أكد الدكتور محمد شهيد من جامعة وجدة المغربية بأنه لا يوجد مصطلح يفي بالغرض لوصف الوحشية البربرية التي تميز بها الاستدمار الغربي في البلاد المستعمرة، وأضاف الأستاذ المحاضر الذي قدم مداخلة بعنوان "جرائم فرنسا في الجزائر: إهلاك للحرث والنسل.. مقاربة مقاصدية" بأنه من أهم صور هذه الوحشية البربرية التي أرقت البشرية صورة الاستعمار الفرنسي في بلاد الجزائر المسالمة، مشيرا إلى أن تتبع جرائم جنرالات فرنسا المتنوعة والمتعدّدة في الجزائر أمر تنوء به العصبة المتخصصة، وهذا لسادية هذه الوحشية وبشاعتها وكثرتها أيضا. وقال الدكتور محمد شهيد إن المرء ليصعق وهو يطلع على نص تاريخي للضابط المراسل تارنو "الذي اعترف ذات يوم بما يلي :" إن بلاد بني مناصر رائعة، لقد أحرقنا كل شيء، ودمرنا كل شيء... آه من الحرب !!! كم من نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس ماتوا بالبرد والجوع.. إننا ندمر، نحرق، ننهب، نخرب البيوت ونحرق الشجر المثمر، أنا على رأس جيشي أحرقنا الدواوير والأكواخ وأفرغنا المطامير من الحبوب وأرسلنا لمراكزنا في مليانة القمح والشعير. وذهب الدكتور المغربي محمد شهيد في محاضرته الافتتاحية الأولى لأشغال الملتقى الدولي حول الممارسات القمعية والسياسة الاستعمارية في الجزائر 1962- 1830"التعذيب نموذجا" عندما وصف أعمال هؤلاء الجلادين بالجبانة، لاسيما وأن مثل هذه الأفعال الإجرامية كثيرة ومتعددة، غير أنه أكد في نفس السياق بأنه وإن كانت هذه الجرائم الاستدمارية البشعة تمثل غطرسة وصلف وجبروت فرنسا، إلا أنه اعترف بأن الشعب الجزائري أظهر فيها روحا إنسانية مستمدة من التراث الإسلامي وفي نفس الوقت قوة وصلابة المتمسك بحقه في العيش الكريم ورغبته في التخلص من الاستعمار، مشدّدا على أنّ هذه المحاضرة الهدف منها رصد وتتبع بعض هذه الجرائم على كثرتها بهدف تصنيفها في خانة تمكن من مساءلتها على ضوء المعطيات الإنسانية مهتدية بمقاصد الشريعة التي أجمعت عليها الأمم والنحل. من جهته أكد الأستاذ عبد القادر البقيرات من كلية الحقوق بجامعة الجزائر، بأنّ الاستعمار الفرنسي للجزائر منذ عام 1830 مارس أبشع أنواع الهمجية والوحشية والظلم والقسوة غير الإنسانية، مضيفا في محاضرته بأنّ فرنسا بصفتها دولة احتلال خالفت القانون الدولي الإنساني نتيجة قيامها بأبشع أنواع الجرائم في حق الشعب الجزائري، حيث كانت بناء على خطة نفذتها السلطة الاستدمارية الفرنسية المدنية والعسكرية لإبادة الجزائريين وعمدت إلى استخدام كافة الإجراءات الممكنة المتوفرة لديها لإرعاب معارضي الاحتلال والمطالبين بالحرية حيث أن التعذيب والقتل والإبادة وتهديم منازل المدنيين وتهجير السكان وإبعادهم والاستيطان وسياسة العقاب الجماعي والاختفاء القسري الممارس من قبل المحتل الفرنسي كانت منافيا لكل القيم الإنسانية والأعراف المتبعة بل ومخالفة لاتفاقيات "لاهاي" لعامي 1899 و 1907 وحتى جنيف لسنة 1925 وميثاق الأممالمتحدة لعام 1945 وحتى اتفاقية منع إبادة الجنس البشري ولجميع المواثيق الدولية.