تعرف ظاهرة عدم استقرار الاطقم الفنية للنوادي في الجزائر ، منحى تصاعديا كبيرا هذه السنة لم تشهد نظيره في المواسم الفارطة ، ذلك ان اقالة او استقالة المدربين اصبحت موضة لدى العديد من رؤساء الفرق و التقنيون على حد سواء ، فالمنطق الكروي يقول ان على أي فريق يتعاقد مع مدرب على الورق ان يضع شروطا تحفظ حقوق الاثنين و من بين هذه الشروط التي يصر عليها الإداري هي تسجيل نتائج ايجابية على المدى المتوسط و إلا فسخ العقد ، لكن هذا المنطق لا نجد له اثرا ملموسا في بطولتنا حطمت الرقم القياسي في تسجيل اسرع الاقالات . فنظرة خاطفة على حالة المنافسة الكروية في بلادنا ، نستخلص أن أغلب الفرق قامت بتغييرات على مستوى العارضة الفنية قبل انطلاق البطولة أي خلال فترة التحضيرات وبدأت القصة بالغرب الجزائري في اتحاد الرمشي الذي كان قد تعاقد مع المدرب يوسف مغفور الذي قاد التدريبات ل 3 أيام قبل أن يعود من حيث أتى ثم يترصد مسئولو الرمشي مدرب غالي معسكر سالم العوفي ، حيث أفلحوا في خطفه من الغالية لكنه سرعان ما غادر الرمشي بعد أسبوع واحد من الإشراف على الفريق ليعود إلى غالي معسكر هذه الأخيرة كانت قد تعاقدت مع المدرب عصمان لخلافة سالم العوفي غير أن عصمان أسال عرض اولمبي ارزيو لعابه ليطلق الغالية و يتزوج لوما دون سابق إشعار وعين خلفا للمدرب خلادي الذي انسحب من ممثل مدينة المحروقات وتوجه صوب ترجي مستغانم. تغييرات الاطقم الفنية لا تحكمها الضوابط هذه الظاهرة لم يسلم منها سريع غليزان الصاعد الجديد إلى حظيرة القسم الاحترافي الأول الذي اقال المدرب عمر بلعطوي مباشرة بعدما تمكن هذا الأخير من قيادة الفريق للفوز خارج الديار في الجولة الثالثة من المنافسة و تم تعويضه بالمدرب السابق للفريق عبد الكريم بن يلس الذي انسحب من الفريق مباشرة بعد نهاية الموسم الكروي الفارط. نفس الكلام ينطبق على جمعية مغنية الضيف الجديد على بطولة القسم الثاني هواة الذي اتفق في بداية الأمر مع عبد القادر بريك لقيادة القافلة الصائفة الماضية قبل أن ينسحب و يترك المشعل لفتحي بن كابو. هذه الصورة الخاطفة لهي اكبر دليل على ما تعيشه كرة القدم الجزائرية من نصب و علل في غياب قوانين تنظم هذا المجال و تضع حدا للفوضى السائدة في مختلف المنافسات الكروية . و حسب أراء جملة من الرياضيين و المتتبعين ، فان هناك العديد من الأسباب المتعلقة بتغيير المدربين ، لكن أهمها هي النتائج المخيبة للآمال أو المتواضعة ، ويرون أنه في جميع الأحوال يجب أن يعطى المدرب الفترة الكافية للحكم على قدراته ، أسوة بما فعل وفاق سطيف في إبقاءه على المدرب ماضوي منذ الموسم الماضي حتى الموسم الحالي ، والنتائج المتذبذبة للفريق في عهده. و المشكلة الرئيسية في تغيير المدربين هي سوء الاختيار من قبل إدارات الأندية في البداية، وخصوصاً تلك التي لا تعرف أهدافها والمراكز التي يجب أن تحققها أو البطولات التي يجب أن تحصدها أو تنافس عليها « . كما ان الحظ يلعب دوراً كبيراً في نجاح المدربين مع الفرق ، فكثيراً ما تعاقدت الاندية الجزائرية مع مدربين على أعلى مستوى لكنها لم تحقق شيئاً، وكثيراً أيضاً ما تم التعاقد مع مدربين مغمورين تمكنوا من صنع الفارق مع فرقهم، وينطبق الحال في ذلك على اللاعبين الأجانب. نعود و نقول ان تغيير المدربين ظاهرة سلبية في جميع الأحوال ، فهي لا تخدم الفرق ، وكذلك هي دليل على عدم الاختيار المناسب من قبل مسئولي الأندية في بلادنا. وحسب المختصين أنه على الأندية – قبل التعاقد مع المدرب – معرفة الأدوات التي يمتلكها الفريق ، ونقاط الضعف والقوة ، وقدرة المدرب الذي سيتم التعاقد معه على العمل في ظل تلك الثغرات أو نقاط الضعف ، أو مصادر القوة على حد سواء.فغالباً ما تحدث تغييرات سريعة على مدربي الأندية وهو شيء سلبي للغاية ، وغالباً ما يعمل المدرب الجديد على اللياقة البدنية للاعبين عند تسلمه لهمام التدريب ، وهو الشيء الذي قد يفقد الفريق طريقة اللعب الجماعي والتجانس بينهم ". و يؤكد هؤلاء على انه لا بد للأندية إعطاء الوقت الكافي للمدرب الذي تم التعاقد معه ، رغم النتائج السلبية ، فالثبات على الجهاز الفني أحد أهم أسباب نجاح فرق كرة القدم وأثبت فاعليته بشكل كبير، والدليل على ذلك ، ان العديد من الفرق سجلت نتائج ايجابية مع مدربين استقروا في العارضة الفنية كجمعية وهران و الحمراوة و سريع غليزان. عروض غير مدروسة وراء استفحال الظاهرة وما يحدث في بطولتنا من حالة الفوضى التي تتحكم في سيرورتها العرجاء لا يمث بصلة بما يجري في العالم فعلى سبيل المثال لا توجد هذه الظاهرة الدخيلة على كرتنا في قاموس النوادي الراقية على غرار ما تعرفه اسبانيا التي لا تعترف بهذا المنطق بل سنت قوانين بخصوص تغير المدربين وفرضت عقوبات على المخالفين تصل الى حد تجميد نشاط الاطار الفني لمدة سنة في حالة تنحيته من تدريب النوادي او استقالته مع ضمان تسوية كامل مستحقاته المالية وما يعني ان هذا الاجراء المعمول به في البطولة الاسبانية بإمكانه أن يحد من الظاهرة ويجعل المعنيون به يعيدون التفكير مرارا وتكرار قبل اللجوء إليه سيما المدربين الذين اصبحوا ملزمون بالتمسك بنواديهم حفاظا على الاستقرار ونفس القول ينطبق على الرؤساء الذين يراجعون قراراتهم الف مرة قبل تنحية المسئول الفني وهذا الجانب مفروغ منه في المانيا حيث تمتلك الطبقة الرياضية ثقافة واسعة بحث لا تتعامل مع المؤطر بالنتائج الفورية بل تبحث عن الاستقرار لتحقيق النجاح على المدى البعيد وهو ما يفسر مثلا احتفاظ مسئولو نادي بروسيا دورتموند بالمدرب الشهير يورغن كلوب الذي قاد الفريق الهاوية محتلا المرتبة الاخيرة في السنة الفارطة لكنه بقي مستقرا في منصبه الى غاية تأمينه البقاء ضمان التأهل الى كاس الاتحاد الاوربي قبل ان يرمي المنشفة بعدما ختم انهى مهمته مع بروسيا بتحقيق الاهم وتفادي السقوط .