. وعليه فإن المتتبعين لمسائل التهيئة وإعادة الإعتبار لهذه الأودية يرون أن تثبيتها بالحجارة أمر مؤقت، وهناك من يراه عملا ناجعا، وهناك من يرى أن معالجة الأودية يجب أن يتم على مستوى الجوف.. وأمام هذه الأقوال يرى المختصون من أهل العلم، أن لكل واد خصوصيته الجيولوجية ويجب أن تنجز لكل واحد دراسة مميزة تكون دقيقة وعلمية، وهو ما وقع لأودية عين تموشنت التي خصصت لها أغلفة مالية لا يستهان بها، وشتاء هذه السنة سيبرهن على نجاعها من عدمها وعلى جدية أشغال تهيئتها التي تحول دون تسجيل فيضانات كماوقع السنة الفارطة. للتذكير فإنّ جميع أودية ولاية عين تموشنت ستكون جاهزة لشتاء هذا العام بعد أن تنتهي الأشغال بها خلال هذه الأيام.