تكريم خاص للأساتذة المشاركين اختتمت مساء أمس بوهران فعاليات الملتقى الدولي حول الممارسات القمعية والسياسات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر (1830-1962) "التعذيب نموذجا"، وقد أجمع الأساتذة المتدخلون في محاضراتهم القيمة، أن إدارة الاستدمار الفرنسي اتبعت وبشواهد دامغة سياسة مارقة عن الأعراف الدولية تجاه الشعب الجزائري، معتبرين أن هذه الإجراءات القمعية الشرسة فشلت في إخماد لهيب الثورة التحريرية المظفرة، وهذا بالرغم من حالة الاستنفار الإدارية، الأمنية والعسكرية التي انتهجتها فرنسا من أجل إطفاء نيرانها المشتعلة في مختلف ولايات الوطن. وأكد الدكتور "علي بشير بلمهدي" من جامعة معسكر في مداخلته، بأن هذه الأساليب الجهنمية، لم تنجح في خنق الثورة، بل أنها على العكس من ذلك، أذكت لهيبها، لتنتهي كما هو معلوم بتحرر الجزائر من نير الاستدمار الفرنسي السحيق، مشيرا إلى أنه من بين الأجهزة الاستدمارية الأمنية التي استخدمها الغزاة للقضاء على انتفاضة الجزائريين الشاملة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر "مصلحة الربط لشمال إفريقيا" حيث اختصت بمراقبة علماء الدين الجزائريين بمختلف اتجاهاتهم داخل الوطن وخارجه، وهذا من خلال الفرقة الأمنية المعروفة باسم "فرقة مراقبة العلماء" المتكونة من نخبة مخبرين يدركون مدى أهمية هؤلاء النوابغ ومكانتهم الدينية والعلمية في المجتمع الجزائري. وقد أعدّت هذه الخلية تقارير يومية عبارة عن نشرة معلومات تلخص نشاط وتحركات العلماء الجزائريين، والغريب في الأمر أن هذه الفرقة كانت مدعومة ببعض أعوان الأمن الجزائريين المسلمين، الذين كانوا يراقبون الصلوات الخمس والعيدين ومختلف المناسبات الدينية. مع العلم أن هذا الجهاز أشرف عليه شخص يدعى "شاوون" حيث تمت ترقيته من رتبة نقيب إلى رائد فعقيد في آخر أيام الثورة التحريرية إلى أن صار مدير مصلحة الربط لشمال إفريقيا. من جهته أكد الدكتور "العربي بوعمامة" من جامعة مستغانم بأن الصحافة الأهلية في الجزائر تميزت في الفترة الاستدمارية البغيضة بتعددها واستمرارها على البقاء في الساحة الإعلامية وهذا بالرغم من التضييق الذي مورس عليها، مشددا على أنها كانت صحافة أهلية طبعت المشهد الثقافي بالتنوع والإثراء، وبها واكبت التحولات والحراك الاجتماعي والسياسي، كما أنها خصصت أجناساً صحفية متعددة لتغطية الأحداث منها على سبيل المثال الحق الوهارني، جريدة المصباح...إلخ. من جانبه أكد الدكتور "أحمد الحمدي" من جامعة وهران في محاضرته بعنوان "موقع الصحراء في سياسة العقاب الفرنسية بالجزائر، أن الصحراء كانت حجر الزاوية في السياسة الاستدمارية في بلادنا، حيث بدأت بمساعي المستكشفين ومحاولات المغامرين وبحوث المتخصصين المربية ومشاريع المهندسين ثم تحركات العسكريين والتي أملتها ضرورات مرحلة ما بعد المقاومة الشعبية، وبعد إخضاعها أدرك الاحتلال الفرنسي إلزامية جعل هذا المجال في وضع خاص يتماشى مع المميزات والخصائص التي أملتها طبيعة الجغرافية والسياسة العامة للاحتلال إذ ومنذ اكتشاف الثروات الطبيعية المختلفة أصبح من الواضح أنّ فرنسا ستغير من نظرتها للصحراء بإعطائها أهمية خاصة حيث أفردت لها أجهزة إدارية مستقلة وزادت من الإنفاق على التجمعات السكانية والتقرب أكثر من العلماء والأعيان ثم القيام بطرح فكرة فصل الصحراء وإنشاء مراكز للتجارب النووية، وهكذا تبين أن المجال أصبح يمثل فضاء خصبا للتصنيع ومقبرة للنفايات الصناعية والجرثومية وهو ما استدعى وضعه تحت وصاية مجهولة. وفي الأخير قامت وزارة المجاهدين بتكريم الأساتذة المحاضرين من بينهم حسن خلف من جامعة بلجيكا، الدكتور محمد بن عبادي من جامعة فاس المغربية والدكتورة نادية طرشون من الجزائر وعبد القادر البقيرات.